"الفيدرالي" قادر على محاربة التضخم.. ووقف عدوى البنوك أيضاً

لا ينبغي على البنك المركزي الأميركي أن يُضحّي بأهداف سياسته النقدية لتهدئة الاضطرابات في القطاع المالي

time reading iconدقائق القراءة - 11
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن بالولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن بالولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يواجه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ضغوطاً متزايدة للتضحية بأهداف السياسة النقدية لصالح الاستقرار المالي، انطلاقاً من أن اللوم يقع على زيادات أسعار الفائدة في الاضطرابات التي يشهدها القطاع المصرفي.

لكن، هذا خيار خاطئ. فبنك الاحتياطي الفيدرالي يستطيع محاربة التضخم ومخاطر العدوى في الوقت ذاته، بل ويتعين عليه ذلك.

تلوح في الأفق ذكريات الأزمة المالية العالمية في 2008، حيث تطال الأزمات البنك تلو الآخر، ويتخارج المستثمرون والمودعون أسرع من أي وقت مضى من دون سبب، ما يفاقم تأثير الصدمات على غرار ما حدث مع انهيار "سيليكون فالي بنك".

هل ما نمر به الآن مشابه للأزمة المالية العالمية؟

البنوك الأكبر والأكثر قوة، والتي تمتلك رؤوس أموال ضخمة، تشعر برغبة أقل في أن تهب للمساعدة، حيث تخشى الالتزامات القانونية غير المتوقعة التي جاءت مع الاستحواذات الطارئة في عام 2008، وكذلك متطلبات رأس المال الأعلى التي يتعين على المؤسسات المدمجة الأكبر استيفاؤها.

لكن ما نمر به ليس مشابهاً لعام 2008 من نواح رئيسية. فالبنوك الأكبر أكثر مرونة، ولديها احتياطيات أكبر من رأس المال، وهذا أحد أسباب تدفق الودائع إليها، والأسر والشركات في وضع مالي أفضل بفضل المساعدات المالية الضخمة التي حصلت عليها خلال فترة الجائحة، وكذلك، لا يوجد فقاعة إسكان تضخمها جزئياً أدوات مالية غامضة ومعقّدة وهشة للغاية.

هذه الاختلافات مهمة لأنها تعني أنه إذا كانت السلطات الأميركية تستطيع استعادة الثقة في النظام المصرفي، فإن الاضطرابات الأحدث لن تضرّ بالاقتصاد كثيراً. تشكّل البنوك ككل حصة أصغر من الوساطة المالية في الولايات المتحدة، والمؤسسات الإقليمية المتعثرة التي لا تتجاوز عدد أصابع اليد، تمثل نسبة هزيلة من إجمالي الأصول المصرفية، وبالتالي، لا يوجد سبب لتشديد شروط الائتمان بنفس القدر المشهود في 2008.

أما المشكلة الأساسية فتكمن في خسائر السندات الأطول أجلاً، وهي مشكلة يمكن معالجتها عبر تحمل مخاطر أقل ترتبط بأسعار الفائدة.

إذاً، ما الذي يعنيه ذلك لبنك الاحتياطي الفيدرالي؟

أولاً، ينبغي أن يقدم البنك المركزي الأميركي السيولة المطلوبة لدعم النظام المصرفي، مثلما فعل الأسبوع الماضي على سبيل المثال، عبر قبول السندات عالية التصنيف بقيمتها الاسمية كضمان مقابل السيولة. ومع تقليص المخاطر وعدم اليقين، يمكن للاحتياطي الفيدرالي تطبيق السياسة النقدية الأنسب للاقتصاد. يحتاج البنك المركزي إلى إظهار قدرته على فعل الأمرين: ضمان الاستقرار المالي كمقرض الملاذ الأخير، والحد من التضخم عبر تعديل مستوى أسعار الفائدة قصيرة الأجل.

خياران لا ثالث لهما

من المؤكد أن رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسة النقدية الأسبوع الجاري، سيكون قراراً متهوراً بالنظر إلى الوضع غير المستقر. ومثلما أشار مسؤولو الفيدرالي، فإن الوجهة أهم من سرعة الوصول إليها، والتحرك ببطء أكبر سيعطيهم الوقت لتقييم تأثير التحركات السابقة، ومن ناحية أخرى، خفض أسعار الفائدة بينما التضخم لا يزال مرتفعاً، سيكون أمراً مقلقاً أكثر منه مطمئناً.

هذا يترك الفيدرالي بين خيارين: إما التوقف المؤقت، أو الزيادة بمقدار 25 نقطة أساس. في الواقع، قد يتسبب رفع الفائدة في زعزعة استقرار الأسواق، إذ سيوحي بأن هناك قلقاً بشأن صحة النظام المصرفي. إلا أن المسؤولين يمكنهم التخفيف من هذا التأثير عبر الإشارة إلى أن المزيد من الزيادات "محتملٌ" في تفاصيل اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية وتوقعاتها لأسعار الفائدة.

من ناحية أخرى، أي رفع فوري سيقلّص أكثر هوامش أرباح البنوك من الفائدة، وقد يبدو مثيراً للجدل على المدى القصير في حال تفاقم أزمة المصارف.

بغض النظر عمّا يقرره الفيدرالي غداً، فإن الشيء الأكثر أهمية هو أن يفعل ما هو مطلوب على صعيد الاستقرار المالي في أقرب وقت ممكن، حتى يتمكن من مواصلة تطبيق السياسة النقدية المناسبة بأمان في الاجتماعات المستقبلية. لا ينبغي أن تقف مشكلة تمويل في عدد صغير من البنوك في طريق محاربة التضخم.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

نيويورك

9 دقائق

4°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
22.5 كم/س
66%