بلومبرغ
من المتوقع أن تتسبب النظرة المستقبلية الاقتصادية التي تزداد قتامة للمملكة المتحدة في أكبر انقسام على الإطلاق بين صنّاع السياسة النقدية في بنك إنجلترا بشأن حجم الزيادة في أسعار الفائدة، مع احتمال حدوث انقسام في الآراء إلى 4 مسارات مختلفة لأول مرة.
قلق متزايد
يراهن المستثمرون على أن لجنة السياسة النقدية، التي تتكون من 9 أعضاء بقيادة محافظ البنك، أندرو بيلي، سترفع سعر الإقراض الأساسي بنصف نقطة مئوية إلى 3.5%، وهي أعلى نسبة خلال 14 عاماً.
رغم ذلك، فإن القلق المتزايد بشأن ركود اقتصادي وضغوط تكاليف المعيشة القياسية فتح باب النقاش حول القوة التي ينبغي على بنك إنجلترا أن يستخدمها في التعامل مع التضخم، الذي يظل في أعلى مستوياته منذ 41 عاماً. سيضع ذلك المحافظ أندرو بيلي في مواجهة صعوبات للوصول إلى إجماع على قرار من المتوقع التوصل إليه 15 ديسمبر، وربما يستخدم صوته المرجح لترجيح الكفة.
اقتصاديون بريطانيون: توقعات بنك إنجلترا بشأن الركود مضللة
قال جورج باكلي، الاقتصادي الأوروبي في "نومورا"، إن الاجتماع سيكون "موضع نقاش ساخن، وعلينا ألا نفاجأ إذا انتهى الحال إلى انقسام إلى 4 فِرق".
يبرز نطاق المعارضة النظرة المستقبلية الضعيفة والضبابية غير المعتادة للمملكة المتحدة، ما يرسم مقارنات مع السبعينيات من القرن الماضي عندما وُصفت الدولة بأنها "رجل أوروبا المريض". لم يخرج نطاق الآراء في اللجنة عن نصف نقطة مئوية من قبل، كما لم تكن هناك 4 آراء مختلفة خلال التصويت في اجتماع واحد من قبل.
توقعات نتائج التصويت
قال روب وود، الاقتصادي البريطاني في "بنك أوف أميركا"، إن التصويت قد يكون 2-5-2، بتصويت عضوين على إبقاء سعر الفائدة كما هو، وتصويت 5 أعضاء لصالح الرفع بنصف نقطة مئوية، وتصويت عضوين على زيادة قدرها ثلاثة أرباع نقطة مئوية. لكنه أضاف: "نرى احتمال الانقسام إلى 4 فِرق مختلفة"، مع احتمال اختيار أحد الأعضاء الأكثر ميلاً للتيسير النقدي زيادة قدرها ربع نقطة مئوية.
من شأن ذلك أن يُمثّل أكثر الانقسامات عمقاً في لجنة السياسة النقدية منذ أن فاز بنك إنجلترا بسلطة تحديد أسعار الفائدة في 1997. قبل ذلك، كان مستشار الخزانة يحدد أسعار الفائدة بعد الاستماع للنصيحة من بنك إنجلترا.
التضخم في المملكة المتحدة يقفز لأعلى مستوى منذ أكثر من أربعة عقود
مستوى التضخم، الذي وصل إلى 11.1%، بما يزيد على 5 أضعاف المستوى المستهدف لبنك إنجلترا عند 2%. لكن البنك المركزي يتوقع ركوداً يحد من الطلب ويقضي على زيادة الأسعار كما يرفع من مستوى البطالة، حتى لو ظلت أسعار الفائدة عند مستواها الحالي البالغ 3%.
"من المرجح أن يذهب قرار بنك إنجلترا في ديسمبر إلى مدى أبعد مما تأخذه السوق في حساباتها بالفعل. ظلت البيانات التي نُشرت منذ آخر اجتماع لصنّاع السياسات كما هي، ما أضعف فرص تهدئة وتيرة التشديد النقدي". دان هانسون وآنا أندرادي، اقتصاديان لدى بلومبرغ
ما يقوله اقتصاديو بلومبرغ
علامات تحوّل
يتوقع بنك إنجلترا ومكتب مسؤولية الميزانية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية واتحاد الصناعة البريطاني وغرف التجارة البريطانية ركوداً العام المقبل، إذ يضغط ارتفاع التضخم على الدخل بشكل كبير وتؤثر أسعار الفائدة المرتفعة على الاستثمار.
يتوقع الاقتصاديون والأسواق أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة بين 4% و4.5%.
