بلومبرغ
سجلت ودائع البنوك الأميركية أكبر انخفاض في نحو عام، وتزامناً مع أسبوع شهد انهيار عدة بنوك، ما تسبب في أحدث موجة من الاضطرابات المالية العالمية. يعود ذلك التراجع إلى الانخفاض القياسي في ودائع البنوك الصغيرة.
تراجعت الودائع المصرفية بقيمة 98.4 مليار دولار إلى 17.5 تريليون في الأسبوع المنتهي يوم 15 مارس، وفقاً للبيانات الصادرة يوم الجمعة عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وانخفضت الودائع في البنوك الصغيرة بقيمة 120 مليار دولار، بينما ارتفعت في 25 مصرفاً كبيراً بنحو 67 مليار دولار.
تراجعت ما تُعرف باسم الودائع "الأخرى"، والتي تستثني الحسابات ذات تواريخ استحقاق مثل شهادات الإيداع، 78.2 مليار دولار إلى 15.7 تريليون. ومقارنة بالعام الماضي، انخفضت هذه الودائع الأكثر سيولة مثل حسابات التوفير والحسابات الجارية 6.1%، وهي النسبة الأكبر في البيانات التي تعود إلى أوائل السبعينيات.
· ارتفع الائتمان المصرفي، على أساس معدل موسمياً، 73.5 مليار دولار إلى 17.6 تريليون.
· قفز إجمالي الأصول، بما في ذلك السيولة النقدية في الخزينة، وكذلك الأرصدة المستحقة من مؤسسات الإيداع والاحتياطي الفيدرالي، 430.5 مليار دولار إلى 23.2 تريليون دولار، مسجلاً أكبر زيادة منذ الفترة التي أعقبت جائحة كورونا مباشرة.
· قفز إجمالي الالتزامات أكثر من 412 مليار دولار إلى 21.1 تريليون.
· ارتفع الإقراض التجاري والصناعي -الذي يُعتبر مقياساً للنشاط الاقتصادي- 20 مليار دولار إلى 2.83 تريليون.
تخارج الودائع
كانت البنوك تشهد بالفعل تخارجاً مطردا للودائع مدفوعاً بمعدلات فائدة أعلى في أماكن أخرى. بدأت عمليات سحب الودائع مع انتشار المخاوف بشأن النظام المصرفي سريعاً. واستثمر العديد من المودعين في صناديق أسواق المال. وتم ضخ أكثر من 117 مليار دولار في تلك الحسابات في الأسبوع المنتهي في 22 مارس، وفقاً لبيانات من "إنفستمنت كومباني إنستيتيوت" (Investment Company Institute).
برزت المعلومات الأسبوعية التي يصدرها الاحتياطي الفيدرالي عن البنوك الأميركية فجأة كمصدر بيانات رئيسي للأسواق والاقتصاد في أعقاب انهيار "سيليكون فالي بنك" والعديد من المصارف الأخرى. ورغم استمرار المخاوف المحيطة بسوق الائتمان، فقد مضى صناع السياسة قُدما في تاسع رفع على التوالي لأسعار الفائدة الأسبوع الماضي، إذ يسعون إلى القضاء على التضخم الذي لا يزال جامحاً.
قال "الاحتياطي الفيدرالي" في بيان في واشنطن بعد اجتماع استمر يومين، إن "النظام المصرفي الأميركي سليم ومرن"، رغم أنه حذر من أن "التطورات الأخيرة من المرجح أن تؤدي إلى تشديد شروط الائتمان للأسر والشركات وأن تؤثر على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم، كما أن مدى هذه التأثيرات غير مؤكد ".
تحركت السلطات الأميركية إزاء إخفاقات البنوك باتخاذ إجراءات استثنائية لتعزيز الثقة في النظام المالي من خلال استحداث وسيلة دعم جديدة للبنوك من المتوقع أن تكون كبيرة بما يكفي لحماية ودائع الأمة بأكملها.
أدت السرعة المفاجأة التي انهارت بها أربعة بنوك -في غضون 11 يوماً فقط- إلى حالة ترنح لدى المستثمرين. وتشير المؤشرات الأولية إلى أن البنوك شددت معايير الإقراض سعياً لدعم مواردها المالية، مما قلص تدفق القروض التي تساعد على تعزيز النمو الاقتصادي.
تدفق السيولة
قالت جين فريزر الرئيس التنفيذي لـــ"سيتي غروب" يوم الأربعاء في مقابلة مع ديفيد روبنشتاين المؤسس المشارك لمجموعة "كارلايل غروب" (Carlyle Group) في إحدى فعاليات النادي الاقتصادي بواشنطن: "إنه تغيير كامل لقواعد اللعبة عما رأيناه من قبل".
وأضاف: "كل ما هنالك أنه تم نشر تغريدتين، ثم حدث هذا الأمر بأسرع وتيرة في التاريخ. وبصراحة أعتقد أن الهيئات التنظيمية قامت بعمل جيد في الاستجابة بسرعة كبيرة، لأنه عادة ما يستغرق التصدي لهذه الأمور وقتاً أطول".
ارتفع إجمالي الإقراض المصرفي 63.4 مليار دولار إلى 12.2 تريليون في الأسبوع المنتهي في 15 مارس، وفقاً لأحدث بيانات الاحتياطي الفيدرالي.
يمثل أكبر 25 بنكاً محلياً ما يقرب من ثلاثة أخماس حجم الإقراض، لكن في بعض المجالات الرئيسية -بما في ذلك العقارات التجارية- تُعد البنوك الصغيرة أهم موفري الائتمان.
بعد انهيار "سيليكون فالي بنك"، قدم الاحتياطي الفيدرالي أدوات دعم إضافية للبنوك التي تحتاج إلى السيولة. واقترضت البنوك ما مجموعه 165 مليار دولار من مرفقين جديدين، وفقاً لبيانات منفصلة صدرت يوم الخميس، في علامة على ضغوط التمويل المتصاعدة.
إجمالاً، أضافت الزيادة الكبيرة في الاقتراض الطارئ نحو 440 مليار دولار من الاحتياطيات إلى الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي في غضون أيام، في تحول عن الانكماش الذي حدث بموجب السياسة المعروفة باسم التشديد الكمي، التي بدأت في يونيو من العام الماضي.
قبل ضخ الدعم، كانت الأصول النقدية التي تحتفظ بها البنوك -كحصة من إجمالي أصولها– قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات.
يشمل تقرير مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن أصول البنوك التجارية والتزاماتها، المعروف باسم "إتش.8"، تفاصيل الائتمان حسب الوجهة -مثل القروض الاستهلاكية والعقارية والتجارية- بالإضافة إلى الفئات بناءً على حجم البنك.