رغم تبرئة "جورجيفا".. مصداقية صندوق النقد لا تزال في مأزق

time reading iconدقائق القراءة - 12
كريستالينا غورغييفا - المصدر: بلومبرغ
كريستالينا غورغييفا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تحتفظ كريستالينا جورجيفا بمنصبها في رئاسة صندوق النقد الدولي وتواجه حاليا التحدي الأكبر المحتمل المتمثل في الحفاظ على مصداقية المؤسسة.

في وقت متأخر من يوم الاثنين الماضي، أكد مجلس إدارة صندوق النقد الدولي "ثقته الكاملة" في "جورجيفا" بعد مناقشة مراجعة أعدتها شركة قانونية، واتهامها بالضغط على مرؤوسيها في البنك الدولي لتعديل تقرير لصالح الصين في عام 2017.

فور تأكيد الصندوق الثقة في "جورجيفا"، اتخذت وزارة الخزانة الأمريكية نبرة مختلفة بشكل حاد، ففي حين أن المزاعم لم تستدع عزل "جورجيفا"، فإن تقرير الشركة القانونية "أثار قضايا ومخاوف مشروعة"، وحثت الولايات المتحدة على اتخاذ خطوات "لتعزيز تكامل البيانات ومصداقيتها في صندوق النقد الدولي".

جاء قرار مجلس الإدارة بالإبقاء على "جورجيفا" البالغة من العمر 68 عاما، في منصبها، بينما اجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية من جميع أنحاء العالم في واشنطن لحضور أول اجتماعات مباشرة لصندوق النقد والبنك الدوليين منذ بدء تفشي الوباء.

"الثقة العامة في المؤسسات المالية الدولية تآكلت، نظرا لإدراك أن التفوق التكنوقراطي قد تم إبطاله بسبب السياسة"، وفقا لمارك سوبل، وهو مسؤول سابق في وزارة الخزانة الأمريكية، مثّل البلاد في صندوق النقد الدولي، الذي كتب ذلك عبر مدونته أمس الثلاثاء للمنتدى الرسمي للمؤسسات النقدية والمالية.

وفي أعقاب فضيحة "جورجيفا"، فإن هناك ثلاثة تحديات تتعلق بالمصداقية تحوم بشأن مؤسسات الإقراض، التي تشكلت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي كالتالي:

1 - سلامة البيانات والتحليلات

كشفت مراجعة الشركة القانونية، إلى جانب التحقيقات اللاحقة التي أجرتها "بلومبرغ نيوز"، عن حقيقة غير مريحة للصندوق والبنك الدوليين، إذ غالبا ما تخضع البيانات والاستنتاجات في التقارير البحثية وراء الأبواب المغلقة لضغوط مكثفة من جانب الحكومات واستجواب وثيق من قبل الإدارة العليا.

أظهر ذلك أن السياسة متشابكة مع دور المؤسسات، كونها وسيطا نزيها للمعلومات التفصيلية حول البلدان والاقتصاد العالمي.

وكتب "سوبل" أن ما حدث لا يمثل صدمة للأشخاص المنخرطين مع مؤسسات الإقراض، "لكن الضرر وقع، وسيشك الكثيرون في الصفات التكنوقراطية للمؤسسات، على الأقل في الوقت الحالي".

على الرغم من أن البنك الدولي قد أوقف حاليا نشر تقرير "ممارسة أنشطة الأعمال" الذي كان موضوع التحقيق، فمن المرجح أن تخضع أنشطة البحث والتحليل لدى البنك وصندوق النقد الدوليين لمزيد من التدقيق، خاصة لأي مادة تتعلق بالصين، الأمر الذي يزيد الضغط على "جورجيفا"، ورئيس البنك الدولي ديفيد مالباس لضمان إمكانية الوثوق بتلك التقارير والنصائح.

قال كبير الاقتصاديين السابق بالبنك الدولي، بول رومر، على تلفزيون "بلومبرغ": "تأتي الدول دائما وترغب في الاستماع إلى سبب عدم عدالة أرقامها، ولماذا يجب وصفها بشكل أفضل قليلا".

يحتاج الباحثون إلى "أن يكونوا واضحين للغاية، نسجل ما هو حقيقي، ولا نغير ما هو حقيقي". وقالت غيتا غوبيناث، كبيرة الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" أمس الثلاثاء، إن سلامة بيانات الصندوق أمر بالغ الأهمية وإنها واثقة في عملياته.

وأضافت: "إننا نولي قدرا هائلا من الأهمية لسلامة البيانات في صندوق النقد الدولي.. لدينا العديد من الضوابط والتوازنات، إدارات متعددة واقتصادات متعددة تراجع توقعات بياناتنا، لذلك أشعر بالرضا عن أدائنا".

2. النفوذ الأوروبي والأمريكي

تواجه "جورجيفا" مجموعة متشابكة من الصعوبات في ظل الدعوات لتقليل النفوذ الأوروبي في صندوق النقد الدولي، والحاجة إلى تهدئة التوترات مع إدارة "بايدن" بشأن الفضيحة، وتلبية توقعات الصين بأن اقتصادها المتنامي يستحق حصة أكبر من حقوق التصويت.

اقترح "سوبل" أن تلتزم الولايات المتحدة وأوروبا هذا الأسبوع "بإنهاء الاحتكار الثنائي" للوظائف العليا في البنك وصندوق النقد الدوليين، ما يفتح المجال أمام المرشحين المؤهلين من آسيا والأسواق الناشئة.

في غضون ذلك، جعلت الفضيحة مهمة مُعقدة بالفعل، أكثر صعوبة، وهي حَمْل الكونغرس الأمريكي على الموافقة المحتملة في السنوات المقبلة على التغييرات التي من شأنها أن تمنح الصين والأسواق الناشئة الأخرى مزيدا من التأثير في صندوق النقد الدولي.

في المرة الأخيرة التي حدثت فيها مثل هذه التغييرات بشأن حقوق التصويت خلال عام 2015، فرض المشرعون شروطا تشمل ضمان عدم تخفيف صندوق النقد الدولي للمعايير بشأن منح قروض معينة.

وقال باتريك مكهنري، ممثل كارولينا الشمالية، الممثل الأعلى للحزب الجمهوري في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأمريكي، إن الإدارة "استسلمت لضغوط الدول الأخرى التي تريد إخفاء الفضيحة.. سيؤثر ذلك على مداولات الكونغرس بشأن صندوق النقد الدولي لسنوات قادمة".

3- معنويات الموظفين

تعمل "جورجيفا" بكل جدية لاستعادة ثقة العديد من العاملين بصندوق النقد الدولي البالغ عددهم 2700موظف، وفقا لأشخاص مطلعين على شؤون الصندوق، والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.

يشعر بعض الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بالقلق من أنهم قد يواجهون صعوبة في إقناع البلدان بقبول توصيات بشأن انتهاج السياسات والشروط التي يقدمها الصندوق، وغالبا ما تكون أساسية لتلقي القروض إذا أدركت الدول المقترضة أن البيانات والتحليلات قابلة للتفاوض، وفقا للأشخاص.

قال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، جيري رايس، إن موظفي الصندوق يركزون على كيفية تقديم أفضل خدمة للدول الأعضاء البالغ عددها 190 دولة ومساعدتها على التعافي من الوباء.

أوضح "رايس" في رد عبر البريد الإلكتروني على الأسئلة أن "التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي غير مسبوقة، ونحن نتقدم بطريقة غير مسبوقة، بفضل مواردنا المالية وقوتنا التحليلية ومساعدتنا الفنية.. نقدم كل ما لدينا".

تصنيفات

قصص قد تهمك