كيف نصلح حلول برنانكي؟ الأمر يتطلب "نوبل" أخرى

time reading iconدقائق القراءة - 5
بن برنانكي، رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبق، يبتسم خلال الاجتماع السنوي للرابطة الاقتصادية الأمريكية وجمعية العلوم الاجتماعية المتحالفة في أتلانتا بولاية جورجيا في 4 يناير 2019 - المصدر: بلومبرغ
بن برنانكي، رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبق، يبتسم خلال الاجتماع السنوي للرابطة الاقتصادية الأمريكية وجمعية العلوم الاجتماعية المتحالفة في أتلانتا بولاية جورجيا في 4 يناير 2019 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تهانينا إلى بن برنانكي ودوغلاس دايموند وفيليب ديبفيغ، الذين نالوا جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية هذا العام. وفقاً لخطاب الجائزة؛ فقد طوّر الثلاثة "بشكل كبير من فهمنا لدور البنوك في الاقتصاد، خصوصاً خلال الأزمات المالية".

قليلٌ منا في الحياة، وحفنة من الاقتصاديين الذين تتقلص أعدادهم، تأتيه الفرصة ليطبق أفكاره على أوسع نطاق مثلما فعل برنانكي في 2008. لم يكن رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبق يجادل طلابه بالدراسات العليا في مجرد فرضيات، بل اتخذ قرارات حاسمة تحت وطأة أكبر الضغوط. لا شك أنَّ فهمه لطبيعة الأزمة بالضبط أنقذت النظام المالي العالمي في 2008.

كان الحفاظ على عملية توليد الائتمان من خلال إنقاذ البنوك الأميركية الكبيرة عاملاً حاسماً في تعزيز الانتعاش اللاحق. وبعكس الكثير من نظرائه؛ استوعب برنانكي ما كان على المحك.

دور البنوك

بحسب ملاحظاته الشخصية، تشمل انهيارات البنوك فقدان معلومات قيمة عن المقترضين لا يمكن إعادة إنشائها بسرعة. البنوك هي أفضل من يتولى عملية توليد الائتمان، لكن عندما تثقل كاهلها القروض المتعثرة ونقص رأس المال؛ عندئذ لا يمكنها القيام بذلك الدور الحيوي.

اقرأ أيضاً: دور البنوك في تجنب الأزمات المالية يحتكر جائزة نوبل للاقتصاد

كانت إجراءات دعم القطاع البنكي في أوروبا أقل تنظيماً وشمولاً، فقد انصب التركيز أكثر على "معاقبة" من جرى إلقاء اللوم عليهم في التسبب بالأزمة. نتيجة لذلك؛ لم تلعب البنوك الأوروبية، التي لم تملك ما يكفي من رأس المال، دوراً مفيداً في التعافي ما بعد الأزمة. وعوضاً عن هذا، بقيت الكثير من الدول في حالة ركود أو على حافته، مما أدى في نهاية الأمر إلى سلسلة من الأزمات السيادية التي ما يزال صداها مستمراً إلى اليوم.

هناك طريقة أخرى لتقييم تعافي القطاع البنكي في الولايات المتحدة مقارنة بنظيره الأوروبي، وهو مؤشر "كيه بي دبليو ناسداك" (KBW Nasdaq) للبنوك، الذي ارتفع 65% منذ 2008، مقابل أقرب معادل أوروبي له، وهو مؤشر يورو ستوكس (Euro Stoxx) للبنوك الذي مايزال متدنياً بعد مرور 15 عاماً تقريباً بأكثر من 70% مقارنة بمستواه قبل الأزمة.

دروس أزمة 2008

مع ذلك، لا مفر من الاعتراف بأنَّ الأزمة في 2008 كانت مدفوعة جزئياً بالثقة الزائدة لصانعي السياسات والاقتصاديين (في حالة برنانكي تكرر الأمر ذاته)، فقد وثق أكثر من اللازم في قدرة البنوك على إدارة توليد الائتمان دون أن تقيّد الرقابة عملها. كان برنانكي بالفعل من أكثر المؤمنين بهذه القدرة.

اقرأ أيضاً: جائزة نوبل للاقتصاد لـ3 اختصاصيين في القوى البشرية

كانت هذه الثقة غير المبررة في أحد أكثر المبادئ أساسيةً لكفاءة السوق، وتشكل عاملاً مشتركاً لدى العديد من الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد. جادل غاري بيكر، الحائز على الجائزة لعام 1992، بشدة في أنَّ سوق العمل كانت فعالة للغاية، لدرجة أنَّه لم تكن هناك حاجة لاتخاذ إجراء ضد أرباب الأعمال العنصريين، لأنَّ قوى السوق وحدها ستحل هذه المشكلة من خلال دفعهم لوقف شركاتهم. لكن لم تصمد هذه الحجة بمرور الوقت.

توقيت مهم

بالمثل قدّم فرانكو موديلياني، الحائز على نوبل للاقتصاد في 1985، وميرتون ميلر، الحائز عليها في 1990، إسهاماً قيماً فيما يتعلق بهيكل رأس مال الشركات. لكنَّ افتراضاتهم المبسطة تجاه تكلفة الإفلاس كان لها دور كبير في تطبيع المستويات العالية من ديون الشركات والرافعة المالية. كان ذلك من أحد أسباب التفاؤل الكبير لخبراء الاقتصاد الكلي مع ازدياد الديون قبل انهيار 2008.

إنَّ توقيت جائزة نوبل هذا العام جدير بالملاحظة. فهي تأتي في وقت يكافح فيه العالم للتعامل مع عواقب تدخل نقدي شديد من النوع الذي صاحب عمليات إنقاذ البنوك. ربما نكون قد تقدّمنا إلى حد ما منذ 2008 في فهم الحاجة إلى تنظيم البنوك بشكل عملي. لكنَّنا مع ذلك لم نقترب من إدراك أنَّ حل أي أزمة غالباً ما يزرع بذور الكارثة التي تليها.

يصبح قطاع البنوك بالفعل بشكل متزايد سبباً لمشكلاتنا بدلاً من كونه ضحية سيئة الحظ للاقتصاد. يشمل ذلك الأمر الاقتصاديين الذين يديرون المشهد.

نوبل والاقتصاد

للعلوم الاقتصادية باع طويل في تقديم فائزين بجائزة نوبل يطرحون رؤى قوية، لكنَّهم في الوقت نفسه يفشلون في إدراك الحقائق العملية وعواقب ما تتوصل إليه أبحاثهم. لذا؛ تهانينا إلى برنانكي وزملائه الفائزين. لكن دعونا نتذكر أنَّ الرئيس الأسبق للاحتياطي الفيدرالي كان مسؤولاً في المقام الأول بشكل جزئي على الأقل عن الأحوال التي أدت للهشاشة المالية في مطلع الألفية.

من القسوة أن نقول إنَّه كان رجل إطفاء أخمد الحريق الذي تسبب فيه.

مع ذلك، عندما يتعلق الأمر باستحقاق "نوبل"، فقد وصفها فريدريش هايك الفائز بها في 1974 على الأرجح بأفضل شكل ممكن حينما قال: إنَّ "هذه الجائزة تمنح الشخص سلطة لا ينبغي للعاملين في مجال الاقتصاد امتلاكها".

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

نيويورك

4 دقائق

3°C
مطر خفيف
العظمى / الصغرى /
35.2 كم/س
86%
الآراء الأكثر قراءة