بلومبرغ
أغلق المنظمون في ولاية نيويورك بنك "سيغنتشر" (Signature) يوم الأحد، في ثالث انهيار مصرفي صادم خلال أسبوع، وسط جهود أوسع لمنع الأزمة من الانتشار أكثر.
وضع المنظمون الفيدراليون المقرض تحت الحراسة القضائية بعد أيام فقط من انهيار "سيلفرغيت كابيتال بنك" (Silvergate Capital Corp) الصديق للعملات المشفرة و"سيليكون فالي بنك" التابع لمجموعة "إس في بي فايننشال غروب" (SVB Financial Group).
قال المنظمون إن عملاء "سيغنتشر" المؤمن عليهم وغير المؤمن عليهم، سيكونون قادرين على الوصول إلى كل ودائعهم يوم الاثنين بموجب نفس "استثناء المخاطر النظامية" المتاح لعملاء "سيليكون فالي بنك".
جاء قرار إغلاق البنك بمثابة مفاجأة لمديريه، الذين اكتشفوا ذلك قبل وقت قصير من الإعلان العام، وفقاً لشخص مطلع على الأمر.
واجه البنك سحوبات كبيرة للودائع يوم الجمعة، لكن الوضع استقر بحلول يوم الأحد، على حد قول الشخص الذي طلب عدم الكشف عن هويته أثناء مناقشة مسألة خاصة.
دفاع عن البنك
قال عضو الكونغرس الأميركي السابق بارني فرانك، عضو مجلس إدارة بنك "سيغنتشر"، والمعروف بدوره في "قانون دود فرانك" الذي أدخل إصلاحات على التنظيم المالي في الولايات المتحدة في أعقاب الأزمة المالية العالمية: "أعتقد أنه إذا سُمح لنا بالفتح غداً، كان بإمكاننا الاستمرار. فلدينا دفتر قروض قوي، ونحن أكبر مقرض في مدينة نيويورك بموجب الائتمان للإسكان لذوي الدخل المنخفض.. أعتقد أن البنك كان يمكن أن يكون فقط مصدر قلق". ورفض ممثل عن البنك التعليق على الأمر.
قالت مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC) إنها نقلت كل ودائع بنك "سيغنتشر" وأصوله كافة إلى "سيغنتشر بريدج بنك" (Signature Bridge Bank NA)، وهو بنك متكامل الخدمات ستديره مؤسسة تأمين الودائع، حيث تقوم بتسويق عملية بيع البنك لمقدمي العطاءات المحتملين.
قال شخص مطلع على الأمر إن مزاداً على البنك قد يبدأ يوم الاثنين. ولم يكن لدى ممثل عن مؤسسة التأمين تعليق فوري.
قال فرانك إن السعر الذي ستأتي به العروض سيظهر قوة البنك.
قال: "أنا أتفهم التهافت على سحب الودائع.. لكنني أعتقد أنها كانت حالة كلاسيكية لنقص السيولة ولكنه ليس تعسراً، ونقص السيولة هذا عائد لأسباب خارجية كان من الممكن تجنبها".
يشبه نشاط "سيغنتشر" إلى حد كبير "سيليكون فالي بنك"، حيث يتكون العملاء بالكامل تقريباً من الشركات. كانت لدى "سيغنتشر" قاعدة ودائع في الغالب غير مؤمنة -ما يقرب من 90% من الودائع، مقابل 93% من الودائع المحلية في "سيليكون فالي بنك"- وقد يكون هذا ما جذب انتباه المنظمين الذين يتطلعون إلى البنوك ذات قواعد الودائع الكبيرة غير المؤمنة.
قال أوستن كامبل، الأستاذ المساعد بكلية كولومبيا للأعمال: "ما حدث في (سيلفرغيت) و(سيليكون فالي) كان إخفاقاً تقليدياً للغاية في قطاع البنوك، إلا إذا كانت هناك سحوبات للودائع أكبر من تلك التي نعرفها حتى الآن. ما لم تظهر تفاصيل سلبية صادمة في الميزانية العمومية، سيكون من الصعب تفسير ما حدث".
أقل تنوعاً
قال الشخص المطلع إن أصول البنك كانت أيضاً أقل تنوعاً من بعض نظرائه، ومن المحتمل أن يكون ذلك قد أدى إلى جعل إدارة الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة في العام الماضي -والتي أدت إلى تآكل قيمة السندات- أكثر صعوبة.
قد يتسبب انهيار "سيغنتشر بنك" في مشكلات خطيرة لأحد جوانب صناعة التكنولوجيا وقطاع التشفير. قالت "كوين بيس غلوبال" (Coinbase Global Inc)، أكبر بورصة عملات مشفرة في الولايات المتحدة، إن لديها رصيداً قدره 240 مليون دولار في البنك حتى ليلة الجمعة. قالت "باكسوس غلوبال" (Paxos Global) إن لديها 250 مليون دولار هناك أيضاً، وقالت إن "لديها تأميناً على الودائع الخاصة يزيد كثيراً على رصيدها النقدي وحدود مؤسسة التأمين الفيدرالية على الودائع لكل حساب".
