الشرق
يَعقد مجلس بنك المغرب المركزي غداً الثلاثاء، أول اجتماع له في العام الجاري، وسط ترجيحات بأن يواصل تشديد سياسته النقدية برفع سعر الفائدة الرئيسي 50 نقطة أساس إلى 3%، وفقاً لما قاله خبيران اقتصاديان لـ"اقتصاد الشرق"، إضافة إلى تقارير صادرة عن بنوك استثمار ومراكز أبحاث.
كان بنك المغرب قرر في سبتمبر وديسمبر الماضيين، رفع الفائدة 50 نقطة أساس في كل اجتماع لتصل حالياً إلى 2.5%، وذلك في إطار جهوده لكبح التضخم الذي أنهى العام الماضي عند معدل 6.6%، وبلغ في شهر يناير من العام الجاري 8.9%، مسجلاً أعلى مستوى له منذ عام 1991.
تأتي هذه التوقعات بعد قرار البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس إلى 3.5%، حيث يُرجّح المركزي الأوروبي أن يظلّ التضخم مرتفعاً لفترة طويلة. ويتأثر قرار بنك المغرب بما يعتمده البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفدرالي الأميركي.
المغرب يعتمد خارطة طريق لقطاع السياحة بـ580 مليون دولار
قد يصل معدل التضخم إلى 3.9% كمتوسط في 2023، وفقاً لتقديرات بنك المغرب المركزي، قبل أن يرتفع مجدداً في العام المقبل إلى 4.2% نتيجة عزم الحكومة تطبيق الرفع التدريجي لدعم أسعار المواد المستفيدة من نظام المقاصة، وهي الدقيق والسكر وغاز الطهي.
أعلى سعر منذ 2014
في حديثه إلى "اقتصاد الشرق"، توقع عمر باكو، الخبير الاقتصادي المتخصص بسياسة الصرف، أن يقرر البنك المركزي رفع الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. وقال إن مثل هذا القرار سيكون "منطقياً" بالنسبة لبنك المغرب مع استمرار ارتفاع التضخم.
في حال قرر المركزي المغربي المضي قدماً غداً في رفع الفائدة للمرة الثالثة على التوالي منذ سبتمبر، فسيصل سعر الفائدة إلى أعلى مستوياته المعتمدة منذ ديسمبر من عام 2014.
يتفق مع توقع الرفع يوسف كراوي فيلالي، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتيسير، إلا أنه أشار في حديث لـ"اقتصاد الشرق" إلى أن هذه السياسة لن تكون مجدية في محاربة التضخم، نظراً لكونه مستورداً في الأساس، وهو ما أكدت عليه قرارات زيادة الفائدة السابقة، والتي لم تنعكس تراجعاً في معدل التضخم.
استخدام المغاربة لـ"الكاش" يبلغ مستويات قياسية
خلال ترؤسه الاجتماع السنوي للجنة الوطنية لمناخ الأعمال في الرباط، الأربعاء الماضي، قال عزيز أخنوش رئيس الحكومة، إن تكلفة دعم أسعار الكهرباء والنقل والقمح وغاز الطهي والسكر عبر صندوق المقاصة، بلغت في العام الماضي 40 مليار درهم (3.8 مليار دولار)، وهو ما مكّن من تفادي مستويات أعلى للتضخم تتراوح بين 10 و11%، بدلاً من 6.6% التي تم تسجيلها عام 2022.
يقول باكو إن معظم المؤشرات تحسنت مع بداية العام، ولذلك لن يكون هناك خوف كبير من تأثير رفع الفائدة على النمو الاقتصادي بفضل أداء الموسم الزراعي واستقرار أسعار البترول، ناهيك عن نجاح عملية إصدار سندات خارجية بـ2.5 مليار دولار، وتجاوز أزمة السيولة لدى البنوك.
شبه إجماع على رفع الفائدة
توقع بنك الاستثمار "سي دي جي كابيتال" (CDG Capital) في تقرير أصدره الخميس، أن يرفع بنك المغرب سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي بمقدار 50 نقطة أساس، نظراً لاستمرار تداعيات التضخم واستدامته، وانتشاره إلى مختلف المنتجات، فضلاً عن استمرار أغلب البنوك المركزية عبر العالم في تشديد سياساتها النقدية.
البنك برّر توقعه هذا، بانتعاش القروض رغم رفع سعر الفائدة الرئيسي 100 نقطة أساس في العام الماضي، وهذا بالإضافة إلى التوقعات الإيجابية للنمو الاقتصادي خلال 2023، في ظل الظروف الملائمة للموسم الزراعي الجديد 2022-2023.
من جهته، لم يستبعد بنك الأعمال والاستثمار "سي إف جي" (CFG Bank) هو الآخر، استمرار سياسة التشديد النقدي، حيث قال في مذكرة أصدرها الأسبوع الجاري، إن هناك توجهاً للاستمرار في المسار ذاته الذي طبع العام الماضي، بعدما وصل التضخم إلى 6.6%، وقفز إلى 8.9% بداية العام الجاري، مقارنةً بمعدل العشر السنوات الماضية البالغ 1.5%.
بحسب تقرير بنك الاستثمار "سي دي جي كابيتال"، فإن استمرار تشديد السياسة النقدية من خلال رفع جديد لسعر الفائدة، ستكون له إيجابيات عدة، من بينها تثبيت توقعات التضخم، والعودة بشكل أسرع إلى هدف استقرار الأسعار، وخفض المعروض النقدي من العملة. أما سلبيات القرار، فتتمثل أساساً، وفق تقرير البنك، في تضييق شروط التمويل، وتباطؤ منح القروض، إلى جانب إضعاف النمو الاقتصادي، وتدهور أداء الشركات المُدرَجة في البورصة.
إلى ذلك، خلص استطلاع أجراه مركز التجاري للأبحاث (Attijari Global Research) المتخصص في الأسواق المالية، وشارك فيه 35 من الأطراف الأكثر تأثيراً في السوق المالية المغربية، إلى ترجيح كفة الرفع بمقدار 50 نقطة أساس لدى النصف منهم، مقابل 39% يرجحون رفعاً بـ25 نقطة أساس، فيما رجّح 8% فقط سيناريو التثبيت عند 2.5%، وتوقع 3% منهم فقط رفعاً بمقدار 100 نقطة أساس.