بلومبرغ
أعاد البنك المركزي الهندي تكاليف الاقتراض إلى مستويات ما قبل الوباء، وتعهد بفعل "كل ما يتطلّبه الأمر" لإعادة التضخم إلى المستوى المستهدف، مؤكداً من جديد على الموقف المتشدد، مما أدى إلى ارتفاع الروبية وعائدات السندات.
جاء ذلك في تعليقات المحافظ شاكتيكانتا داس يوم الجمعة بعد قرار لجنة السياسة النقدية برفع الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية للمرة الثانية، إذ أشار في العديد من الاجتماعات إلى أنَّ بنك الاحتياطي الهندي لم ينتهِ بعد من تشديد أسعار الفائدة.
يبلغ معدل إعادة الشراء القياسي حالياً 5.40%، وهو مستوى غير مسبوق منذ أغسطس 2019.
تراجعت السندات السيادية بعد القرار الذي فاجأ معظم الاقتصاديين، الذين توقَّعوا أن تكون الزيادة أقل من 50 نقطة أساس. وارتفع عائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 11 نقطة أساس في حين ارتفعت العملة الهندية 0.5% إلى 79.0950 للدولار. كما ارتفعت أسعار الأسهم.
قال داس في خطاب مباشر من مومباي: "إنَّ الضغوط التضخمية منتشرة على نطاق واسع، والتضخم الأساسي مايزال مرتفعاً"، مشيراً إلى أنَّ التضخم سيظل أعلى من النطاق المقبول لدى بنك الاحتياطي الهندي بين 2% و6% خلال العام حتى نهاية مارس القادم.
وتابع قائلاً: "إنَّنا نتبنى الآن منهج (اتخاذ كل ما يتطلبه الأمر من إجراءات)، وذلك للعام الثالث على التوالي".
ضعف الروبية
تبدد إشارة بنك الاحتياطي الهندي فكرة رائجة بأنَّ البنوك المركزية في كل مكان قد تقترب من نهاية دورة التضييق.
في حين قال محافظ بنك الاحتياطي الأسترالي فيليب لوي إنَّ حجم وتوقيت الزيادات القادمة لأسعار الفائدة سيعتمدان على البيانات الواردة؛ قالت رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند لوريتا ميستر يوم الأربعاء إنَّ أسعار الفائدة الأميركية بحاجة إلى الزيادة حتى يتراجع مستوى التضخم.
قال أوروديب ناندي، الخبير الاقتصادي في بنك "نومورا هولدنغز" (Nomura Holdings Inc): " الرسالة الضمنية هي أنَّ أسعار الفائدة لم تصل بعد إلى المنطقة المحايدة، كما أنَّ هناك ما يستدعي المزيد من رفع الفائدة.. وهي وجهة نظر نتفق معها".
إنَّ ضعف الروبية وكذلك عدم انتظام الأمطار الموسمية - وهي ضرورية لإنتاج المحاصيل في الهند واستقرار أسعار المواد الغذائية - يزيدان من مخاوف بنك الاحتياطي الهندي بشأن التضخم. فقد فقدت العملة ما يقرب من 7% من قيمتها منذ بداية العام حتى الآن وسط تدفق الأموال الأجنبية للخارج والعجز التجاري القياسي.
مع ذلك، أبقى البنك المركزي على توقُّعاته للنمو الاقتصادي عند 7.2% والتضخم عند 6.7% في العام المالي الذي ينتهي في مارس 2023.
قال أنوبهوتي ساهي، كبير الاقتصاديين لشؤون منطقة جنوب آسيا في بنك "ستاندرد تشارترد"، ويقيم في مومباي، إنَّ وجهة النظر الحذرة لبنك الاحتياطي الهندي بشأن التضخم لها ما يبررها.
"نتوقَّع أن يرتفع معدل إعادة الشراء الطبيعي إلى 6% بنهاية عام 2022".
لا يخاطر بنك الاحتياطي الهندي بأي فرص بشأن التضخم – ويُظهر رفع الفائدة الكبير المفاجئ بمقدار 50 نقطة أساس أنَّ تركيزه ما يزال صريحاً على السيطرة على أسعار المستهلك مرة أخرى ودفعها إلى النطاق المستهدف، حتى ولو على حساب معدل النمو - أبهيشيك غوبتا، خبير اقتصادي أول في شؤون الهند لدى "بلومبرغ إيكونوميكس"
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"
عجز الحساب الجاري
قال داس أيضاً إنَّ بنك الاحتياطي الهندي سيظل يقظاً ويحافظ على استقرار العملة الهندية التي هبطت إلى فوق 80 روبية أمام الدولار في يوليو. وأضاف: "لقد ساعدت تدخلات الاحتياطي الهندي بالسوق في احتواء التقلبات وضمان حركة منظمة للروبية"، في حين طمأن مَن يتداول العملات، الذين يشعرون بالقلق إزاء ضغوط انخفاض القيمة بسبب تفاقم العجز الخارجي، أنَّ فجوة الحساب الجاري تظل ضمن حدود مستدامة.
انخفض احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي بما لا يقل عن 62 مليار دولار هذا العام، بالإضافة إلى رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار 140 نقطة أساس منذ مايو.
قال نافين سينغ، رئيس قسم التداول في "أي سي أي سي أي سيكوريتيز برايمري ديلرشب" (ICICI Securities Primary Dealership Ltd): "القوة غير المتوقَّعة للدولار الأميركي والتضخم العنيد أديا إلى رفع أسعار الفائدة بمعدل أعلى.. قد ترتفع عوائد السندات مع عودة توقُّعات المعدل الطبيعي للفائدة إلى 6% من 5.5%".
تراجعت عوائد السندات في الأسابيع الأخيرة على أمل أن يلمح البنك المركزي إلى انخفاض في توقُّعات التضخم وسط تراجع أسعار السلع العالمية.
قال ديبندرا داش، رئيس قسم الدخل الثابت في شركة "ايه يو سمول فاينانس بنك" (AU Small Finance Bank): "لا يناسب هذا الأسواق، لأنَّ الزيادة كانت بالإجماع والكم كان كبيراً، إذ كان من المتوقَّع إلى حد كبير زيادة الفائدة بمقدار 35 نقطة أساس.. أعتقد أنَّ العوائد في السوق لن تنخفض بسرعة".