حسابات العملات المشفرة
قالت نيسا أمويلس، الشريك الإداري في (A100x Ventures): "تم إغلاق خدمات العملات المشفرة بالكامل تقريباً من الخدمات المصرفية الأميركية الآن".
يعد "سيغنتشر" هو ثاني بنك صديق للعملات المشفرة يفشل في أقل من أسبوع. فيوم الأربعاء، أعلن "سيلفرغيت" عن خطط لإنهاء العمليات وتصفية البنك، بالتزامن مع تدقيق من المنظمين وتحقيق جنائي من قبل وحدة الاحتيال بوزارة العدل مع سام بنكمان بعد سقوط عملاق التشفير "إف تي إكس" (FTX) و"ألاميدا ريسيرش" (Alameda Research)، ليعقبه "سيليكون فالي بنك" بعد أقل من يومين.
بعد إغلاق شبكة التداول الخاصة بـ"سيلفرغيت" في أوائل شهر مارس، كانت منصة "سيغنت" (Signet)، وهي شبكة دفع تسمح لعملاء التشفير التجاريين بإجراء مدفوعات بالدولار في أي وقت على مدار سبعة أيام في الأسبوع- المنصة الوحيدة في المدينة التي يستخدمها العديد من عملاء التشفير لإرسال المدفوعات بسرعة إلى البورصات والموردين.
فقد أصدرت منصة "ليدجر إكس" (LedgerX)، وهي منصة مشتقات تشفير، توجيهاً للعملاء في وقت سابق بإرسال برقيات التحويلات المحلية إلى "سيغنتشر" بدلاً من "سيلفرغيت".
إذا خرجت منصة "سيغنت" التابعة لـ"سيغنتشر" من الساحة، فقد يواجه المستخدمون صعوبة في الدخول والخروج بسرعة من البورصات، ما يؤثر بشكل كبير على سيولة سوق التشفير.
قال حسيب قريشي، الشريك الإداري في شركة "دراغون فلاي" (Dragonfly) للعملات المشفرة، إن خسارة "سيلفرغيت" و"سيغنتشر" تركت شركات محفظته تشعر بالقلق، لا سيما تلك التي تتعامل في التمويل المركزي.
وأضاف: "إن أهم شيء في البنكين هو أنهما كانا الوحيدين اللذين يمتلكان بالفعل أنظمة تسوية عالمية على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع".
كان المنظمون الأميركيون يسابقون عقارب الساعة لإيجاد حلول لـ"سيليكون فالي بنك" المنهار ووقف العدوى المحتملة من الانتشار إلى المقرضين الآخرين.
حماية الودائع
قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين يوم الأحد، إنها وافقت على قرار خاص بـ"سيلكيون فالي بنك" "يحمي جميع المودعين بشكل كامل"، وهي خطوة تنطبق أيضاً على عملاء "سيغنتشر".
قالت الأجهزة الرقابية الحكومية في بيان أعلنت فيه أنها سيطرت على البنك، إن إجمالي أصول "سيغنتشر" يبلغ حوالي 110.36 مليار دولار، وإجمالي الودائع حوالي 88.59 مليار دولار كما في 31 ديسمبر. كان لدى "سيغنتشر" 40 فرعاً في ولايات نيويورك وكاليفورنيا وكونيتيكت ونورث كارولينا ونيفادا، وفقاً لمؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية.
وبعيداً عن منصة "سيغنت" التابعة للبنك، فقد بدأ المقرض في التراجع عن الأصول المشفرة في أعقاب انهيار "إف تي إكس" في أواخر العام الماضي، ولكن لا يزال لديه 16.5 مليار دولار من ودائع العملاء المرتبطة بالعملات المشفرة كما في 8 مارس.
قال الرئيس التنفيذي جوزيف جيه ديباولو في بيان بعد انهيار "سيلفرغيت": "للتذكير، لا يستثمر (سيغنتشر بنك) ولا يتاجر ولا يحتفظ ولا يقرض أو يقدم قروضاً مضمونة بأصول رقمية".
تمتلك "إف تي إكس" حسابات لدى "سيغنتشر بنك"، الذي قال إنها تمثل أقل من 0.1% من إجمالي الودائع. وفي ديسمبر، بعد انهيار "إف تي إكس"، قال "سيغنتشر" إنه يخطط للتخلص ممَّا يصل إلى 10 مليارات دولار من الودائع من عملاء الأصول المشفرة.