بلومبرغ
تقدم الاقتصاد الأسترالي في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، ما يؤكّد الزخم القوي الذي أبرزه البنك المركزي أثناء قيامه بسلسلة من الزيادات السريعة في أسعار الفائدة.
في هذا الإطار، توسّع الاقتصاد البالغ حجمه 2.2 تريليون دولار أسترالي (ما يُعادل 1.5 تريليون دولار) بنسبة 0.9% عما كان عليه في الربع الأول، مدعوماً بإنفاق الأسر وارتفاع أسعار الصادرات، حسبما أظهرت بيانات حكومية اليوم الأربعاء. وأدّى ذلك إلى رفع معدّل النمو إلى 3.6% مقارنةً بالعام السابق - وهو أعلى بكثير من المتوسط الذي كان عليه قبل الجائحة الذي بلغ حوالي 2%.
أمّا بالنسبة إلى البنك المركزي، تؤكّد البيانات صحّة سياسته المتشدّدة في كبح جماح التضخم، بعد أن ارتفع بمقدار نصف نقطة مئوية يوم الثلاثاء ليرفع بذلك سعر الفائدة إلى 2.35%. ويعتمد واضعو السياسات النقدية على المواطنين في أستراليا لمواصلة نفاد مدخراتهم لتمويل الاستهلاك في مواجهة ارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف الاقتراض.
أستراليا تتأهب لموجة رفع لأسعار الفائدة
من جهته، أوضح كالام بيكرينغ، الخبير الاقتصادي في بوابة الوظائف العالمية "إنديد إنك" (Indeed Inc): "تؤكّد أرقام الناتج المحلي الإجمالي هذه أن الطلب في جميع أنحاء الاقتصاد لا يزال مرتفعاً"، مضيفاً أن "الأسر تنفق الأموال بمعدّلات قياسية، ما يساهم في اختلال التوازن بين الطلب والعرض، الأمر الذي يتطلّب فرض سياسة نقدية أكثر تشدداً".
كانت أستراليا مستفيداً نادراً من حرب روسيا المستمرة على أوكرانيا، والتي أدّت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية. وحذّر وزير الخزانة جيم تشالمرز، يوم الأربعاء، من أنّه لا يمكن للاقتصاد الاستمرار في اعتماده على طفرة الصادرات.
رفع الفائدة
يتوقّع واضعو السياسات أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المقبل إلى أقلّ من 2% مع تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على الطلب. ولا تزال سوق العمل الضيقة للغاية إحدى ركائز الدعم الرئيسية، حيث تقترب معدّلات البطالة من بلوغ أدنى مستوى لها منذ 50 عاماً عند 3.4%، ومن المتوقع أن تنخفض أكثر خلال الأشهر المقبلة.
رفع فيليب لوي محافظ بنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة على النقد إلى 2.35% منذ أن بدأ دورة التشديد الحالية في مايو، بعد أن وصلت تكاليف الاقتراض إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 0.1%، في إطار جهوده الرامية إلى كبح جماح أسرع تضخم شهدته أستراليا منذ أوائل 1990.
قدّرت أسواق المال أن ترتفع أسعار الفائدة من 2.35% لتصل إلى 3.2% بحلول نهاية العام حتى تبلغ ذروتها عند 3.75% في عام 2023. وهذا ما يتجاوز تقديرات بنك الاحتياطي الأسترالي للمعدل المحايد - وهو مستوى ليس توسعياً ولا انكماشياً - عند حوالي 2.5%. كما أظهرت بيانات اليوم أن معدل الادخار تراجع للربع الثالث على التوالي إلى 8.7% حيث يستفيد الأستراليون من النقد المُدّخر منذ تفشي الوباء.
"الاحتياطي الأسترالي" يرفع الفائدة لأعلى مستوى في 7 سنوات لمجابهة التضخم
[object Promise]يتوقّع الاقتصاديون أن يُبطئ "لوي" قريباً وتيرة زيادة أسعار الفائدة إلى تحركات ربع نقطة بعد أربع زيادات متتالية بمقدار نصف نقطة. كما سيُلقي المحافظ خطاباً، غدا الخميس، بعنوان "التضخم وإطار السياسة النقدية". ويتطلع مراقبو بنك الاحتياطي الأسترالي إليه للحصول على أدلة حول مسار السياسة المقبلة.
سلّط "تشالمرز"، في حديثه إلى الصحفيين في كانبيرا، الضوء على سلسلة التحديات التي تواجه الاقتصاد بدءاً من تراجع الأجور الحقيقية وصولاً إلى التضخم المرتفع. كما تعهّد بأن تُوفّر ميزانية الشهر المقبل إعفاءات تُخفّف من تكاليف المعيشة المرتفعة بما في ذلك رعاية الأطفال، مُشيراً إلى أن مثل هذه الإجراءات ستوفّر أيضاً عائداً اقتصادياً من خلال تحسين الإنتاجية.
صرح "تشالمرز" بالقول: "إن دورنا ليس تعقيد مهمة بنك الاحتياطي المستقل"، ما يعني أن الحكومة ستحاول تجنب إضافة المزيد إلى الطلب الإجمالي.
أظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي الصادر اليوم أيضاً ما يلي:
• ارتفع إنفاق الأسر بنسبة 2.2% مُضيفاً بذلك 1.1 نقطة مئوية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي
• قفزت الصادرات بنسبة 5.5% لتساهم أيضاً بزيادة 1.1 نقطة
• طرح المخزونات 1.2 نقطة من الناتج المحلي الإجمالي
• تراجع الإنفاق الحكومي بنسبة 0.8%، ليخفض 0.2 نقطة مئوية
• تراجع أعمال البناء غير السكني بنسبة 5%، ليخفض بدوره 0.2 نقطة
• ارتفاع الإنفاق على الآلات والمعدات المتقدمة بنسبة 4%، مضيفاً 0.2 نقطة
"من المرجح أن يُواجه المستهلكون والشركات ظروفاً أكثر صعوبة في النصف الثاني من العام، حيث ترتفع أسعار الفائدة وتنخفض أسعار السلع الأساسية عن ذروتها"، وفقاً لما قالته شيريل مورفي، كبيرة الاقتصاديين في "إرنست آند يونغ" (Ernst & Young).