بلومبرغ
تسبب قرار بنك اليابان الإبقاء على سياسته النقدية دون تغيير اليوم الأربعاء، بنوع من الصدمة لدى المستثمرين العالميين، وأبقى الأسواق، من الين إلى سندات الخزانة، بانتظار الصدمة الأكبر التي قد يحدثها التحوّل المستقبلي في هذه السياسة.
شكل القرار مفاجأة لبعض المتعاملين، لكن من غير المرجح أن يخفف من التكهنات بأن البنك المركزي سيعمل على تطبيع السياسة النقدية مع تسارع التضخم في اليابان، وقرب انتهاء ولاية محافظه، هاروهيكو كورودا.
يشير ذلك إلى انتكاسة مؤقتة للمراهنات على قوة الين وبيع السندات، حيث يقول المحللون إن السؤال هو متى -وليس ما إذا كان- البنك المركزي قد يوقف سياسة التحكم في منحنى العائد.
انخفضت العملة اليابانية بأكثر من 2%، فيما انخفضت السندات اليابانية مع تغطية المتداولين لصفقات البيع، ومع ارتفاع الأسهم. تراجعت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات جنباً إلى جنب مع نظيرتها الأسترالية، في حين ارتفع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.5% بعد أن أبقى بنك اليابان على موقفه شديد التيسير.
قال مايانك ميشرا، الخبير الاستراتيجي لدى "ستاندرد تشارترد" في تعليقه على قرار السياسة النقدية: "نعتبر ذلك بمثابة وقفة على الطريق، نحو مزيد من تطبيع السياسة النقدية". وأضاف: "نظل متفائلين إزاء صعود الين الياباني، ونتوقع أن تستمر فروق العوائد في دعم العملة بشكل أكبر مع تطبيع بنك اليابان للسياسة النقدية، وتباطؤ النمو والتضخم عالمياً".
متداولو الين يتأهبون لأصعب يوم منذ الأزمة العالمية في 2008
مخاطر السندات العالمية
كان يُنظر إلى السندات في الأسواق العالمية الأخرى على أنها الأكثر عرضة للمخاطر التي قد تنتج عن أي تحوّل في السياسة النقدية في اليابان يدفع عائدات سنداتها إلى الارتفاع، ما قد يؤدي إلى موجة من الأموال المتدفقة القادمة من حيازات خارجية كبيرة. يعتبر المستثمرون اليابانيون أكبر المالكين الأجانب لسندات الخزانة الأميركية، وقال خبراء استراتيجيون إن السندات في أستراليا وفرنسا معرضة للخطر أيضاً.
ساعد ارتفاع عائدات السندات اليابانية خلال العام الماضي في تسجيل السندات الأجنبية مبيعات قياسية بلغت 21.7 تريليون ين (166 مليار دولار) خلال 2022، وفقاً لبيانات أولية من وزارة المالية تعود إلى عام 2005.
قال ريتشارد فرانولوفيتش رئيس استراتيجية العملة لدى "ويستباك بانكينغ كورب" (Westpac Banking Corp): "كان الخوف الأكبر يتمثل في حدوث الاضطراب الجماعي الذي كان من الممكن أن يحدث في حال تخارج المستثمرين اليابانيين من أسواق السندات الأميركية ومنطقة اليورو وأستراليا بشكل جماعي بفضل عائدات محلية أكثر جاذبية". وأضاف "هذه الأخبار اليوم تُبقي بنك اليابان في موقعه كركيزة للعوائد عالمياً".
أبقى بنك اليابان اليوم على مرتكزيات سياسته النقدية دون تغيير، تاركاً سعر الفائدة السلبي عند (-0.1%)، مع المحافظة على نطاق تداول عند 50 نقطة أساس للسندات لأجل 10 سنوات. كانت هناك بعض التوقعات بأنه قد يرفع الحد الأقصى، أو أنه قد يتخلى عن التحكم في منحنى العائد.
