بلومبرغ
ركز فريق تداول الذهب والمبيعات التابع لـ"جيه بي مورغان" على جني الأموال لدرجة أنَّهم خدعوا السوق لسنوات بما يسمى بـ"صفقات المخادعة"، وفقاً لزميل سابق لهم أدلى بشهادته في محاكمة ثلاثة موظفين سابقين في البنك متهمين بالاحتيال.
قال جون إدموندز، الذي عمل كمتداول في البنك حتى عام 2017: "كانت مهمتنا القيام بكل ما يلزم لكسب المال.. وكان استخدام الصفقات المخادعة للتلاعب بأسعار جميع أنواع المعادن الثمينة طريقة شبه يومية لتوليد الأرباح.. فعل الجميع ذلك في المكتب، وكان الأمر ناجحاً آنذاك".
يدلي إدموندز بشهادته ضد رئيسه السابق، مايكل نوفاك، رئيس مكتب التداول منذ فترة طويلة، وتاجر الذهب غريغ سميث، وجيفري روفو المتخصص في مبيعات صناديق التحوط. أخبر إدموندز هيئة محلفين فيدرالية في شيكاغو يوم الثلاثاء أنَّ الفريق لم يكن يشتري ويبيع المعادن الثمينة فحسب؛ بل كان يغش بشكل منهجي لمساعدة أنفسهم وعملائهم الكبار على مدار العقد الذي عمل فيه إدموندز كمتداول.
يصف إدموندز كيف تعلم الخداع في "جيه بي مورغان"، بأنَّه إذا أراد البيع بسعر أعلى؛ فسيضع طلبات أعلى من سعر السوق الحالي، ثم يضع طلبات ضخمة للشراء بأسعار أعلى ويلغيها قبل أن يتم تنفيذها. ويضيف: "أردت أن أقود السعر حيث أردته أن يذهب من خلال خلق إشارة طلب زائف".
يذكر إدموندز أنَّه على الرغم من أنَّ هذا الأسلوب لم ينجح دائماً؛ لكنَّه كان ناجحاً بما يكفي، فقد استخدمه كل شخص في مكتب التداول عدّة مرات في الأسبوع. ويشرح: "إذا أردنا الشراء بسعر منخفض، يمكننا فعل ذلك.. وإذا أردنا البيع بسعر مرتفع، يمكننا فعل ذلك".
يعتبر إدموندز الأول من بين قلة من المتعاونين الذين من المقرر أن يشهدوا في خطوة يقول المدعون إنَّ شهاداتهم ستعزز الادعاءات بأنَّ نوفاك وسميث وروفو شاركوا في مشروع للكسب غير المشروع من عام 2008 إلى عام 2016. كان إدموندز أول من اعترف من مكتب المعادن الثمينة بارتكاب جرائم، وتعاون سراً ضد الزملاء السابقين. وأقر أنَّه مذنب في تهم التآمر والاحتيال في السلع ذات الصلة بالخداع في عام 2018.
يزعم المدعون أنَّ المتداولين في مكتب نوفاك انخرطوا في المخادعة كممارسة تجارية أساسية، وقاموا بذلك أكثر من 50 ألف مرة على مدار ما يقرب من عقد، على الرغم من أنَّ هيئة المحلفين لم تسمع إلا عن جزء صغير من تلك العمليات. قال محامو المتهمين الثلاثة إنَّ قضية الحكومة تستند إلى سوء قراءة الأدلة والاعتماد على الشهود، مثل إدموندز، الذين يدلون بشهاداتهم من أجل الحصول على عقوبات مخففة. يشار إلى أنَّه في حالة إدانتهم بجميع التهم، فإنَّهم سيواجهون عقوداً من السجن.
تعلم الأسلوب
انضم إدموندز، وهو مواطن من بروكلين حاصل على شهادة من جامعة "سانت جونز" في كوينز بنيويورك، إلى مكتب المعادن النفيسة في "جيه بي مورغان" في عام 2009 براتب يبلغ حوالي 80 ألف دولار. وأطلع هيئة المحلفين كيف أوضح له المشرفون عليه وعدد أكبر من الأعضاء الكبار في المكتب كيفية ترتيب الصفقات، مضيفاً أنَّه كان من المفهوم في المكتب أنَّ هذه هي الطريقة لتداول العقود الآجلة للمعادن الثمينة.
