كيف تخطط مجموعة الدول السبع إلى التصدي لنفوذ روسيا والصين؟

تحديات جيوسياسية واقتصادية متزايدة تهدد هيمنة المجموعة على النظام العالمي

time reading iconدقائق القراءة - 22
أربطة حمل البطاقات عليها شعار قمة مجموعة السبع في إيطاليا وبطاقات الاعتماد للسماح بالمرور المستخدمة في قمة مدينة فاسانو  - المصدر: بلومبرغ
أربطة حمل البطاقات عليها شعار قمة مجموعة السبع في إيطاليا وبطاقات الاعتماد للسماح بالمرور المستخدمة في قمة مدينة فاسانو - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

مر عقد من الزمان منذ طردت مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى روسيا من عضويتها. وحالياً، أصبحت المجموعة التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية والتي تشكل 44% من الاقتصاد العالمي متصالحة مع أوجه قصورها مع معرفتها بقدرتها على الصمود في مواجهة الصعاب.

تحقق كل من الصين وروسيا نجاحاً على صعيد استمالة الاقتصادات الناشئة في الجنوب العالمي ذي التعريف الفضفاض، وتنظران إلى الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها بوصفها دولاً عدوانية تشعل الحروب وتستخدم العقوبات لتحقيق أهدافها الجيوسياسية. وتسعى مجموعة الدول السبع لاستمالة ذات البلدان، وفي قمة الزعماء التي انعقدت الأسبوع الحالي في جنوب إيطاليا، وجدت حلاً مبتكراً حول سبل استغلال فوائد الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا.

مصاعب داخلية

تكمن المشكلة في أن كثيراً من الزعماء الذين يتوافدون على مدينة بوليا يواجهون أوضاعاً صعبة في بلادهم. فالرئيس الأميركي جو بايدن متأخر عن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في العديد من استطلاعات الرأي قبل انتخابات نوفمبر المقبل. ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في طريقه للهزيمة في انتخابات يوليو. أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فيواجه الشائعات التي تزعم أنه سيستقيل في انتخابات تشريعية مبكرة لم يكن مضطراً للدعوة إليها الشهر المقبل.

في مواجهة حربين وحشيتين، هل تستطيع مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى حشد ما يكفي من القوة الاقتصادية والعسكرية وقوة الإقناع لدرء أكبر التهديدات للنظام العالمي الذي تقوده البلدان الديمقراطية منذ الحرب العالمية الثانية؟ تحددت خطوط المعركة لهذا العصر الجديد من التشرذم على صعيد الجغرافيا الاقتصادية.

الإنفاق العسكري

ما من قضية تكشف عزلة مجموعة الدول السبع أفضل من أزمة أوكرانيا. قدمت المجموعة والاتحاد الأوروبي غالبية المساعدات والدعم العسكري الأجنبي، في حين أن جميع البلدان الأخرى تقريباً تجنبت الانخراط في الصراع إلى حد كبير، بل وتحالف بعضها مع روسيا.

أثار الصراع في أوكرانيا إلى جانب التعزيزات العسكرية للصين شكوكاً حول هيمنة مجموعة الدول السبع عسكرياً، بما في ذلك تصور قدرة الولايات المتحدة الأميركية على تقديم المساعدة في الدفاع عن أوكرانيا، وعلى الرد في الوقت نفسه على أي غزو محتمل لتايوان.

وعلى الرغم من زيادة الإنفاق العسكري في روسيا، لايزال هذا الإنفاق ثابتاً في مجموعة الدول السبع، بل وينخفض في العديد من هذه البلدان عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة المستهدفة لأعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وكانت هذه إحدى شكاوى ترمب الرئيسية إبان توليه الرئاسة الأميركية.

بطبيعة الحال، كما تقول "بلومبرغ إيكونوميكس"، فإن اقتصاد روسيا الأصغر حجماً يعني أنها حتى إذا ضاعفت نسبة إنفاقها العسكري إلى الناتج المحلي الإجمالي بسبب الحرب فمن الناحية المالية يعادل ذلك تقريباً نفس مبلغ الزيادة الأكثر تواضعاً بكثير الذي تخطط له ألمانيا.

الدفاع عن أوكرانيا

بالنسبة لمجموعة الدول السبع، فإن الدفاع عن أوكرانيا هو مسألة مبدأ ودفاع عن الديمقراطية نفسها. أما بالنسبة للعديد من البلدان الأخرى، فهو مجرد دليل آخر يشير إلى عالم متعدد الأقطاب وسيطرة الغرب الآخذة في التدهور.

وحدت العقوبات على روسيا في بداية الأمر مجموعة الدول السبع حول وقف تجارتها الثنائية مع روسيا، لكن إرسال البضائع عبر بلد ثالث ما زال يسمح لموسكو بمواصلة الحرب. ومثال على ذلك أن صادرات ألمانيا إلى كازاخستان قفزت منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022.

كذلك سارعت الصين إلى سد أي فجوة في احتياجات روسيا عبر زيادة التجارة الثنائية بينهما. وتحركت الولايات المتحدة الأميركية الأسبوع الجاري لكبح عمليات إعادة بيع البضائع إلى روسيا، مما وسع نطاق فرض القيود على تصنيع وبيع الرقائق بالخارج.

يقول روبن بروكس، الباحث البارز من مؤسسة "بروكينغز" في واشنطن: "في كلتا الحالتين -الصين وتنفيذ المعاملات التجارية عبر بلد ثالث- توجد مشكلة ضخمة. هي أن روسيا لم تُعزل اقتصادياً".

