الشرق
تتجه البنوك السعودية المدرجة إلى تحقيق أعلى أرباح في تاريخها هذا العام، بعدما سجلت مستويات قياسية خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، إلا أنها ستحتاج إلى سيولة من البنك المركزي لدعم نمو القروض في الربع الرابع إذ تجاوزت نسبة الإقراض إلى الودائع بأغلب البنوك 100% حالياً.
بلغت أرباح الربع الثالث من العام الجاري 16.5 مليار ريال، مسجلة نمواً نسبته 23% على أساس سنوي، وفق حسابات "الشرق" اعتماداً على القوائم المالية للبنوك.
حققت البنوك خلال الربعين الأول والثاني أيضاً أرباحاً قياسية، إلا أن أرباحها خلال الربع الثالث كانت الأعلى على الإطلاق.
إذا ما استمرت البنوك السعودية على مستوى نموها خلال العام الجاري، فإن أرباحها المجمعة قد تصل إلى 61.9 مليار ريال خلال 2022.
رفع الفائدة
نمو الأرباح خلال الربع الثالث يعود جزئياً إلى ارتفاع صافي دخل البنوك من عمولات التمويل والاستثمار بنسبة 15% خلال الربع الثالث من العام الجاري على أساس سنوي، بدعم من نمو أسعار السايبور بين البنوك السعودية، إذ ارتفعت بنحو 230 نقطة أساس على أساس سنوي.
رفع البنك المركزي السعودي أسعار الفائدة بنحو 150 نقطة أساس خلال الربع الثالث من العام الجاري، على خطى الفيدرالي الأميركي الذي يشدد سياسته النقدية لمكافحة التضخم.
أسعار الفائدة في السعودية ارتفعت ثلاث مرات خلال العام الجاري، من 1% إلى 3.75 % لاتفافيات الشراء، و من 0.5 % إلى 3.25 % لإعادة الشراء المعاكس.
مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي يستعدون لرفع آخر كبير للفائدة
أداء البنوك السعودية المدرجة خلال الربع الثالث:
دخل العمولات الخاصة | صافي الدخل | متوسط أسعار السايبور | |
الربع الثالث 2022 | 31.95 | 16.5 | 3.14% |
الربع الثالث 2021 | 23.14 | 13.44 | 0.796% |
جودة الأصول
ارتفاع أسعار الفائدة، إضافة إلى جودة محفظة قروض البنوك السعودية ونموها، من الأسباب الرئيسية لنمو أرباح البنوك لهذا المستوى، وفق عبدالله باعشن رئيس مجلس إدارة شركة تيم ون للاستشارات المالية.
معظم قروض البنوك السعودية بفائدة متغيرة بالتالي استفادت من رفع الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة، وفق باعشن. وأضاف أن محفظة قروض البنوك ذات أصول جيدة إذ إن نسبة كبيرة منها لـ"القطاع الخاص" خاصة الشركات الكبيرة إضافة إلى "السندات والصكوك الحكومية" التي تكون مضمونة، في حين أن قروض الأفراد تشكّل النسبة الأقل.
ما عزز أداء البنوك أيضاً، الودائع تحت الطلب التي تشكّل نسبة كبيرة من إجمالي الودائع، إذ إن هذه الودائع لا تكلّف البنوك أية فوائد لملاكها بسبب النظرة الشرعية للفائدة بالسعودية.
عبدربه زيدان رئيس الأبحاث والدراسات في "أرقام"، أشار إلى أن الأرباح القياسية للبنوك تعود إلى المستويات القياسية في حجم الإقراض.
بلغت محفظة الإقراض لدى البنوك 2264 مليار ريال وهذا يُعدّ رقماً قياسياً جديداً لدى البنوك السعودية، وفق زيدان. تزامن نمو محفظة الاقراض مع ارتفاع أسعار الفائدة على القروض بشكل متسارع، ما عزز من عوائد التمويلات لدى البنوك ومن ثم انعكاسه على الأرباح.
أشار زيدان إلى أن استقرار وتراجع المخصصات لدى بعض البنوك ساهم في نمو الأرباح بسبب جودة المحفظة الائتمانية لدى البنوك السعودية.
عن توقعاته لأرباح البنوك للربع الرابع 2022، قال زيدان إنه على الأرجح سيكون هناك تراجع عن الربع الثالث، نظراً لأن البنوك تزيد من حجم مخصصات نهاية العام. "إلا أن أرباحها في المجمل ستنمو عن الفترة المماثلة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وحجم التمويلات، وبالتالي نمو عائد التمويلات، كما أن (البنك الأهلي) الذي يُعتبر الأكبر حجماً والمساهم الأكبر في أرباح البنوك كانت أعماله غير مستقرة العام الماضي بسبب الاندماج، وبالتالي تأثرت أرباحه على عكس العام الحالي شهد استقراراً في أرباحه وبالتالي سينعكس بالإيجاب على أرباح البنوك".
تباطؤ الإيداعات
ومع ذلك، فإن البنوك ستشهد بعض التحديات الفترة المستقبلية، وفق زيدان، الذي أشار إلى أن آخر ستة أشهر كان هناك تباطؤ نسبي على نمو ودائع العملاء على عكس الفترات السابقة، إذ تجاوزت نسبة الإقراض للودائع 100%، وربما هناك فقط بنكان أو ثلاثة وصلت هذه النسبة إلى 90%، وهذا سيحد نوعاً ما من التوسع في الإقراض، وفق زيدان.
تابع: "في الجهة المقابلة، كان هناك ارتفاع للتكاليف على الودائع لأجل، وبالتالي ستتأثر البنوك من ارتفاع الفائدة، وهذا ما لمسناه في نتائج البنوك خلال الربع الثالث التي شهدت ارتفاعاً في مصاريف العمولات الخاصة، كما ارتفعت عائد الاستثمارات لعملاء لأجل بنسبة 80% تقريباً عن الربع السابق لمعظم البنوك، وتضاعف 3 مرات عن الربع المماثل".
دعم البنك المركزي
من المرجح أن تطلب البنوك السعودية من البنك المركزي ضخ المزيد من السيولة بعد أن ارتفعت الفروقات في أسعار الفائدة ما بين البنوك على نحو حاد في أكتوبر مع استمرار نمو القروض لتتجاوز نمو الودائع، بحسب "وكالة فيتش للتصنيف الائتماني".
بدون دعم البنك المركزي، يمكن أن يتوقف نمو الإقراض في الربع الرابع 2022، وفق "فيتش" التي قالت إن في هذه الحالة ستخفض توقعاتها لنمو القروض لعام 2023 البالغة 12%، بينما ستستمر تكلفة تمويل البنوك في الزيادة.
"قد تتعرض الأرباح لضغوط في حالة استمرار شح السيولة المحلية"، وفق فيتش". ومع ذلك، قالت إن رؤيتها الرئيسية تشير إلى أن الأرباح ستظل مدعومة بهوامش صافي فائدة أعلى (خاصة بالنسبة للبنوك التي تركز على الشركات) والإيرادات من غير الفوائد مع نمو الأصول، وانخفاض المخصصات.