يقول إدموندز: "رأيت أشخاصاً يتداولون منذ 20 عاماً ويفعلون ذلك.. كيف لي ألا أفعل ذلك؟". ويضيف أنَّ استخدام أساليب الخداع كان أمراً "منتظراً" من أعضاء الفريق، وذكر أنَّه شاهد سميث ونواك ينفّذان صفقات مخادعة لتلبية طلبات العملاء بأسعار مناسبة.
أقر إدموندز أنَّه لم يبلغ أبداً عن أي شخص انتهك سياسة البنك للامتثال في التداول. وعندما سئل عن السبب، قال لهيئة المحلفين: "كنت سأطرد.. كانت هذه وظيفة أحلامي".
وصف ممثلو الادعاء يوم الجمعة مكتب التداول بأنَّه منطقة صغيرة بلا جدران أو أبواب حيث جلس نوفاك وإدموندز والآخرون جنباً إلى جنب، على بعد بضعة أقدام من بعضهم. بدورها، أخبرت لوسي جينينغز، المدعية العامة للاحتيال في وزارة العدل، هيئة المحلفين أنَّ كل فرد في الفريق "يمكنه رؤية وسماع ما يفعله الجميع".
مهارات غير كافية
قال ديفيد مايستر، محامي نوفاك، لهيئة المحلفين إنَّ إدموندز كان "حريصاً على الإرضاء"، ولكنَّ مهاراته التجارية "لم تكن كافية"، وتم إلغاء وظيفته. كان إدموندز بارزاً حتى بين تجار "جيه بي مورغان". في بعض الأحيان كان يضع الأوامر بما يصل إلى 400 عقد مقابل عقد حقيقي واحد. من جهته أقر إدموندز بالذنب في المعاملات التي تنطوي على عقود الفضة الآجلة.
في وقت سابق يوم الثلاثاء، استمع المحلفون إلى شهادة كريستوفر جاكمان، المستشار في "مونومنت إيكونوميكس غروب" (Monument Economics Group) الذي عينته وزارة العدل مقابل 1.4 مليون دولار لتحليل بيانات "بورصة شيكاغو التجارية" وتوثيق ما تدّعي الحكومة أنَّها صفقات مخادعة، إلى جانب سجلات الدردشة التابعة لأعضاء مكتب المعادن النفيسة في "جيه بي مورغان".
وصف جاكمان مثالاً حدث في عام 2010، عندما أظهرت بيانات "بورصة شيكاغو التجارية" أنَّ سميث قد وضع طلبات شراء لخمسة عقود ذهب آجلة بسعر 50 سنتاً أقل من أفضل سعر عرض، ثم تبعه بسرعة بـ170 طلب بيع آخر. في ذلك الوقت، كانت طلبات بيع سميث تمثل أكثر من نصف سجل الطلبات الظاهرة في السوق، على حد قول جاكمان الذي أضاف أنَّ الأسعار عندها انخفضت، ونفذ سميث طلبات الشراء الخمسة الخاصة به، ثم ألغى جميع طلبات البيع التي يبلغ عددها 170 قبل أن يتم إنجازها، وكل ذلك في غضون ثلاث ثوانٍ تقريباً.
في بيانات من يناير 2012 تُظهر أنَّ نوفاك قدّم طلبات لبيع خمسة عقود ذهب قيمتها حوالي 800 ألف دولار، تليها طلبات شراء 80 عقداً بقيمة 13 مليون دولار، التي كانت تمثل في ذلك الوقت أكثر من ثلث الطلبات الظاهرة للسوق، بحسب جاكمان، الذي أضاف أنَّه بعد ارتفاع الأسعار؛ أتم نوفاك جميع طلبات البيع الخمسة، وألغى جميع طلبات الشراء، مضيفاً أنَّ العملية بأكملها استغرقت أقل من 15 ثانية.
القضية مقيّدة لدى القضاء الأميركي تحت اسم: (US v. Smith et al, 19-cr-00669, US District Court, Northern District of Illinois (Chicago.