الحيوية الاقتصادية

على مدى الأعوام العشرة الماضية، تحرك مركز الثقل الاقتصادي العالمي بعيداً عن الغرب، ويرجح أن ينقلب إلى الجانب الآخر قبل نهاية العقد المقبل. وبحسب تحليل "بلومبرغ" لبيانات البنك الدولي، فإن اقتصادات مجموعة الدول السبع في طريقها إلى أن تفقد تفوقها لصالح بقية بلدان مجموعة العشرين من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.

وينبع جزء من مشكلة مجموعة الدول السبع من الركود الاقتصادي الذي أعقب الأزمة المالية العالمية، والذي اتسم بثبات مستويات المعيشة، وضعف زيادة الإنتاجية، وتراجع معدلات النمو وسط ارتفاع الديون الحكومية.

وفي غضون ذلك، تتقدم أعمار السكان في بلدان مجموعة السبع بوتيرة أسرع من نظرائهم في دول مجموعة العشرين، حيث إن نصف سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة تقل أعمارهم عن 30 سنة، بينما تتجاوز أعمار نحو 20% من سكان مجموعة الدول السبع حالياً حاجز 65 سنة.

يؤثر تقدم أعمار القوى العاملة سلباً على التوقعات المالية طويلة الأمد وتجعل اقتصادات أغنى دول العالم غير قادرة بصورة كبيرة على تحمل الأزمات القادمة. فمن بين مجموعة الدول السبع، تنخفض الديون في ألمانيا وحدها إلى أقل مما كانت عليه قبل 10 أعوام، ومن المتوقع أن تواصل أغلب تلك الدول الاقتراض بدلاً من بناء الاحتياطات المالية خلال الأعوام المقبلة.

وفي الوقت نفسه، شهدت الاقتصادات الآسيوية نمواً سريعاً، مدعوماً بالنمو السكاني والعولمة والطبقة الوسطى الوليدة.

وقال بن بلاند، مدير برنامج آسيا والمحيط الهادئ في مؤسسة "تشاتام هاوس" (Chatham House): "بالنسبة للصين بصفة خاصة، وبالنسبة لأسواق أخرى كبرى وسريعة النمو مثل الهند، فإن هذه القوة الاقتصادية المتنامية شرط أساسي لتعزيز نفوذها الجيوسياسي".

التجارة

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كان يُنظر إلى التجارة الحرة على أنها طريق الرخاء. حالياً، ينصب التركيز على فن إدارة الاقتصاد. ويشمل ذلك التدخل في الأسواق والسياسات الصناعية الحمائية التي تظهر في صورة حرب لكن بوسائل أخرى.

تحولت السياسات الصناعية، سواء أكانت تتألف من إعانات حكومية أو إعفاءات ضريبية أو حوافز أخرى، من كونها أمراً سيئاً بالنسبة للغرب إلى أن تصبح الاتجاه السائد في الولايات المتحدة الأميركية ومحل اهتمام متزايد من قبل الاتحاد الأوروبي.

بعد أن كان من أشد منتقدي قانون خفض التضخم الأميركي، يدرس التكتل الأوروبي حالياً تدابير حمائية صناعية خاصة به، ويرجع ذلك، حسبما أوضح رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي العام الجاري، إلى أن "المناطق الأخرى لم تعد تلتزم بقواعد التجارة الحرة". يعتزم التكتل الموحد زيادة الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية بداية من الشهر المقبل، ما يزيد من احتدام التوترات التجارية.

ربما اتحد وزراء مالية مجموعة السبع الذين يستعدون لقمة الزعماء هذا الأسبوع حول هذه المخاوف، وقد أشاروا إلى التغيير في الاستراتيجية من خلال ذكر الصين تحديداً في بيانهم ووعدوا بالنظر في اتخاذ تدابير لضمان تكافؤ الفرص.

اتخذت بالفعل إجراءات عديدة بطريقة أحادية، حيث يأتي اجتماع مجموعة الدول السبع بعد فترة وجيزة من إعلان إدارة بايدن إعادة فرض الرسوم الجمركية على مئات السلع المستوردة من الصين. وفي غضون ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي نتائج تحقيق حول الدعم الحكومي الصيني للسيارات الكهربائية والتي يمكن أن تنتهي أيضاً إلى فرض رسوم جمركية.

وحدة الصف

حتى لو كان هناك قدر من الاتحاد داخل مجموعة الدول السبع حيال استخدام هذه الأدوات الاقتصادية ضد الصين، فإن بكين تدرك جيداً أن التركيز ينصب على معاقبة المنافسين وليس مكافأة الأصدقاء. ويدرك الجميع بوضوح شديد أنه سيتعين اتباع نهج الثواب والعقاب لاستقطاب دول الجنوب.

وعلى الرغم من كل التحديات التي تواجهها، لا تزال المجموعة واحدة من التجمعات الدولية القليلة التي يمكنها أن تقدم استجابة مالية ضخمة من النوع الذي ساعد أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي أو تطمح إلى تحديد جدول الأعمال في القضايا العالمية الكبرى.

وقالت كايثلين ويلش، وهي مسؤولة أميركية سابقة تعمل حالياً في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" (Center for Strategic & International Studies) في واشنطن: "لا توجد مجموعة متعددة الأطراف كانت فعالة مثل مجموعة الدول السبع على جبهات متعددة".

تصنيفات

قصص قد تهمك