زعماء عرب في ضيافة شي مع توسع القوة الناعمة للصين بالمنطقة

العلاقات الصينية المتنامية في الشرق الأوسط قد تضيف أكثر من 400 مليار دولار لتجارة الطاقة العالمية بحلول 2030

time reading iconدقائق القراءة - 11
الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال المنتدى الصيني العربي الأول في الرياض عام 2022 - المصدر: بلومبرغ
الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال المنتدى الصيني العربي الأول في الرياض عام 2022 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يلتقي الرئيس الصيني شي جين بينغ بمجموعة من زعماء الدول العربية خلال الأسبوع الجاري سعياً إلى إرساء علاقات أكثر عمقاً في منطقة تنفذ فيها الصين الكثير من الأعمال، وتمارس الدبلوماسية بشكل متزايد أيضاً.

من المقرر أن يلقي شي كلمة أمام منتدى التعاون الصيني العربي في بكين غداً الخميس بحضور رؤساء دول مصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين وتونس. من المرجح أن تركز المحادثات على مجالي التجارة والاستثمار، اللذين يشهدان نمواً بوتيرة سريعة، إضافة إلى المخاوف الأمنية الإقليمية وسط الحرب المتواصلة بين إسرائيل وحماس.

بينما تدعم إدارة بايدن موقف إسرائيل في الصراع، إلا أن الصين تتفق مع الدول العربية، وتؤيد وقفاً فورياً لإطلاق النار والاعتراف بالدولة الفلسطينية. ويؤدي هذا التحالف إلى مساعدة بكين على توسيع نفوذها السياسي في دول كانت حتى وقت قريب تنظر إلى الصين باعتبارها شريكاً اقتصادياً في المقام الأول، كما تكسب حلفاء جدداً في تنافسها العالمي على النفوذ مع الولايات المتحدة.

الصين: قادة 4 دول عربية يصلون بكين الثلاثاء في "زيارات دولة"

وفي أواخر عام 2022، أشادت بكين والرياض بزيارة شي إلى المملكة العربية السعودية باعتبارها نقطة تحول. وخلال العام الماضي، تابعت الصين مسيرتها وتوسطت في إبرام اتفاق، شكل مفاجأة، بين المملكة وإيران وصمد توافق العلاقات بينهما حتى وسط الضغوط الناجمة عن حرب غزة، كما توجد مؤشرات على أن الاتفاق أعقبه تسارع في وتيرة الاستثمار بين الصين والشرق الأوسط.

اتفاقات تجارية بين الصين والشرق الأوسط

يقدر محللو بنك "يو بي إس" أن العلاقات الصينية المتنامية مع الشرق الأوسط يمكن أن تضيف أكثر من 400 مليار دولار إلى التجارة العالمية المرتبطة بالطاقة بحلول عام 2030.

قالت شيرلي يو، مديرة المبادرة الصينية الأفريقية في كلية لندن للاقتصاد: "إن الصين تعمل على تطوير القوة الناعمة في المنطقة". وأضافت أنه علاوة على العلاقات التجارية التي تناسب احتياجات الجانبين، فإن "العلاقة تمتد إلى الدعم السياسي المتبادل في المؤسسات العالمية الحالية التي تقودها الولايات المتحدة"- بالإضافة إلى المؤسسات الجديدة مثل مجموعة "بريكس"، التي شاركت الصين في تأسيسها. وانضمت مصر والإمارات العربية المتحدة إلى"بريكس" هذا العام، وتدرس السعودية اتخاذ خطوة مماثلة.

أشار نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، في معرض توضيحه لجدول أعمال الاجتماع في مؤتمر صحفي يوم الاثنين، إلى زيادة التجارة مع الشرق الأوسط بمقدار عشرة أضعاف على مدى العقدين الماضيين. وتعتبر الصين أن النفط أهم وارداتها، وتحصل على أكثر من ثلث احتياجاتها من الخام من الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي الست، وتأتي حصة الأسد من المملكة العربية السعودية.

