الشرق
من المتوقع أن يرتفع الإنفاق العسكري في السعودية خلال السنة المالية المقبلة بنحو 8.7% عن العام الجاري، وفقاً لميزانية عام 2024، والتي تم الإعلان عنها اليوم الأربعاء.
رصدت المملكة في ميزانية 2024، نحو 269 مليار ريال (نحو 71 مليار دولار) لهذا القطاع، وهو ما يشكل نحو 21.5% من مجمل الإنفاق العام.
هذا الارتفاع البالغ 41 مليار ريال عن إنفاق الحكومة على البند نفسه عام 2022، يعود إلى أسباب عديدة، في مقدمتها مواصلة التقدم في توطين الصناعات العسكرية، بالإضافة إلى إطلاق برامج تطوير وتحديث مرتبطة بهذا القطاع الحيوي.
وزير المالية السعودي محمد الجدعان أشار في مؤتمر صحافي اليوم الأربعاء، إلى رصد ميزانية لعشر سنوات لتطوير وتحديث القطاع العسكري، مضيفاً أن ارتفاع الإنفاق العسكري جاء لـ"تحديث القطاع".
نبه الوزير أيضاً إلى أن رفع القدرات العسكرية يساعد على زيادة الاستقرار.
من جهته برر بيان الميزانية هذه الزيادة بـ"مواصلة التقدم في توطين الصناعات العسكرية".
مخططات التوطين
تضع الحكومة السعودية ضمن مخططاتها زيادة نسبة التوطين عن 50% من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول العام 2030، وذلك وفقاً للاستراتيجية الوطنية للصناعة التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر 2022.
في إطار هذه الاستراتيجية، من المفترض أن تصل مساهمة الصناعات الدفاعية والعسكرية في الناتج المحلي إلى 95 مليار ريال عام 2030، وهو ما يمثل نحو 41% من حجم الإنفاق العسكري للمملكة خلال 2022.
وتقود الهيئة العامة للصناعات العسكرية والشركة السعودية للصناعات العسكرية "سامي" المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، جهود توطين الصناعات العسكرية في المملكة، حيث تسعى الأخيرة لأن تصبح ضمن أفضل 25 شركة صناعات عسكرية على مستوى العالم قبل 2030.
السعودية عملت خلال الأعوام الماضية على تعزيز هذا التوجه من خلال اتفاقيات تصب في خدمة الاستراتيجية. وفي أغسطس الماضي، وقّعت المملكة اتفاقية ومذكرتي تفاهم مع 3 شركات دفاعية تركية، بهدف توطين صناعة الطائرات المسيّرة في المملكة، أما في يونيو الماضي، فاتفقت مع "سكوبا للصناعات العسكرية" و"إيرباص" على توطين صناعة طائرات الهليكوبتر المدنية والعسكرية بالمملكة، بقيمة تبلغ 25 مليار ريال (6.7 مليار دولار) كمرحلة أولى.
اقرأ أيضاً: ما هي مستهدفات السعودية في 2024؟
محمد العجلان رئيس مجلس إدارة شركة "سكوبا" قال في تصريحات سابقة لـ"الشرق" إنه يتوقع أن يصل حجم الاستثمار بين شركته و"إيرباص" إلى 75 مليار ريال (20 مليار دولار) خلال العشر سنوات المقبلة، وبدء الإنتاج خلال عامين.
في فبراير الماضي، أشار راي بيسيلي نائب الرئيس للأعمال الدولية في شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية إلى عزمها تشييد سفينة قتالية في السعودية اشترتها المملكة في وقت سابق، وذلك بعدما دشنت القوات البحرية الملكية السعودية في أكتوبر من العام الماضي، العارضة الرئيسية للسفينة الثانية من سفن "مشروع طويق" الذي يتضمن تشييد 4 سفن قتالية.
في السياق ذاته، قال مسؤول في "ريثيون" الأميركية للصناعات الدفاعية في مارس من العام الماضي، إن شركته تدرس تصنيع جزء من مكوّنات صواريخ "باتريوت" (Patriot) في السعودية. كما أعلنت الهيئة العامة للصناعات العسكرية آنذاك، عن مشروعين لتوطين صناعة منصات إطلاق صواريخ الاعتراض "ثاد" (Thaad)، بالإضافة لتصنيع حاويات الصواريخ محلياً، بالتعاون مع "لوكهيد مارتن".
من جهتها، أعلنت "سامي" العام الماضي، اتفاقية شراكة استراتيجية مع شركة "بوينغ"، لتأسيس مشروع استراتيجي مشترك في السعودية. وبموجب الاتفاقية، سيعمل الطرفان على توفير خدمات الصيانة والإصلاح والاستدامة للطائرات العمودية (Helicopter) التي تعمل حالياً في المملكة. وتخطط "سامي"، إلى تحقيق 5 مليارات دولار أرباحاً سنوية بحلول 2030.
وليد أبو خالد، الرئيس التنفيذي للشركة، كشف في مقابلة سابقة مع "الشرق" أن "سامي" لديها خطة استثمارية تتراوح ما بين 6 إلى 7 مليارات ريال خلال الفترة المقبلة.
كما وقّعت مؤخراً شراكات مع 14 شركة أجنبية، بينها 3 من كبرى الشركات في العالم، مشيراً إلى أن الشركة تتطلع لصفقات استحواذ خارج المملكة وداخلها، بالإضافة إلى إيجاد شراكات مع أكبر وأفضل شركات الدفاع في العالم.
قطاع مهم
تصب هذه الاتفاقيات في تعزيز دور الصناعة الدفاعية في المملكة خصوصاً، والقطاع الصناعي المهم للمملكة. برزت أهمية القطاع الصناعي من خلال كلمة ولي العهد السعودي بمناسبة إقرار ميزانية 2024، إذ شدد على أن المملكة عازمة على تطويره، لكونه "من أهم القطاعات الحيوية في الاقتصاد السعودي"، وذلك من "خلال تنويع القاعدة الصناعية وسلاسل القيمة عبر الاستراتيجية الوطنية للصناعة، التي تركز على 12 قطاعاً فرعياً لتنويع الاقتصاد الصناعي ورفع الناتج المحلي الصناعي نحو ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2020، ليصل إلى 895 مليار ريال في عام 2030؛ ليكون مساهماً رئيسياً في تنمية الصادرات غير النفطية".