من أميركا إلى الأرجنتين.. هذه تحركات البنوك المركزية لضبط إيقاع التضخم

مستثمرو الولايات المتحدة يتطلعون لبيانات أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي

time reading iconدقائق القراءة - 11
متسوقون يحملون حقائب تسوق عليها علامة تي.جيه ماكس بحي سوهو في نيويورك بالولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
متسوقون يحملون حقائب تسوق عليها علامة تي.جيه ماكس بحي سوهو في نيويورك بالولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

من المتوقَّع أن تثير مقاييس التضخم المفضلة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبوع الجاري، علاوة على ارتفاع هائل في الإنفاق الاستهلاكي، الجدل بين أعضاء مجلس محافظي البنك المركزي الأميركي حول ضرورة تعديل وتيرة الزيادات في أسعار الفائدة.

تشير التوقُّعات إلى أنَّ مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة الأميركية سيصعد 0.5% خلال يناير الماضي بالمقارنة مع الشهر السابق، وهو ما يعد الارتفاع الأكبر منذ منتصف 2022. يتوقَّع متوسط تقديرات استطلاع رأي أجرته "بلومبرغ"، شمل خبراء اقتصاديين، صعوداً نسبته 0.4% لمقياس التضخم الأساسي، والذي لا يتضمن أسعار الغذاء والوقود ويجسد بصورة أدق معدلات التضخم الأساسية.

من المنتظر أن تسفر هذه الزيادات، على أساس شهري، عن إضعاف وتيرة تراجع معدل التضخم السنوي الذي ما يزال يتجاوز كثيراً هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

علاوة على ذلك، ستُبرز بيانات يوم الجمعة المقبل ارتفاع معدلات استهلاك الأميركيين بشدة، إذ يتوقَّع خبراء الاقتصاد أكبر زيادة في الإنفاق الاسمي على البضائع والخدمات منذ أكتوبر 2021.

عوامل صعودية

تشير التوقُّعات أيضاً إلى أنَّ تقرير الأسبوع الجاري سيكشف عن أكبر ارتفاع في الدخل الشخصي خلال عام ونصف، بتعزيز من سوق عمل قوية وعملية تسوية تكاليف المعيشة بالزيادة بطريقة كبيرة بالنسبة لمستفيدي برنامج الضمان الاجتماعي.

متى سنعرف أن أسعار الفائدة اقتربت فعلاً من ذروتها؟

في المحصلة، ستبرز بيانات الدخل والإنفاق، بحسب التوقُّعات، المصاعب التي يتعرّض لها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في ظل حملته الأكثر جرأة لتشديد السياسة النقدية خلال جيل.

يأتي التقرير المرتقب عقب صدور أرقام كشفت الأسبوع الماضي عن صعود مبيعات التجزئة وبيانات أسعار المستهلكين والمنتجين، التي جاءت أعلى من المنتظر.

"من المذهل أنَّ هبوط معدل التضخم على أساس سنوي توقف بطريقة كاملة، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات الأساسية الإيجابية وبيئة الإمدادات، مما يعني أنَّ الأمر لن يتطلب الكثير حتى يبلغ التضخم مستويات ذروة جديدة". - آنا وونغ وإليزا وينغر وستيوارت بول

رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"

رفع المستثمرون رهاناتهم على مدى زيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة خلال الدورة الحالية لتشديد السياسة النقدية، ويتوقَّعون في الوقت الحالي صعود سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 5.3% بحلول يوليو المقبل، بحسب العقود الآجلة لأسعار الفائدة، مقارنة بتكهنات صدرت قبل أسبوعين فقط ببلوغ أسعار الفائدة مستوى ذروة 4.9%.

تشديد أكثر

سيُنشر أيضاً، الأربعاء المقبل، محضر جلسة اجتماع السياسة النقدية الأخير لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي شهد زيادة البنك المركزي لسعر الفائدة الأساسي 25 نقطة أساس. ربما تسهم البيانات في تسليط الضوء على الرغبة في رفع الفائدة بقدر أكبر عندما يجتمع صنّاع السياسة النقدية مرة أخرى خلال مارس المقبل، عقب تصريحات صدرت مؤخراً عن بعض المسؤولين التي تلمح إلى ذلك الأمر.

أكدت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند لوريتا ميستر الأسبوع الجاري أنَّها توقَّعت "مبررات اقتصادية دامغة" لاقتراح عملية رفع ثانية بمقدار 50 نقطة أساس في وقت سابق من الشهر الجاري، في حين أوضح جيمس بولارد من بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس أنَّه لن ينفي تأييده لزيادة بهذا القدر في اجتماع مارس المقبل.

