بلومبرغ
يدرس معهد البترول الأمريكي تأييد توجه الحكومة الأمريكية نحو تسعير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كوسيلة لإبطاء الاحتباس الحراري، وهو ما يعدُّ تحولاً رئيسياً في توجه أكبر مجموعة ضغط في صناعة النفط.
ووفقاً لشخصين على دراية بالمناقشات، لن يؤيد بيان سياسات المعهد توجُّهاً محدداً مثل فرض ضريبة على الانبعاثات، أو وضع حدٍّ أقصى للعمليات التجارية، ولكنَّه سوف يؤيد ما يسمى سياسة الاعتماد على آليات السوق على مستوى الاقتصاد.
وقد يقوم المجلس التنفيذي للمعهد بالتصويت على تأييد تلك السياسة في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
قيمة سوقية للانبعاثات
وفي المقابل، يرى المؤيدون لفرض قيودٍ على الانبعاثات أنَّ فرض ضريبة الكربون التي قد تزيد من تكلفة مصادر الطاقة المشتقة من النفط، والغاز الطبيعي، والفحم ستكون أكثر فعالية من مجرَّد لوائح تقلِّص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة، مثل الضرائب التي يمكن خصم عائداتها للمستهلكين، التي من شأنها أن تكبح استخدام الوقود الأحفوري، وتشجِّع السوق على تطوير بدائل منخفضة الانبعاثات الكربونية.
وتبنَّت غرفة التجارة الأمريكية سياسات للحدِّ من الانبعاثات تقوم على آليات السوق منذ يناير الماضي، في الوقت الذي يدعم العديد من كبار أعضاء معهد البترول: "إكسون موبيل"، "كونوكو فيليبس"، "بي بي"، و"رويال دويتشه شل" خطط فرض ضريبة، وخصومات على الانبعاثات الكربونية.
قال دارين وودز، الرئيس التنفيذي لشركة "إكسون موبايل" في مؤتمر "سيراويك" الذي تنظمه" أي اتش اس ماركيت" يوم الثلاثاء: "من المهم تحديد قيمة سوقية للانبعاثات الكربونية للتأكُّد من استخدام آليات السوق لمحاولة تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل أكثر فعالية من ناحية التكلفة". وأضاف: "يجب ألا تحدد الحكومة الرابحين والخاسرين".
وقد اكتسبت جهود مكافحة الانبعاثات الكربونية زخماً في ظل القرارات الاستثمارية لشركات الطاقة الدولية، التي أخذت في الاعتبار فرض حدود للانبعاثات من خلال لوائح، أو ضرائب، أو آليات أخرى. إذ تسعى الشركات للوصول إلى تنظيمٍ محدد بشأن تلك القضية بدلاً من السياسات البيئية التي تتغيَّر مع كل انتخابات رئاسية.
وتستعد الشركات أيضاً إلى زيادة الرسوم الجمركية المحتملة على الواردات من البلدان التي تتساهل في تطبيق السياسات المناخية، مما يمثِّل خطراً محتملاً على الشركات الأمريكية التي تبيع منتجات كثيفة الكربون على مستوى العالم.
وكان معهد البترول قد أبدى تأييده لسياسات تقييد الانبعاثات في يناير الماضي، عندما أعلن دعمه لطموحات اتفاقية باريس للحدِّ من انبعاثات الغازات الدفيئة مستشهداً "بالسياسات القائمة على تحديد القيمة السوقية" مثل تسعير الكربون كطريقة توازن بين خفض الانبعاثات، و"المرونة والسرعة للحفاظ على أسعار الطاقة في مستويات مناسبة".
دعوات معارضة
وقالت ميغان بلومغرين، نائب رئيس قسم العلاقات العامة، إنَّ المعهد قدَّم "دعوة لكبار مسؤولي الصناعة في جميع مراحل سلاسل التوريد للاتفاق حول مجموعة من السياسات والإجراءات التي تدعمها الصناعة من أجل تشكيل مستقبل منخفض الكربون".