بنك إنجلترا يقر أكبر زيادة بأسعار الفائدة منذ 33 عاماً
يُعقّد الأمور شح الأيدي العاملة في سوق العمل، إذ تراجعت المشاركة بشكل كبير لدرجة أن أصحاب العمل يحتاجون لدفع أجور أعلى للموظفين، وتشجّعت النقابات العمالية للدعوة إلى الإضرابات من أجل أجور أعلى. مع ضعف قدرة الاقتصاد على زيادة المعروض، يقلق الخبراء من أنه سيكون من الصعب ترويض التضخم مقارنة بأماكن أخرى.
في الوقت نفسه، تُظهِر البنوك المركزية على مستوى العالم علامات تحوّل، إذ يبدو الآن أن التضخم وصل لذروته، مع إشارة بنك الاحتياطي الفيدرالي بالولايات المتحدة مؤخراً إلى أنه يسعى لإبطاء وتيرة التشديد النقدي. ليس من المرجح أن يبدأ بنك إنجلترا الحديث عن خفض أسعار الفائدة في الوقت الحالي قبل تراجع التضخم.
مزيد من التشديد
قالت سونالي بونهاني، رئيسة قسم الاقتصاد البريطاني في "كريدي سويس": "تجربة الأشهر القليلة الماضية تظهر أن التضخم أصبح له قاعدة عريضة، لذا لا يريدون تيسير السياسة النقدية قبل الأوان فيعاود التضخم الظهور مرة أخرى".
خلال آخر اجتماعين، كانت لجنة بنك إنجلترا منقسمة إلى 3 آراء. كان لدى بعض الأعضاء مخاوف بشأن التشديد المستمر في سوق العمل بالمملكة المتحدة وعلامات توقعات ارتفاع التضخم. أما البعض الآخر، فكانوا قلقين من أن الفترة التي تحتاجها السياسة لكي تؤتي ثمارها، وهي 18 شهراً، ستعني أن تأثير رفع أسعار الفائدة سيظهر في الوقت الذي يحتاج الاقتصاد فيه إلى دعم.
وزير الخزانة: اقتصاد المملكة المتحدة في حالة ركود بالفعل
في نوفمبر، أشارت أغلبية الأعضاء إلى أن هناك حاجة للمزيد من التشديد. ويتوقع "بنك أوف أميركا" و"إنفستك" رفع أسعار الفائدة بنصف نقطة هذا الشهر. ويتوقع "نومورا" ارتفاعاً يبلغ ثلاثة أرباع نقطة، مماثلاً لنوفمبر، وهي أكبر زيادة منذ 1989.
رؤية غير واضحة
تساهم بعض البيانات الاقتصادية الرئيسية، التي ستُنشر قبل التصويت الذي يجري الأسبوع المقبل، في الضبابية خلال هذا الاجتماع.
ربما تُظهِر الأرقام، يوم الإثنين، أن الاقتصاد تعافى في أكتوبر بعد تراجع كبير في سبتمبر، عندما علّق الكثير من الأنشطة لوفاة الملكة إليزابيث الثانية.
قد يوضح تقرير الوظائف، الثلاثاء، نمو الوظائف أسرع من المستوى المقبول لبنك إنجلترا. كما قد تُظهِر بيانات التضخم لشهر نوفمبر، الأربعاء، انخفاضاً مقارنةً بنسبة الشهر الماضي التي بلغت 11.1%.
ارتفاع تكاليف الاقتراض مصدر جديد للقلق في اقتصاد بريطانيا
أضاف باكلي من "نومورا": "إن مجموعة من القرارات ليست مبررة بالكامل فحسب الأسبوع المقبل، لكن لدينا عدد من البيانات الرئيسية التي يجب أن تكون عالية التأثير".
تحوّل سوق العمل
قال وود إن المسوحات تشير إلى "تحوّل" سوق العمل، مع تراجع كل من الوظائف الشاغرة والتوظيف، لكن "نمو الأجور لا يزال أعلى بكثير من اللازم". أشار باكلي إلى أن التضخم الأساسي، الذي لا يشمل أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، ما يزال مشكلة عند 6.5%.
بيان فصل الخريف من الخزانة، الذي نشره مستشار الخزانة بعد آخر اجتماع لبنك إنجلترا، زاد من غموض النظرة المستقبلية أكثر.
رغم إعلان المستشار تشديداً في السياسة المالية بقيمة 55 مليار جنيه إسترليني بنهاية التوقعات للسنوات الـ5 المقبلة، فإن النظرة المستقبلية الآنية تتجه للمزيد من التحفيز. يأتي ذلك بشكل كبير من خلال حزمة لدعم أسعار الطاقة ستحدد سقف الفاتورة السنوية المعتادة للأسر عند 2500 جنيه إسترليني في العام حتى شهر أبريل، عندما ترتفع إلى 3 آلاف إسترليني.
قال ديف رامسدن، نائب محافظ بنك إنجلترا للأسواق، إن تأثير ذلك على القرار بشأن أسعار الفائدة سيكون "محدوداً للغاية".