مضاربون يراهنون بأموال ضخمة على بلوغ فائدة "الفيدرالي" 6%

تأتي مبيعات المنازل الجديدة والقائمة لشهر يناير الماضي، علاوة على التقدير الثاني للناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير من 2022، من بين البيانات الأميركية الأخرى المنتظر صدروها الأسبوع الجاري.

أميركا الشمالية

في منطقة أخرى، بأميركا الشمالية، ستخبر بيانات معدل التضخم في كندا خلال شهر يناير الماضي المتداولين عن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة عقب إعلان بنك كندا المركزي وقفاً مشروطاً لزياداتها، حتى تشهد سوق العمل مزيداً من النقص.

تباطؤ نمو اقتصاد كندا إلى 1.6% في الربع الأخير بضغط الفائدة المرتفعة

في غضون ذلك، يأتي بيان رئيس البنك المركزي الياباني المقبل، واجتماع مجموعة وزراء المالية للدول العشرين الكبرى، وارتفاع أسعار الفائدة في نيوزيلندا وإسرائيل، من بين الأحداث المهمة الأخرى خلال الأسبوع المقبل.

نلقي فيما يلي نظرة موجزة على ما سيحدث بالنسبة للاقتصاد العالمي:

آسيا

في أسبوع مهم على صعيد أعمال البنوك المركزية في آسيا والمحيط الهادئ؛ سيتعرّف المستثمرون لأول مرة على تفاصيل وجهات نظر كازو أويدا إزاء السياسة النقدية يوم الجمعة المقبل أثناء جلسات استماع برلمانية هي الأولى للمرشح لتولي منصب محافظ بنك اليابان المركزي.

نائب محافظ بنك اليابان: لا تغيير للسياسة النقدية في مارس

سيعقبه ارتفاع آخر منتظر لأسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي النيوزيلندي، إذ يستمر في مكافحة التضخم الذي تفوق نسبته 7%.

تشير التوقُّعات إلى أنَّ بنك كوريا المركزي سيوقف زيادات أسعار الفائدة في ظل مؤشرات وجود ضغوط على اقتصاده، برغم أنَّه من غير المستبعد إقرار زيادة أخرى بالنظر إلى استمرار تجاوز التضخم لمعدل 5%.

يُرجح أن يسلط محضر الاجتماع الأخير لبنك الاحتياطي الأسترالي الضوء أكثر على طريقة تفكير مجلس إدارته حول رفع أسعار الفائدة، بينما يكافح محافظ البنك فيليب لوي للتصدي لانتقادات متعلقة بأسلوب إدارته.

قبيل عطلة نهاية الأسبوع الجاري؛ من المنتظر أن تُظهر أرقام التضخم اليابانية أنَّه ما زال يوجد ارتفاع كبير في الأسعار يتطلّب دراسة من جانب محافظ بنك اليابان الجديد.

على صعيد الهند، من المقرر أن يجتمع لديها وزراء مالية مجموعة دول العشرين الكبرى في وقت لاحق من الأسبوع الجاري لبحث أوضاع الاقتصاد العالمي في اجتماع هو الأول من نوعه للعام الجاري.

أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا

توفر أبرز بيانات منطقة اليورو، بما فيها قراءات استطلاع رأي سريع شملت مديري المشتريات لتوقُّعات فبراير الجاري، نظرة ثاقبة على مدى تماسك الاقتصاد جيداً عقب نموه على نحو مخالف للتوقُّعات خلال الربع الأخير من العام الماضي، التي من المزمع نشرها بعد غد الثلاثاء.

تزداد أهمية البيانات النهائية لمعدلات التضخم في منطقة اليورو، المنتظر صدورها الخميس المقبل، أكثر من المعتاد إثر حذف بيانات ألمانية متأخرة من التقديرات الأولية. ويتوقَّع خبراء اقتصاد إجراء مراجعة بزيادة محدودة.

بالنسبة لألمانيا في حد ذاتها؛ سيوفر مؤشر معهد بحوث الاقتصاد لثقة الشركات، الأربعاء المقبل، ملمحاً حول مدى تخطي أكبر اقتصاد أوروبي لأزمة نقص الطاقة. يتوقَّع خبراء اقتصاديون أن تشهد كل المقاييس الرئيسية تحسناً.

على صعيد المملكة المتحدة، حيث تراجع التضخم بوتيرة أكبر من المنتظر خلال الشهر الماضي، سيتابع المستثمرون تحليل مسؤولي بنك إنجلترا المركزي لتأثير ذلك على السياسة النقدية. ومن المقرر حضور كاثرين مان وسيلفانا تينريرو .