وقالت بلومغرين عبر البريد الإلكتروني: "تتركَّز جهودنا على دعم مساهمة أمريكية جديدة في اتفاقية باريس العالمية".
وكانت صحيفة "وول ستريت" قد ذكرت في وقت سابق أنَّ معهد البترول الأمريكي يبحث تحرُّكاً ما.
وفي المقابل ينتقد بعض ناشطي حماية البيئة المعارضين للاعتماد على الوقود الأحفوري تلك الخطوة، فقد وصفتها مايا غولدن كراسنر نائب مدير معهد قوانين المناخ التابع لمركز التنوع البيولوجي بأنَّها "ليست أكثر من مجرد حيلة لتحسين الصورة العامة".
وقالت غولدن كراسنر: "نحتاج لوائح صارمة تبقي الوقود الأحفوري في الأرض بدلاً من إيجاد طريقة للمنتجين لدفع مقابل عدم تعرضهم للمسائلة بشأن ممارساتهم تجاه المناخ".
وينقسم أعضاء صناعة النفط والغاز لفريقين. إذ تميل شركات الطاقة الكبرى صاحبة الأعمال المتكاملة، والمنتشرة جغرافياً حول العالم إلى توجُّه خفض الانبعاثات الكربونية، وهو التوجُّه الذي تعارضه شركات الإنتاج، ومصافي التكرير المستقلة.
الغاز الطبيعي
سوف يستفيد منتجي الغاز الطبيعي والفحم من فرض ضريبة على الانبعاثات الكربونية، كما تحفِّز تلك الضريبة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والنووية.
وقد دعت الكثير من الجهات مسؤولي إدارة بايدن إلى تسعير الكربون على مستوى وطني. في حين قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين، إنَّ "تسعير الكربون بشكل فعَّال ضروري لحل أزمة المناخ". وقد قالت يلين قبل ذلك في يناير الماضي، إنَّ ضريبة الكربون تمثِّل "حلاً نموذجياً" لمكافحة التغير المناخي.
وقالت يلين في ردٍّ كتابي على استفسارات اللجنة المالية في مجلس الشيوخ: "أؤيد تماماً تسعير الكربون بشكل فعال، وأعلم أنَّ الرئيس يؤيد هو الآخر".
تحديات سياسية
وتبقى المتغيرات السياسية تحدياً آخر أمام تسعير الكربون، لا سيَّما في مجلس الشيوخ الذي تساوت فيه الأصوات الشهر الماضي على اختلاف التوجهات الحزبية لمنع إجراء يعارض فرض ضريبة على الكربون.
وقد أعلن السيناتو جو مانشين الذي يمثِّل ولاية فيرجينيا الغربية الغنية بالفحم -الذي يرأس لجنة الطاقة في الغرفة، وقد يكون تصويته كديمقراطي بشأن تلك القضايا محلَّ اهتمام- تأييده لموقف حزبه من فرض ضريبة على الكربون.
وأيَّد العديد من الجمهوريين، بما فيهم ليزا موركوفسكي من آلاسكا، وميت رومني من ولاية يوتا فرض ضريبة على الكربون.
ولكن ظلَّ الإجماع حول القضية في مجلس الشيوخ أمراً صعباً في السنوات الأخيرة، برغم تقديم العديد من المقترحات، فقد دعم الجمهوريون والشركات بعض المبادرات المتعلقة بفرض ضريبة على الكربون مقابل الغاء اللوائح الفيدرالية الخاصة بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهي المقايضة التي عارضها العديد من النشطاء في مجال حماية البيئة بشدة.
كما تبقى هناك العديد من التساؤلات حول كيفية استخدام عوائد الضرائب على الكربون، إذ تدعو بعض الاقتراحات إلى خصمها من أموال دافعي الضرائب، في حين يؤيد آخرون توجيه تلك العوائد إلى الإنفاق على مشروعات حماية البيئة، واستعادة الطبيعة، وتنشيط مجتمعات الفحم.