الشراكة بين الدول الخليجية والصين

من حيث إجمالي التجارة، أصبحت الإمارات، حتى وإن كان اقتصادها لا يزيد عن نصف حجم الاقتصاد السعودي، شريكاً تجارياً أكبر للصين. كتبت "بلومبرغ إنتليجنس" الأسبوع الماضي أن الإمارات العربية المتحدة تلعب "دوراً رئيسياً في مبادرة الحزام والطريق" –مشروع بكين العالمي للبنية التحتية– ولديها أكثر من 6600 علامة تجارية صينية مسجلة في البلاد. كما حصلت الإمارات على حوالي 12 مليار دولار من الاستثمارات الصينية المباشرة، أي أربعة أضعاف ما حصلت عليه السعودية، وفق البيانات الرسمية الصينية المتاحة حتى نهاية عام 2022.

ربما تغيرت الصورة في العام الماضي. اجتذبت المملكة العربية السعودية 16.8 مليار دولار من الاستثمارات الجديدة الصينية في عام 2023، بما في ذلك، قطاعا السيارات وأشباه الموصلات، حسبما أفادت صحيفة "عرب نيوز" في أبريل نقلاً عن دراسة أجراها بنك "الإمارات دبي الوطني"، ومقره في دبي.

وبينما يتزايد وزن الصين الاقتصادي والدبلوماسي في المنطقة، تظل الولايات المتحدة الشريك الأمني الرئيسي لدول الخليج العربية، إذ تمتلك قواعد عسكرية كبرى في دول مثل البحرين وقطر، وتمدها بالتكنولوجيا الدفاعية.

بلينكن: الاتفاقات مع السعودية قريبة جداً.. ولحظة الاختيار تقترب لإسرائيل

وتسعى واشنطن أيضاً إلى إبرام اتفاق دفاعي جديد مع السعودية من المفترض أن يكون جزءاً من إعادة تنظيم إقليمي أوسع نطاقاً يقدم فيه السعوديون اعترافاً دبلوماسياً بإسرائيل. وقد يؤدي ذلك المشروع إلى إبطاء التقدم التجاري للصين في الشرق الأوسط من خلال زيادة العقبات في قطاعات التكنولوجيا الفائقة التي يوجد بها عنصر أمني. وهناك دلائل على أن الولايات المتحدة تضغط على الشركات الخليجية لقطع العلاقات مع بكين في هذه المجالات.

مواءمة العلاقات التجارية الخليجية

وافقت مؤخراً شركة "G42"، أكبر شركة ذكاء اصطناعي في الإمارات، على سحب استثماراتها من الصين والتحول إلى التكنولوجيا الأميركية، حيث وقعت اتفاقاً بقيمة 1.5 مليار دولار مع شركة "مايكروسوفت". وأبدى الصندوق السعودي للذكاء الاصطناعي الذي تبلغ قيمته 100 مليار دولار استعداده لفعل الشيء نفسه.

وقال أحمد أبودوح، الزميل المشارك في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث في المملكة المتحدة، والذي يرأس أيضاً أبحاث الصين في "مركز الإمارات للسياسات" في الإمارات العربية المتحدة: "ينتقل الخليج من التحوط الاستراتيجي في مجال التكنولوجيا إلى التوافق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة".

ومع ذلك، هناك الكثير من الصناعات الأخرى التي سترحب فيها دول الخليج بشراكة أوسع مع بكين، كما قال أبودوح، بما في ذلك الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية والاستثمارات في البنية التحتية.

يتناسب ذلك مع استمرار العلاقات العالمية الجيدة على نطاق واسع، حيث تحجم الاقتصادات الخليجية الكبرى -على غرار الكثير من الدول الناشئة التي تنتشر من شرق آسيا إلى أميركا اللاتينية– عن التورط في حرب باردة بين الولايات المتحدة والصين. وتفضل أن تظل العلاقات طيبة ويستمر تدفق الأموال مع كلا الدولتين.

من جانبه، قال هونغدا فان، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، إن السعودية "لن تضع كل البيض في سلة واحدة. ولن يأتي تعاون السعودية الدفاعي مع الولايات المتحدة على حساب علاقتها مع الصين".

تصنيفات

قصص قد تهمك