خلال مؤتمر صحافي أعقب الإعلان عن قرار بنك اليابان، قال كورودا إنه لا يرى ضرورة لتوسيع نطاق العائد بشكل أكبر.
ضعف الين
قال كيري كريغ، استراتيجي الأسواق العالمية في "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت" (JPMorgan Asset Management) في ملبورن: "كانت السوق تبحث عن شيء لم يكن موجوداً من حيث التحوّل في السياسة النقدية من قِبل بنك اليابان.. كان من الواضح نسبياً أن مسؤولي البنك سيركّزون على تحقيق قدرتهم على توجيه الأسواق، بدلاً من ترك السوق تملي عليهم ما سيحدث".
يمهّد موقف البنك الطريق أمام ضعف الين في الأجل القصير على الأقل، حيث يقول بعض المحللين إنه قد ينخفض إلى حوالي 135 مقابل الدولار. يتم تداول العملية اليابانية اليوم حول 128 يناً للدولار. وسلط آخرون الضوء على عدم استدامة مشتريات بنك اليابان من السندات، كطريق لتجديد قوة الين.
محافظ بنك اليابان: تعديلات السياسة ليست خروجاً عن التيسير النقدي
من جهته، كتب أمير أنفارزاده، الاستراتيجي في شركة "أسيميتريك أدفايزورز" (Asymmetric Advisors)، في مذكرة: ""لا نعتقد أن هذا يغير شيئاً، لأن بنك اليابان سيضطر إلى الاستمرار في الدفاع عن سياسة التحكم في منحنى العائد، من خلال شراء المزيد من سندات الحكومة اليابانية". وأضاف: "عاجلاً أم آجلاً، هم بحاجة إلى تعديل هذه السياسة مرة أخرى، سواء في عهد كورودا أو الحاكم التالي، لكن حجم مشتريات البنك من سندات الحكومة اليابانية لا يزال غير مستدام، وسيرتفع الين مرة أخرى نحو المستوى 120 يناً للدولار".
الفائدة السلبية.. باقية
قال البنك المركزي إنه سيواصل شراء السندات على نطاق واسع، وزيادة المشتريات على أساس مرن إذا لزم الأمر. كما عزّز مخصصات القروض للبنوك التجارية، في محاولة لتشجيعها على شراء المزيد من الديون، وهو تكتيك آخر للبنك في دفاعه القوي عن سياسته النقدية.
في مؤتمره الصحفي، لم ير كورودا أي مخاطر محددة لشراء السندات، ورفض استبعاد أسعار الفائدة السلبية لعمليات التمويل في بنك اليابان، والذي يدفع البنوك بشكل أساسي لشراء الديون اليابانية.
عصر العائدات السلبية يولّي مع ارتفاع سندات اليابان فوق الصفر
قال هيديهيرو جوك، كبير محللي السندات في شركة "ميزوهو سكيوريتيز" (Mizuho Securities) في طوكيو، إن برنامج القرض كان "مفاجأة إيجابية للسوق"، وإلا، لماذا ارتفعت سندات الخزانة الأميركية وديون الحكومة الأسترالية؟".
توقيت التحول
علاوة على ذلك ، يستعد خبراء الاقتصاد لتغيير السياسة النقدية، مع توقعهم لتوقيت التحوّل المنتظر، وفقاً لاستطلاع أجرته بلومبرغ هذا الشهر. يتوقع البعض الآن تعديلًا في أبريل، وهو الاجتماع الأول المقرر في ظل الحاكم الجديد للبنك، بينما يتوقع البعض الآخر أن يأتي التحّول في يونيو.
قال هيديو كومانو، الخبير الاقتصادي في معهد "داي-إيتشي لايف" للأبحاث (Dai-Ichi Life Research Institute)، إن قرار البنك اليوم، "يعني أن هناك احتمالاً أكبر بأن يمرّر بنك اليابان إطار السياسة الحالي إلى قيادته المقبلة، بدلاً من تغييره تحت قيادة كورودا".