الصين تشدد الإقراض وتعرّض الأسواق الأفريقية للخطر

time reading iconدقائق القراءة - 11
تحميل العمال لمجموعة ألواح نحاسية جاهزة للشحن داخل مستودع في موفوليرا، زامبيا - المصدر: بلومبرغ
تحميل العمال لمجموعة ألواح نحاسية جاهزة للشحن داخل مستودع في موفوليرا، زامبيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تفقد البلدان النامية في أفريقيا حليفها الذي مكّنها لسنوات من الاقتراض بمعدلات أرخص من التي تستطيع أن تجدها في أسواق رأس المال.

تُقلّص الصين حجم الإقراض الموجه لدول أفريقية وسط مشكلات النمو المتفاقمة رغم أنها الدائنة الكبرى للمنطقة عبر قروض ثنائية. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الفائدة العالمية وتتناقص فيه السيولة، وهي عوامل أدت فعلياً إلى أزمة في سندات أكثر الدول المدينة خطورة في أفريقيا، مثل غانا وزامبيا، وانهيار العملات، مثل الراند في جنوب أفريقيا إلى أدنى مستوياتها تقريباً.

تهدّد الديناميات الجديدة للديون مع بكين، التي تركّز في إقراضها على مشاريع البنية التحتية طويلة المدى، بدفع الحكومات المترددة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لدعم ميزان المدفوعات. وتُقيّد البرامج الاقتصادية من صندوق النقد الدولي الاقتراض التجاري وتشترط جلوس الدائنين الصينيين على طاولة مناقشات إعادة الهيكلة مع الدائنين الغربيين.

قالت أنيندا ميترا، محللة الاقتصاد الكلي والاستثمار لدى "بي إن واي ميلون إنفستمنت مانجمنت" (BNY Mellon Investment Management) في سنغافورة: "تحتاج أفريقيا إلى كل المساعدة الممكنة لتخفيف الصدمات التي تمر بها على مستوى الاقتصاد الكلي وسط ضحالة الأسواق المحلية وهزال آليات امتصاص الصدمات في السوق وفي السياسات". وأضافت المحللة التي تغطي الأسواق الناشئة منذ أكثر من عقدين أن: "تحفُّظ الصين بشأن إعادة هيكلة الديون وتخفيف شروط الإقراض يزيد من جوانب ضعف هذه الاقتصادات الواعدة".

أسواق السندات العالمية

كانت السندات ذات العوائد المرتفعة، الصادرة عن الاقتصادات الواعدة، من بين الأسوأ أداءً على مستوى العالم، مع دخول كثير منها في أزمة فعلية قبل أن تنقلب مسارات التضخم والنمو رأسا على عقب بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. وعزز فقدان الوصول إلى الأسواق، وانخفاض قيمة العملات، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء من التوترات الاجتماعية والسياسية كذلك، وفقاً لمحللي "جيه بي مورغان تشيس" ومنهم ميلو غوناسينغيه وإيمي هو.

وصلت العوائد على الديون الدولارية في أفريقيا إلى مستويات شهدتها آخر مرة أثناء الأزمة المالية العالمية بعدما رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في سبتمبر، وقال إنه سيفعل كل ما يلزم للسيطرة على التضخم.

قفز متوسط ​​العائد على ديون أفريقيا جنوب الصحراء بأكثر من 100 نقطة أساس الأسبوع الماضي، ليتم تداولها بعائد بلغ حوالي 14.3%، مقارنة مع زيادة قدرها 50 نقطة أساس لمتوسط ​​الأسواق الناشئة عند 8%. وقد يكون الخيار الوحيد أمام أفريقيا، بعد ابتعاد الصين، هو التوجه إلى أسواق السندات العالمية للحصول على التمويل، لكن ذلك سيصبح مكلفاً للغاية بالنسبة للبعض.

