بلومبرغ
تتفاقم أزمة الطاقة في ولاية تكساس الأمريكية التي ضربها الطقس السيئ وأدى لانقطاع الكهرباء وارتفاع أسعارها لمستويات قياسية، إذ يعيش ما لا يقل عن 5 ملايين شخص في الظلام الدامس لبعض الوقت في جميع أنحاء الولايات المتحدة، لتفادي انهيار شبكة الكهرباء تماما.
وتعاني المنازل والشركات من "نورث داكوتا" إلى "تكساس" من انقطاع الكهرباء وسط حالة البرد والتجمد غير المسبوق مع انخفاض قياسي في درجات الحرارة.
وليس بمقدور مديري الشبكة تحديد موعد انتهاء انقطاع التيار الكهربائي بالضبط مع توقعات باستمرار الموجة الباردة حتى يوم الأربعاء.
وتسارع المراكز الطبية لتوزيع لقاحات كورونا قبل أن تتردى الأوضاع. فيما توقفت الرحلات الجوية.
وجرى وقف إنتاج أكثر من مليون برميل يوميا من النفط، و10 مليارات قدم مكعبة من إنتاج الغاز بينما أعلنت خطوط الأنابيب عن حالة "القوة القاهرة" وتوقفت المصافي الضخمة عن إنتاج البنزين والديزل.
والقوة القاهرة هي إحدى بنود العقود، تعفي كلا من الطرفين المتعاقدين من التزاماتهما عند حدوث ظروف قاهرة خارجة عن إرادتهما.
ووافق الرئيس الأمريكي جو بايدن على إعلان حالة الطوارئ في ولاية تكساس، مما أتاح تعبئة المزيد من الموارد لمساعدة المتضررين من أزمة الطاقة.
وقال نيل تشاترجي، عضو هيئة تنظيم الطاقة الفيدرالية الأمريكية: "أتابع أسواق الطاقة ومشكلات الشبكة منذ فترة طويلة، ولا أستطيع أن أتذكر حالة الطقس المتطرفة التي أثرت على مساحة كبيرة من البلاد بهذه الطريقة - الوضع حرج".
وموجة الطقس البارد، هي أحدث حلقة في سلسلة من الظواهر المناخية القاسية التي تسببت في انهيار شبكات الكهرباء وإحداث تغييرات بأسواق الطاقة على مستوى العالم من اليابان إلى باكستان وفرنسا في الأشهر الأخيرة.
وأكدت سلسلة الظواهر المناخية القاسية كيف أصبح العالم ضعيفا في مواجهة الطقس الذي لا يمكن التنبؤ به بشكل متزايد والناجم عن تغير المناخ، كما أثارت تساؤلات حول التوجه العالمي إلى تعميم استخدام الكهرباء في كل القطاعات من النقل إلى التدفئة والتبريد.
وانقطع التيار الكهربائي عن أكثر من 4.3 مليون منزل وشركة في أرجاء ولاية تكساس يوم الاثنين، وفق بيانات توفرها منصة "باور أوتاج" "Poweroutage.us".
كما يعاني 400 ألف منزل آخر من الظلام في المساحة الممتدة من لويزيانا إلى أوهايو وفيرجينيا.
وانقطعت الكهرباء عن أكثر من 300 ألف منزل في ولاية أوريغون، كما تضررت ضواحي بمدينة نيويورك، وعانى نحو 24 ألف منزل في مقاطعة ساسكس بنيوجيرسي من الظلام.
وفي المكسيك، خيم الظلام على أكثر من 4.7 مليون منزل وشركة بعد أن تسبب انقطاع الكهرباء في تكساس في حدوث إخفاقات متتالية، لكن حوالي 65% من المنازل المتضررة بالمكسيك شهدت عودة التيار الكهربائي بحلول منتصف النهار، وفقا لـ المركز الوطني للتحكم في الطاقة ( سي إي إن أيه سي إي)، هيئة عامة لا مركزية تهدف إلى ممارسة التحكم التشغيلي في شركة الكهرباء الوطنية.
تغيرات جوية نادرة
ومع توقعات بارتفاع درجات الحرارة خلال الأسبوع المقبل، سيظل الطقس في جميع وسط الولايات المتحدة شديد البرودة خلال الأسبوع الجاري.
وقالت هيئة الأرصاد الوطنية إن مدينة دالاس، التي كان من المتوقع أن تشهد انخفاضا في درجة الحرارة بمقدار درجتين فهرنهايت (سجلت سالب 17 درجة مئوية) في وقت متأخر، لترتفع إلى 29 درجة بحلول الأربعاء.
ولكن بحلول وقت متأخر من يوم الخميس، ستنخفض درجة الحرارة إلى مستوى العشرات.
ويندر للغاية حدوث مثل هذه الظروف الجوية خاصة في أجزاء من ولاية تكساس.
وفي هيوستن، أكبر مدن الولاية، غطت طبقات الجليد الطرق ووقف الأفراد في طوابير طويلة لإعادة ملء أسطوانات البروبان المنزلية.