بنك إنجلترا يرفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس إلى 4%

في منطقة دول الشمال، سينشر بنك السويد المركزي، غداً الإثنين، المحضر الأول لاجتماعه خلال 2023. كان هذا القرار، الذي شهد رفع سعر الفائدة نصف نقطة مئوية، وتعهد البنك ببيع سندات، يمثل تحولاً للعمل على تقوية سعر صرف العملة المحلية "كرونا" بشكل أكبر، في أول اجتماع لمحافظه الجديد إريك ثدين.

إلى الجنوب

مع الاتجاه جنوباً، يرجح أن يقر بنك إسرائيل المركزي أقل زيادة بأسعار الفائدة في دورة التشديد النقدي الحالية عن طريق زيادة مؤشره الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية ليسجل 4% غداً الإثنين، لكنَّ عودة التضخم المفاجئة للصعود، علاوة على اضطرابات سياسية، تفاقم مخاطر أن يلجأ صنّاع السياسة النقدية لزيادة بقدر أكبر.

سيعلن وزير المالية الجنوب أفريقي إينوك غودونغوانا، الأربعاء المقبل، ميزانية بلاده السنوية. ومن المنتظر أن يوضح المبلغ الذي ستتحمّله الحكومة من ديون شركة الطاقة الحكومية "إسكوم هولدينغز" (Eskom Holdings SOC) البالغة 400 مليار راند (ما يعادل 22 مليار دولار).

ربما تكشف بيانات نيجيريا، الأربعاء المقبل، عن تراجع معدل النمو إلى 1.9% خلال الربع الأخير من 2.3% في فترة الشهور الـ3 السابقة، بحسب تقديرات خبراء اقتصاد. يأتي ذلك في وقت يقلّص فيه عجز السيولة النقدية، وتزايد تكاليف خدمة الديون، وتدهور أرصدة المالية العمومية، وهبوط سعر صرف النيرة، والمخاوف المرتبطة بالانتخابات، عمليات الإنفاق والاستثمار.

شراء مكثف للدولار في نيجيريا بعد خطة لإعادة تصميم "النيرة"

يرجح أيضاً أن يخفّض بنك تركيا المركزي أسعار الفائدة دون 9%، بحسب ما وعد الرئيس رجب طيب أردوغان في وقت سابق من الشهر الجاري. ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أنَّ الزلازل المدمرة التي شهدتها البلاد ستدفع المسؤولين أيضاً نحو تخفيف السياسية النقدية أكثر يوم الخميس المقبل.

أميركا اللاتينية

بالنسبة للمكسيك؛ من المفترض أن يُبرز تقرير أسعار المستهلكين لمنتصف الشهر البيانات الواضحة، إذ إنَّ التضخم مرتفع بأكثر من المعدل المستهدف وما يزال صامداً، إذ يقترب معدل التضخم الكلي من 7.8%، في حين تواصل بيانات التضخم الأساسي تجاوزها نسبة 8%.

ربما يوفر محضر اجتماع بنك المكسيك المركزي الذي عقد في 9 فبراير بعض الإرشادات تجاه ما يراه صنّاع السياسة النقدية أنَّه من المحتمل أن يكون معدلاً محتملاً أقصى يفوق 11% في الوقت الحالي وخلال الفترة التي ربما يقررون الإبقاء عليه خلالها عند ذلك المعدل.

ستُظهر بيانات الناتج القومي الإجمالي لشهر ديسمبر للأرجنتين والمكسيك على الأرجح أنَّ كلا الاقتصادين يتراجعان سريعاً. ومن المنتظر أيضاً أن يكشف تقرير الناتج القومي لبيرو الخاص بالربع الأخير من العام السابق عن ضعف القوة الدافعة، مما يمثل انعكاساً لاندلاع فوضى سياسية واضطرابات في أنحاء البلاد خلال ديسمبر الماضي نتيجة عزل الرئيس بيدرو كاستيلو.

سينشر بنك البرازيل المركزي نتائج استطلاع رأي حول توقُّعات السوق خلال منتصف الأسبوع الجاري مع نهاية عطلة موسم "الكرنفال" الشعبي. وعقد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ورئيس البنك المركزي روبرتو كامبوس نيتو اجتماعات على مستوى رفيع قد تسهم في الحد من التوترات المتعلقة بالسياسة النقدية التي ترجع، جزئياً على الأقل، لصعود توقُّعات معدل التضخم.

ربما تكشف بيانات أسعار المستهلكين لمنتصف الشهر المقرر نشرها الجمعة المقبلة عن أنَّ التضخم سيستقر قرب 5.79%، بحسب التوقُّعات الحالية حتى نهاية 2023، وهو يمثل المستوى الذي انتهى عنده العام 2022.

تصنيفات

قصص قد تهمك