قال غيرغيلي أورموسي، مسؤول استراتيجيات الأسواق الناشئة لدى "سوسيته جنرال" في لندن : "سيمر ترحيل الديون المستحقة أو تمويل عجز الميزانيات بمرحلة أكثر صعوبة في الأسواق الواعدة بسبب قوة الدولار الأميركي، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وزيادة أسعار الفائدة بالولايات المتحدة، والتقشف الكمي. وتعاني تلك الأسواق من تحدٍّ رئيسي آخر يتعلق بتغطية احتياجاتها من العملات الصعبة مثلاً لسد عجز الحساب الجاري".

شملت قائمة أكبر 10 حكومات أفريقية تلقّت قروضاً صينية بين عامي 2000 و2020، كلاً من: أنغولا وإثيوبيا وزامبيا وكينيا ومصر ونيجيريا والكاميرون وجنوب أفريقيا وجمهورية الكونغو وغانا، وفقاً لبيانات مركز سياسات التنمية العالمية بجامعة بوسطن.

من بين هؤلاء، حدّد بنك "جيه بي مورغان تشيس" إثيوبيا كبلد يعاني من مخاطر عالية في السداد ومهدّد بنفاد الاحتياطي لديه في نهاية عام 2023. أما زامبيا التي عجزت عن سداد سندات اليورو الخاصة بها، فقد تواصلت هي ودولة غانا مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ قد تتضمن إعادة هيكلة الديون، في حين تسعى مصر للحصول على قرض جديد.

تخلّف عن السداد

تُعدّ الصين الدائن الأكبر لزامبيا، وقد حصلت على نحو 75% من القروض الثنائية، وتشارك في رئاسة لجنة تفاوض بشأن إعادة هيكلة ديون البلاد بعدما أصبحت أول دولة تتخلف عن سداد الديون السيادية في أفريقيا أثناء الوباء في عام 2020. قبل تسلّمه السلطة العام الماضي، انتقد الرئيس هاكيندي هيشيليما تكلفة المشاريع الصينية ومنذ ذلك الحين أقام علاقات أوثق مع دول شملت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

أما فيما يتعلق بمحادثات الدائنين الجارية في زامبيا وإثيوبيا، والتي تُعتبر اختباراً لنموذج الإطار المشترك لمجموعة العشرين، ينتظر حاملو السندات معرفة ما اتفق عليه الدائنون الآخرون ومنهم الصين. وسوف يحتاج المقترضون إلى طلب معاملة مماثلة من دائني القطاع الخاص.

قال تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين العالميين لدى "رينيسانس كابيتال" (Renaissance Capital): "لسوء الحظ، أدى الدور الكبير للصين إلى تعقيد مفاوضات التخلّف عن السداد في الدول التي لعب فيها إقراضها دوراً كبيراً وبدأت فيها تلك المفاوضات، وما يزال أمام كل من إثيوبيا وزامبيا شوط كبير قبل حل مشاكلهما. تُفضّل الصين مد آجال سداد الديون لفترة أطول مع وعدم تخفض مبلغ الدين الأساسي، ولكن هذا غير واقعي في كل حالة".

قال روبرتسون إن تقليص الصين للإقراض سيبطئ النمو في المنطقة، و"لن يرحّب بها معظم مستثمري الديون". وفي السنوات الأولى من إقراض الصين لأفريقيا، كانت 25% فقط من الدول عرضة لمخاطر أزمة مديونية كبيرة، ولديها علاوة مخاطر على السندات السيادية تزيد عن 1000 نقطة أساس، لكن هذه النسبة ارتفعت إلى 60%، وفقاً لتقديراته.

في غضون ذلك، أحرزت عدة دول، ومنها كينيا وموزمبيق، تقدماً مع صندوق النقد الدولي هذا العام.

قال جاك نيل، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي الأفريقي لدى "أكسفورد إيكونوميكس" (Oxford Economics): "على الأرجح، لن تتأثر سلباً الدول التي ستنجح في التفاعل بشكل أكبر مع صندوق النقد الدولي بفك الارتباط مع الصين. مع ذلك، قد تجد الدول التي لا تستطيع الاقتراب من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولديها فجوات تمويلية كبيرة، صعوبة في التأقلم بدون التمويل الصيني منخفض التكلفة".

تصنيفات

قصص قد تهمك