وتعطلت حركة المرور ومصابيح الإضاءة في الشوارع. كما نفد المعروض من الحطب، وخلت متاجر البقالة من السلع الضرورية بما في ذلك الحليب.
وإلى جانب الأضرار البشرية، تنعكس آثار موجة الجليد على صناعة الطاقة نفسها.
وانخفض إنتاج النفط الأمريكي بنحو 1.5 مليون إلى 1.7 مليون برميل يوميا، مما ساعد أسعار النفط الخام الأمريكية على تجاوز 60 دولارا للبرميل في تعاملات الإثنين للمرة الأولى منذ أكثر من عام.
ويواجه مجمع التكرير في المنطقة - الذي ينتج ما يقرب من نصف وقود البلاد – صعوبات بدون كهرباء. وتوقفت بعض أكبر مصافي النفط عن العمل تماما، مما يهدد بخفض إمدادات البنزين والديزل في جميع أنحاء البلاد.
وقال دان وودفين، أحد كبار المديرين في "مجلس الموثوقية الكهربائية" بتكساس يوم الإثنين، إن انقطاع التيار الكهربائي الحالي سيستمر على الأرجح "طوال يوم غد".
وقالت شركة تشغيل الشبكة الكهربائية في الغرب الأوسط الأمريكي أيضا إن الطلب على الكهرباء تجاوز المعروض تقريبا ليلة الاثنين، ودعت إلى خفض الاستهلاك لتفادي انقطاع التيار الكهربائي.
وتزيد الموجة القطبية التي تجتاح وسط الولايات المتحدة شبح انقطاع التيار الكهربائي في تكساس وتزيد الضغط على أسعار الطاقة المتداولة بالفعل عند مستويات غير مسبوقة.
تجاوز قدرات شبكات الكهرباء
ويعكف المتداولون على إجراء مقارنات بين انقطاع الكهرباء الذي يضرب حاليا وسط الولايات المتحدة وأزمة 2000-2001 في غرب الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة في الغرب الأوسط عام 1998.
وقبل أشهر فقط، واجهت كاليفورنيا أول انقطاع للتيار الكهربائي منذ 20 عاما عندما دفعت الحرارة الشديدة الطلب على الكهرباء إلى ما يتجاوز كثيرا قدرة المحطات.
وفاجأت الموجة القطبية خلال الأسبوع الجاري سوق الكهرباء اللامركزية في تكساس بشكل خاص، لكون شبكة المنطقة مصممة لفصول الصيف الحارة، وليس الشتاء البارد.
ولم تضطر محطات الكهرباء هناك لقطع التيار الكهربائي منذ عام 2011.
وقال دان وودفين، أحد كبار المديرين في "مجلس الموثوقية الكهربائية" بتكساس إن محطات الكهرباء التي تبلغ طاقتها الإجمالية أكثر من 34 غيغاوات اضطرت إلى التوقف عن العمل ليلا، بما في ذلك المفاعلات النووية ومولدات الفحم والغاز ومزارع الرياح.. لم يتضح بعد ما الأسباب وراء ذلك .
وتضررت أيضا مولدات طاقة الرياح من موجة الطقس البارد، إذ أصبحت شفرات التوربينات غير صالحة للعمل بسبب الجليد - وهي ظاهرة تقلل من الكفاءة ويمكن أن توقفها في النهاية عن الدوران.
وقدرت ولاية "تكساس" أن أكثر من نصف قدرتها من طاقة الرياح قد توقفت عن العمل، وفي بعض الأحيان، تعرضت أجزاء من ولاية تكساس لموجة برد أشد من "ألاسكا"، وفقا لخدمة الأرصاد الجوية الوطنية.
وبلغت درجة الحرارة بمنطقة "دالاس فورت وورث" 5 درجات فهرنهايت، وقالت هيئة الأرصاد الوطنية إن مدينة "هيوستن" قد تشهد تساقط الثلوج عليها نحو بوصتين (5 سنتيمترات) خلال الليل، إلى جانب الجليد والصقيع.
وأضافت أن "هيوستن" قد تتعرض لعاصفة أخرى تشمل الجليد وهطول أمطار متجمدة يوم الأربعاء.
وقال ديفيد روث، كبير خبراء التنبؤ بأحد فروع مركز التنبؤ بالطقس في الولايات المتحدة: "السهول الجنوبية تتعرض لموجة برد.. سيستغرق سكانها بعض الوقت للتخلص منها".
الأسعار المتأثرة بموجة البرد:
وصل متوسط أسعار الكهرباء في التعاملات الفورية عبر شبكة تكساس إلى الحد الأقصى لسعر الولاية عند 9 آلاف دولار لكل ميغاواط في الساعة مرة أخرى يوم الاثنين.
تراجعت صادرات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة بعد أن أغلقت الموجة القطبية الموانئ والآبار.
ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 2.5%، فوق 60 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ أكثر من عام.