بلومبرغ
خسرت عدة بنوك بقيادة "باركليز" ملايين الدولارات من أموالها الخاصة، بالإضافة إلى الرسوم التي كانت ستحصلها على اكتتاب سندات وقروض بأكثر من 1.2 مليار دولار لشركة "كوفيز للأدوية" (Covis Pharmaceuticals)، تبيَّن في ما بعدُ صعوبة بيعها.
تبقى لدى البنوك بالفعل أكثر من 300 مليون دولار من القروض الخاصة بالشركة، التي لم تتمكن من التخلص منها، والآن باعت ما يعادل 945 مليون دولار من القروض بخصم كبير للغاية على القيمة الاسمية، وفقاً لمصادر مطلعة على الأمر.
يمثل الطلب الضعيف على ديون الشركة ما يكفي لمحو ما يزيد على 20 مليون دولار من رسوم الاكتتاب، التي كانت ستحصل عليها البنوك، بما فيها مجموعتا "إتش إس بي سي هولدينغز" و"ميزهو فاينانشيال" (Mizuho Financial)، كرسوم للصفقة، بالإضافة إلى حزمة من الخسائر الإضافية للبنوك التي تتجاوز ذلك المبلغ.
تشديد نقدي
تعتبر هذه الخسارة أحدث إشارة على أن الاقتراض أصبح أكثر صعوبة بقليل بالنسبة إلى بعض الشركات، مع استعداد بنك الاحتياطي الفيدرالي ومجموعة من البنوك المركزية الأخرى حول العالم لتشديد المعروض النقدي، على الرغم من أن تلك البنوك كانت تنفق النقد بسخاء منذ 2020 على كل شيء، بدءاً من اكتتابات السندات وحتى القروض، خلال فترة الانخفاض الكبير في أسعار الفائدة، وقد تكون هذه هي نهاية الأموال السهلة. وجرى التراجع عن مجموعة من عروض الطرح مؤخراً، بما في ذلك اكتتابان أوروبيان يوم الجمعة الماضي.
في حالة "كوفيز"، باتت البنوك على المحك في صفقة التمويل التي قدّموها العام الماضي إلى الشركة المملوكة لـ"أبولو غلوبال مانجمنت"، ووافقت البنوك في الأساس على دعم بيع السندات والقروض في حال كان طلب المستثمرين فاتراً للغاية، وهو ما يُعرف باسم صفقة ضمان الاكتتاب، وفقاً للمصادر.
صعُبَ بيع ديون "كوفيز" لأن المستثمرين ارتابوا في التدفق النقدي المحقق من بعض العقاقير الرئيسية لدى الشركة، بوصفه شيئاً غير متوقع نسبياً، في ظل مواجهة هذه المنتجات لعراقيل مثل منافسة الأدوية المثيلة لها.
من بين البنوك الأخرى التي تكبدت خسائر بسبب الصفقة جاءت مجموعة "ميتسوبيشي يو إف جيه فاينانشيال"، و"بي إن بي باريبا"، و"رويال بنك أوف كندا". ورفض ممثلو "باركليز" و"أبولو" التعليق، وحدث الأمر نفسه مع المتحدثين الرسميين باسم "إتش إس بي سي"، و"ميزهو"، و"ميتسوبيشي يو إف جيه"، و"رويال بنك أوف كندا" و"بي إن بي باريبا"، في حين لم تردّ "كوفيز" فوراً على طلب التعليق.
إقراض محفوف بالمخاطر
تُعتبر صفقات ضمان الاكتتاب أكثر جزء مدرّ للأرباح في التمويل بالاستدانة، وقد شكّل نحو ثلث عوائد الصيرفة الاستثمارية في الماضي. لكن هذه الصفقات تنطوي على مخاطر أيضاً، مما يجبر البنوك على وضع أموالهم الخاصة تحت التهديد. لكن على العكس من ذلك تحدث عمليات إعادة التمويل عادة بلا دعم، إذ توافق البنوك فقط على بذل قصارى جهدها للعثور على ما يكفي من المشترين بأسعار مقبولة لدى الجهة المقترضة.
لتحمل مخاطرة عالية بهذا الشكل، تفرض البنوك رسوماً على اكتتاب القرض تعادل نحو 2 إلى 2.5% من إجمالي مبيعات الدَّين. ولو سارت صفقة "كوفيز" كما هو مخطط لها لكانت البنوك تلقت رسوماً إجمالية تعادل أكثر من 20 مليون دولار، وفقاً لأحد المصادر.
طال أمد بيع التمويل للمستثمرين، وبدلاً من بيع السندات -حسب الخطة الأصلية- تحوَّل الأمر لاحقاً إلى استدانة مزيد من القروض.
كجزء من عقد ضمان الاكتتاب، توافق البنوك عادة على تحمل الخسائر إذا بيعت السندات أو القروض بمبلغ أقل من السعر المحدد. وفي حالة "كوفيز"، بلغ هذا المستوى 93% من القيمة الاسمية، وتدنّت شركات الاكتتاب عن هذا المستوى بالفعل خلال الجمعة الماضي، عندما خفضت البنوك أسعار القروض إلى 90% لكل من الديون المقومة بالدولار واليورو على حد سواء لزيادة جاذبيتها، حسب المصادر.
ديون إضافية
تتمتع هذه القروض بحق الامتياز الأول، وهو ما يعني أنها تتميز بالأولوية لتسديدها إذا شهرت الشركة إفلاسها، في حين تتسم القروض العالقة بالفعل لدى البنوك، وتبلغ قيمتها أكثر من 300 مليون دولار، بالامتياز الثاني.
اشتملت قروض حق الامتياز الأول، التي بيعت الاثنين الماضي، على حصة بمبلغ 595 مليون دولار، وحصة مقومة باليورو تعادل 350 مليون دولار. وأبدى المتداولون يوم الثلاثاء استعدادهم لشراء الديون الدولارية بسعر 90 سنتاً للدولار الواحد، وبيعها بمبلغ 93 سنتاً، وفقاً للمصادر المطلعة على الصفقة.
في ظل تعثر التمويل، اقترضت "كوفيز" بنسبة أكبر قليلاً، واستخدمت المبالغ التي تحصلت عليها جزئياً لدفع تكلفة بيع القروض بهذا الخصم السعري الكبير، مما خفف وطأة خسائر البنوك. وعزز ذلك مستوى الدَّين الإجمالي لدى الشركة المصنّعة للأدوية، وتسبب في وصول حزمة الاقتراض إلى نحو 1.26 مليار دولار، وفقاً للمصادر المطلعة على الصفقة.
شكوك المستثمرين
تصنع "كوفيز" أدوية مثل منتجات الوقاية من نوبات الربو، وعقاقير لعلاج نقص الحديد في الجسم، حسب وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس".
ساور المستثمرين بعض الشكوك تجاه الشركة التي تولد ما يزيد على 60% من عوائدها من 3 عقاقير يواجه كل منها مشكلات، مثل المنافسة مع الأدوية النوعية، أو احتمالية سحبها من السوق على يد الجهات التنظيمية، وفقاً للمصادر.
وتساعد حزمة الديون على تمويل استحواذ "كوفيز" على منتجات لدى شركة "أسترازينيكا"، إضافة إلى إعادة تمويلها لديونها الحالية.