في عمود صحفي نشر لي مؤخراً، أوضحت أن جهود الاحتياطي الفيدرالي للسيطرة على التضخم ستؤدي حتماً إلى هبوط عنيف للاقتصاد. لكن هذا يترك سؤالاً مهماً دون إجابة: متى سيحدث الركود؟
أفضل تخمين لدي: ربما ليس هذا العام، بل على الأرجح في عام 2023 أو 2024. وكلما تأخر حدوث الانكماش، كان الأمر أسوأ.
إذاً، لماذا لا يوجد ركود هذا العام؟
أولاً، يتمتع الاقتصاد بزخم كبير. حيث تؤدي زيادة التوظيف وارتفاع الأجور إلى زيادة الدخل الاسمي للأفراد. وتعد الأوضاع المالية للأسر في حالة ممتازة، حيث إن خدمة الديون في مستوى منخفض قياسي بالنسبة للدخل، كما عززت المدفوعات الحكومية المرتبطة بالوباء من مستويات الادخار. وهذا سبب إضافي يدفع المستهلكين إلى مواصلة الإنفاق. وفي قطاعات مثل الإسكان والسيارات، لا يزال الطلب يفوق العرض، وأمام العرض فجوة كبيرة لسدها لموازاة الطلب.
وعلى سبيل المثال، فإن النقص التراكمي في إنتاج السيارات بالنسبة للطلبات يصل حتى ملايين المركبات. لذلك، حتى لو تعثر الطلب قليلاً، فإن الإنتاج سيزداد عندما تقّل قيود سلاسل التوريد.
كذلك، تبقى السياسة النقدية والأوضاع المالية تيسيرية بشكل كبير. لكن من غير المرجح أن يصل سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى ما يعتبره المسؤولون مستوى محايد (يبلغ حوالي 2.5%) حتى أواخر هذا العام. ذلك نظراً لبداية الاحتياطي الفيدرالي المتأخرة، والنقطة القريبة من الصفر التي بدأ منها. علاوة على ذلك، إذا بقي تضخم الأسعار مرتفعاً واستمر تضخم الأجور في الارتفاع، فإن سعر الفائدة المحايد سيكون أعلى بكثير من 2.5%، ما يترك لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الكثير من العمل لإنجازه.
إذا لم يحدث الركود هذا العام، فمتى؟
يعتمد ذلك على كيفية استجابة الاحتياطي الفيدرالي للتطورات الاقتصادية. ضع في اعتبارك، على سبيل المثال، حقيقة وجود احتمال انخفاض قراءات التضخم السنوية بسرعة من الذروة البالغة 8.5% التي وصل إليها في مارس. حيث تعود أسعار النفط والبنزين والسيارات للتراجع، وتنفك قيود سلاسل التوريد ويعود الطلب مرة أخرى إلى الخدمات انتقالاً من البضائع. لكن، هل ستكون هذه الأخبار السارة كافية لمنع الاحتياطي الفيدرالي من تشديد السياسة النقدية؟
في حال حصل هذا التأخير فعلاً، ستترتب عليه نتيجتان رئيسيتان: أولاً، انخفاض خطر حدوث ركود على المدى القريب. ثانياً، بقاء سوق العمل ضيقةً بشكل كبير، وهو ما سيمنع التضخم من التراجع إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي له والبالغ 2%.
ركود أشدّ
وفي الواقع، سيستمر التضخم الأساسي بالارتفاع، مدفوعاً بارتفاع الأجور وتوقعات استمرار التضخم. نتيجة لذلك، سيتعين على الاحتياطي الفيدرالي أن يتدخل في نهاية المطاف ووضع سياسة نقدية أكثر تشدداً مما كان متصوراً في البداية، مما سيؤدي إلى حدوث ركود أكبر.
هذا ما حدث في أواخر الستينيات والسبعينيات. عندها لم تتم معالجة التضخم بقوة في وقت مبكر، لذلك استمر في الارتفاع. وفي النهاية، اضطر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك، بول فولكر، إلى فرض ركود حاد لإعادة التضخم تحت السيطرة.
بلا شك فإن خيارات الاحتياطي الفيدرالي هي واضحة الآن. إذا تحرك في وقت قريب، مع تثبيت توقعات التضخم بشكل جيد، فإن التكلفة من حيث الإنتاج المفقود والبطالة المرتفعة من المفترض أن تكون متواضعة نسبياً. أما إذا انتظر وسمح لتوقعات التضخم بالخروج عن السيطرة، فإن الفاتورة ستكون أعلى من ذلك بكثير.