تراجع الجنيه المصري تدريجياً يغذي دعوات تخفيضه بنسبة كبيرة

time reading iconدقائق القراءة - 14
الجنيه المصري شهد أكبر انخفاض منذ التعويم تقريباً خلال تعاملات يوم الإثنين 21 مارس 2022 - المصدر: بلومبرغ
الجنيه المصري شهد أكبر انخفاض منذ التعويم تقريباً خلال تعاملات يوم الإثنين 21 مارس 2022 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

انخفاض الجنيه المصري بوتيرة بطيئة يدعو إلى التكهن بأن السلطات ستضطر إلى السماح بتراجع العملة بمعدلات أشد مما كان متوقعاً قبل أسابيع فقط، إذ إن ارتفاع الدولار مازال يُفقد الجنيه توازنه.

أدى الهبوط التدريجي في قيمة الجنيه، الذي يصفه بنك " غولدمان ساكس" بانخفاض قيمة العملة "نقطة نقطة"، إلى خسارة نحو 6% من قيمته منذ منتصف مارس، عندما انخفض الجنيه بنسبة 15% تقريبا في يوم واحد.

هذه الاضطرابات جعلت المستثمرين والمتعاملين والمحللين يستعدون لتكرار تخفيض قيمة العملة بنفس المستوى الذي حدث في مارس أو أشد عمقاً، إذ تسعى الحكومة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، الذي يفضل أن يكون سعر الصرف أكثر مرونة.

فيما يرقى إلى خفض قيمة العملة بنحو 15%، يتوقع بنك أبوظبي التجاري حالياً أن تنخفض العملة المصرية إلى أكثر من 23 جنيهاً مقابل الدولار بمجرد توصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مقارنة مع تقديرات سابقة تراوحت بين 21 و22 جنيهاً أمام العملة الخضراء قبل شهر تقريباً.

تقدّر "بلومبرغ إيكونوميكس" أن العملة المصرية يجب أن تنخفض إلى 24.6 جنيها أمام الدولار "لضبط العجز التجاري المصري عند مستوى معقول".

تراجعت العملة المصرية إلى أدنى مستوى قياسي في الأيام الأخيرة وهبطت 0.5% يوم الإثنين ، وهو أكبر انخفاض لها منذ مايو لدى إغلاق التداول. تغير أداء العملة المصرية بشكل طفيف لتصل إلى نحو 19.6 جنيه أمام الدولار اليوم الثلاثاء.

استأنف المتعاملون المراهنة على ضعف الجنيه منذ نهاية الأسبوع الماضي، بعد تقليص هذه الرهانات في أعقاب القرار المفاجئ للبنك المركزي المصري بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.

"تعديل كبير"

قال محيي الدين قرنفل، كبير مسؤولي الاستثمار في قسم أدوات الدخل الثابت بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "فرانكلين تمبلتون" ومقرها دبي: "إنني أميل إلى تفضيل تعديل كبير في سعر الصرف -وفي وقت مبكر- أو تطبيق نطاق أوسع كثيراً لحركة الأسعار إذا كانت السلطات ستستمر في إدارته حتى لا يتحرك بمعدلات مفرطة".

وراء هذا الإلحاح، يسود القلق من أن الجنيه لا يزال مرتفعاً إلى درجة لا تدعم اقتصاداً يعاني من نقص في الدولارات. أقرت الحكومة بالفعل بأن مرونة أسعار العملة أمر ضروري للتعامل مع تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد ظل الجنيه المصري مستقراً مقابل الدولار لمدة عامين تقريباً قبل تخفيض قيمته في مارس الماضي.

ربما يشعر المسؤولون بالقلق تجاه الآثار الجانبية لتخفيض كبير آخر في قيمة العملة. لذلك يمكن أن ينتهي بهم الأمر إلى إضعاف العملة، ولكن بنسبة أقل مما يحتاجها الاقتصاد - زياد داوود، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة لدى "بلومبرغ إيكونوميكس"

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

استعادة الثقة

مصدر آخر للضغط هو الارتفاع المتواصل للدولار الذي يضرب عملات الشركاء التجاريين لمصر وأقرانها من الدول النامية- من اليوان الصيني إلى اليورو والليرة التركية.

يتمثل التحدي الذي يواجه مصر في كيفية استعادة ثقة المستثمرين العالميين الذين تجنبوا أدوات ديونها المحلية وسط توقعات بمزيد من التراجع في قيمة الجنيه. ولجذب المشترين، اضطرت مصر إلى زيادة عائدات أذون الخزانة بأكبر قدر منذ عام 2016.

يجب على المسؤولين (المصريين) اختيار خفض قيمة العملة خطوة واحدة إلى ما بين 21 و22 جنيهاً لكل دولار، وفقا لـ"غولدمان ساكس"، وهو ما يتماشى مع سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لمدة ثلاثة أشهر.

قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي لدى بنك "غولدمان ساكس" في لندن، إن تخفيض الجنيه بمعدلات أكبر من ذلك يهدد بإذكاء التضخم. وأوضح أن "التخفيض البطيء لقيمة العملة يعزز التوقعات بأن الجنيه سوف يواصل الانخفاض .. وتحتاج السلطات إلى تغيير تلك التوقعات".

الخوف من التضخم

أحد الأسباب الرئيسية وراء اختيار مصر خفض قيمة العملة بوتيرة بطيئة هو السيطرة على التضخم، الذي تسارع بالفعل إلى أعلى مستوياته منذ ما يقرب من أربع سنوات.

تتوقع كارلا سليم ، الخبيرة الاقتصادية في بنك "ستاندرد تشارترد" أن تصل العملة المصرية إلى 20.75 جنيه أمام الدولار بحلول نهاية 2022 وتتوقع "استمرار الضعف التدريجي للحد من زيادة معدل التضخم".

تبحث مصر، وهي إحدى أكثر دول الشرق الأوسط مديونية، عن وسائل أخرى أيضاً للتخفيف من ارتفاع تكلفة خدمة التزاماتها. وقد تعهد حلفاؤها الأثرياء في مجلس التعاون الخليجي بالفعل بتقديم أكثر من 20 مليار دولار في شكل ودائع واستثمارات.

قال أدريان دو توا، مدير أبحاث اقتصاد الأسواق الناشئة في شركة "ألاينس بيرنشتاين" لإدارة الأصول، ومقرها لندن: "إن تكوين الدين في مصر وآليات الاستقرار المتاحة –بدءاً من دعم دول مجلس التعاون الخليجي إلى برنامج صندوق النقد الدولي المرتقب- هي بعض الديناميكيات التي يمكن أن تسهل الخفض التدريجي في قيمة الجنيه".

وفي حين يحاول صُنّاع السياسة النقدية الموازنة بين مطالب المستثمرين وخطر التسبب في مزيد من الألم الاقتصادي للمصريين، فإن الخطر يتمثل في انخفاض أكبر لقيمة العملة في المستقبل.

قالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبو ظبي التجاري: "إن التأخير في خفض قيمة الجنيه المصري يعني أن من المرجح الآن أن يكون التعديل أكثر حدة، وفي رأينا، يجب أن يكون مصحوباً برفع كبير في أسعار الفائدة لترسيخ مصداقية السياسة النقدية".

تصنيفات

قصص قد تهمك