الشرق
لا يزال الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ملتزماً بالوصول إلى مستوى التضخم في الولايات المتحدة عند 2%، مشدداً على أن المخاطر التي تواجه تحقيق أهدافه أصبحت متوازنة بشكل أفضل. جاء ذلك في إطار كلمة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام الكونغرس الأميركي اليوم الثلاثاء، تنشر "الشرق" نصها:
يركز الاحتياطي الفيدرالي بشكل مباشر على مهمتنا المزدوجة المتمثلة في تعزيز الحد الأقصى من التوظيف، والحفاظ على استقرار الأسعار لصالح الشعب الأميركي. وعلى مدى العامين الماضيين، حقق الاقتصاد تقدماً كبيراً نحو هدف التضخم الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي عند 2%، وتباطأت ظروف سوق العمل، مع بقائها قوية. وبالنظر إلى هذه التطورات، فإن المخاطر التي تواجه تحقيق أهدافنا المتعلقة بالتوظيف والتضخم أصبحت متوازنة بشكل أفضل.
سأقوم بمراجعة الوضع الاقتصادي الحالي قبل التحول إلى السياسة النقدية.
الوضع الاقتصادي الحالي والتوقعات
تشير البيانات الأخيرة إلى أن الاقتصاد الأميركي مستمر في التوسع بوتيرة قوية. يبدو أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد تراجع في النصف الأول من هذا العام، بعد قوة مثيرة للإعجاب شهدها في النصف الثاني من العام الماضي.
ومع ذلك، لا يزال الطلب المحلي الخاص قوياً، مع زيادات أبطأ ولكن قوية في الإنفاق الاستهلاكي. لقد شهدنا أيضاً نمواً معتدلاً في الإنفاق الرأسمالي، وانتعاشاً في الاستثمار السكني حتى الآن هذا العام. وقد أدى تحسن ظروف العرض إلى دعم الطلب المرن، والأداء القوي للاقتصاد الأميركي خلال العام الماضي.
سوق العمل
في سوق العمل، تشير مجموعة واسعة من البيانات إلى أن الظروف عادت إلى ما كانت عليه عشية وباء كورونا: قوية، ولكنها ليست فائقة القوة.
ارتفع معدل البطالة لكنه ظل عند مستوى منخفض عند 4.1% في يونيو. وبلغت زيادة عدد الوظائف ما متوسطه 222 ألف وظيفة شهرياً في النصف الأول. تزامنت قوة خلق فرص العمل على مدى العامين الماضيين، مع زيادة في المعروض من العمال، مما يعكس الزيادات في مشاركة القوى العاملة بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 54 عاماً، والوتيرة القوية للهجرة.
ونتيجة لذلك، انخفضت فجوة الوظائف إلى العمال بشكل كبير عن ذروتها، وتقف الآن أعلى بقليل من مستواها في عام 2019. وقد تراجع نمو الأجور الاسمية خلال العام الماضي.
ساعدت سوق العمالة القوية في تضييق الفوارق القائمة منذ فترة طويلة في التوظيف والأرباح بين المجموعات السكانية. وقد تراجع التضخم بشكل ملحوظ على مدى العامين الماضيين، ولكنه لا يزال أعلى من هدف اللجنة على المدى الطويل وهو 2%. كما ارتفع إجمالي أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 2.6% خلال الـ 12 شهراً المنتهية في مايو. كما ارتفعت أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية، التي تستثني فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، بنسبة 2.6%.
وبعد عدم إحراز تقدم نحو هدف التضخم البالغ 2% في النصف الأول من هذا العام، أظهرت القراءات الشهرية الأخيرة تقدماً متواضعاً. ويبدو أن توقعات التضخم الأطول أجلاً تظل راسخة، كما يتبين من مجموعة واسعة من الدراسات الاستقصائية للأسر والشركات والمحللين، فضلاً عن مؤشرات الأسواق المالية.
السياسة النقدية
تسترشد إجراءات سياستنا النقدية بتفويضنا المزدوج المتمثل في تعزيز الحد الأقصى من التوظيف، والحفاظ على استقرار الأسعار للشعب الأميركي. ودعماً لهذه الأهداف، أبقت اللجنة على النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عند 5.25 و5.5% من دون تغيير منذ يوليو الماضي، وذلك بعد تشديد السياسة النقدية بشكل كبير خلال العام ونصف العام الماضية. لقد واصلنا أيضاً تقليل حيازاتنا من الأوراق المالية.
في اجتماعنا في مايو، قررنا إبطاء وتيرة خفض الميزانية العمومية بدءاً من شهر يونيو، بما يتوافق مع الخطط التي تم إصدارها مسبقاً. ويساعد موقف سياستنا النقدية التقييدية على تحقيق توازن أفضل بين الطلب والعرض، وممارسة ضغوط هبوطية على التضخم.
ذكرت اللجنة أنه من غير المناسب خفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، حتى نكتسب ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك على نحو مستدام نحو هدف 2%. ولم تدعم البيانات الواردة للربع الأول من هذا العام مثل هذه الثقة.
مع ذلك، أظهرت أحدث قراءات التضخم بعض التقدم المتواضع، ومن شأن المزيد من البيانات الجيدة أن تعزز ثقتنا في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو 2%.
نواصل اتخاذ القرارات خلال كل اجتماع. ونحن نعلم أن الحد من القيود بشكل مبكر، أو بشكل أكبر مما ينبغي، يمكن أن يعرقل أو حتى يعكس التقدم الذي شهدناه في ما يتعلق بالتضخم.
في الوقت نفسه، وفي ضوء التقدم الذي تم إحرازه في خفض التضخم وتهدئة سوق العمل على مدى العامين الماضيين، فإن التضخم المرتفع ليس الخطر الوحيد الذي نواجهه. فالحد من القيود في وقت متأخر للغاية أو بشكل أقل مما ينبغي، يمكن أن يؤدي إلى إضعاف النشاط الاقتصادي، وسوق العمل، على نحو غير مبرر.
عند النظر في التعديلات على النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، ستواصل اللجنة ممارستها المتمثلة في التقييم الدقيق للبيانات الواردة، وآثارها على التوقعات، وتوازن المخاطر، والمسار المناسب للسياسة النقدية.
لقد عهد الكونغرس إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي بالاستقلال التشغيلي المطلوب لتبني منظور طويل المدى في السعي لتحقيق مهمتنا المزدوجة المتمثلة في تحقيق الحد الأقصى من التوظيف، والحفاظ على الأسعار المستقرة. نحن ملتزمون بخفض التضخم إلى هدفنا عند 2%، والحفاظ على توقعات التضخم على المدى الطويل راسخة بشكل جيد. إن استعادة استقرار الأسعار أمر ضروري لتحقيق أقصى قدر من العمالة واستقرار الأسعار على المدى الطويل. إن نجاحنا في تحقيق هذه الأهداف يهم جميع الأميركيين.
اسمحوا لي أن أختتم كلمتي بالتأكيد على أننا ندرك أن أفعالنا تؤثر على المجتمعات والأسر والشركات في جميع أنحاء البلاد. كل ما نقوم به هو في خدمة مهمتنا العامة.