اليابان تتمسك بالغموض في مسألة تدخلها لدعم الين

الارتفاع الكبير في قيمة العملة أمام الدولار يرجح تدخل السلطات للمرة الثانية في أسواق النقد هذا الأسبوع

time reading iconدقائق القراءة - 6
ماساتو كاندا، نائب وزير المالية للشؤون الدولية في وزارة المالية اليابانية، متحدثاً خلال مقابلة في طوكيو، اليابان، يوم الجمعة 29 مارس 2024. - المصدر: بلومبرغ
ماساتو كاندا، نائب وزير المالية للشؤون الدولية في وزارة المالية اليابانية، متحدثاً خلال مقابلة في طوكيو، اليابان، يوم الجمعة 29 مارس 2024. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

رفض أكبر مسؤول عن العملة في اليابان الإجابة عن سؤال يتعلق بتدخل السلطات في سوق النقد الأجنبي صباح الخميس، وسط تمسك طوكيو بتكتيك ترك المستثمرين في غموض وتخبط بشأن استراتيجيتها.

في حديثه مع "بلومبرغ نيوز" يوم الخميس، قال نائب وزير المالية للشؤون الدولية ماساتو كاندا: "ليس عندي ما أقوله حالياً بشأن تدخلنا في سوق النقد الأجنبي من عدمه. وسوف نفصح عن أي بيانات تتعلق بالتدخل في نهاية الشهر الجاري".

ارتفع سعر الين ارتفاعاً حاداً أمام الدولار الأميركي في وقت مبكر من صباح الخميس، حتى لامس لفترة وجيزة مستوى 153.04، مرتفعاً من نحو 157.50 ين أمام الدولار.

تأتي هذه الطفرة الشديدة في سعر الين مؤخراً بعد قفزةٍ أخرى شهدها يوم الإثنين. ويشير تحليل لـ"بلومبرغ" لحسابات البنك المركزي إلى أن ارتفاع العملة يوم الإثنين ربما جاء نتيجة تدخل في سوق النقد من جانب طوكيو بقيمة 5.5 تريليون ين تقريباً (35.3 مليار دولار).

قال أتسوشي تاكيدا، خبير الاقتصاد في معهد "إيتوشو ريسيرش إنستيتيوت" (Itochu Research Institute): "مما سمعته من المشاركين في السوق، واضح أن الحكومة ربما تدخلت بضخ 5 تريليونات ين هذه المرة، وهي نفس القيمة تقريباً التي أنفقتها في عملية يوم الإثنين. وتغير نطاق سعر الصرف أيضاً يشير إلى ذلك".

استراتيجية الغموض

أسلوب المسؤولين اليابانيين بالامتناع عن التعليق على تحركات العملة الحادة يساهم في استراتيجية تقوم على ترك المشاركين في السوق بلا رؤية واضحة تفسر أفعال وتصرفات وزارة المالية. فغياب الوضوح قد يساعد على بقاء المتعاملين في حالة ترقب، ويضعف رغبتهم أو استعدادهم للمراهنة ضد الين، حتى لو لم تتخذ الوزارة فعلاً أي إجراء.

كذلك يجب على المسؤولين تقييم مخاطر أي تدخل في سوق النقد يعتبره المتعاملون فاشلاً، فيتسبب في مزيد من المضاربة.

تفصح اليابان عن أي إجراءات تدخلية في نهاية كل شهر، وتقدم معلومات أكثر تفصيلاً كل ثلاثة أشهر، وبالتالي تستوفي التزاماتها نحو الشفافية، حتى لو أنها لا تتكفل بوضوح الرؤية وقت اتخاذ الإجراء مباشرة.

أنفقت اليابان نحو 59 مليار دولار في عام 2022 على دعم الين، فبرهنت بذلك على استعدادها وإصرارها على التدخل في الأسواق عندما ترى ضرورة لذلك.

تأتي هذه الخطوة الأخيرة بعد اجتماع السياسة النقدية بالاحتياطي الفيدرالي الأميركي مساء أمس، الذي قرر فيه المسؤولون الحفاظ على أسعار الفائدة دون تغيير.

ارتفعت كبرى أسواق السندات في العالم مع تقليل جيروم باول من احتمال رفع سعر الفائدة، وإعلان الاحتياطي الفيدرالي عن إبطاء الوتيرة في تقليص ميزانية التيسير الكمي بهدف تخفيف الضغوط في أسواق النقد.

اقرأ أيضا: تكلفة برنامج الفيدرالي الأميركي للتيسير الكمي أعلى مما يجب

هبوط العملة اليابانية

تراجع الين بنحو 9.6% أمام الدولار حتى أصبح أسوأ العملات أداءً في آسيا وبين عملات مجموعة الدول العشر. ولم تزل العملة اليابانية تواجه ضغوطاً ترجع إلى درجة كبيرة إلى تلك الفجوة الواضحة بين أسعار الفائدة في كل من الولايات المتحدة واليابان.

مع تراجع التوقعات بخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة بعد أخرى، واصل الين هبوطه حتى بعد أن رفع بنك اليابان أسعار الفائدة في مارس الماضي لأول مرة منذ عام 2007.

اقرأ أيضاً: الين ينخفض لأقل مستوى في 34 عاماً بعد قرار الفائدة اليابانية

يعادل سعر الين حالياً أقل من نصف قيمته مقابل الدولار في عام 2012. ويترتب على ضعف العملة اليابانية ارتفاع أسعار الواردات وزيادة معدل التضخم.

يؤدي ذلك إلى زيادة الضغوط التي تتعرض لها الأسر والشركات اليابانية، مما يتسبب في غضب شعبي من حكومة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا. وقد أصبح رؤساء الشركات أكثر صراحة في التعبير عن قلقهم بشأن انخفاض قيمة الين.

بدون اقتراب الاحتياطي الفيدرالي أكثر من موعد تخفيض أسعار الفائدة، لن تتغير على الأرجح ديناميات السوق، مما يترك الين في وضع ضعيف.

أوضح تاكيدا أن "التدخل لن يؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع كبير في قيمة الين، ومع ذلك فإنه يوجه رسالة إلى السوق مفادها أن الحكومة سوف تتدخل في الأسواق عند هبوط الين إلى مستوى 155 أو 156 مقابل الدولار".

مراعاة الالتزامات الدولية

ينبغي على اليابان أن تعتني بموازنة أي إجراءات تتخذها في أسواق العملة مع نصوص الاتفاقيات الدولية بشأن ضرورة أن تحدد الأسواق أسعار الصرف بين العملات. وتسمح اتفاقيات مجموعة الدول السبع بشأن سياسة أسعار الصرف الأجنبي بمساحة للتذبذب والتدخل في حالة فرط حركتها واضطرابها بصورة قد تلحق ضرراً بالاقتصاد أو الاستقرار المالي.

خلال اجتماعهم في واشنطن في أبريل الماضي، أعاد وزراء مالية مجموعة الدول السبع التأكيد على تفهمهم لحالة اليابان في ضوء تلك النصوص. كذلك التقى وزير مالية اليابان شونيتشي سوزوكي وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين ووزير مالية كوريا الجنوبية تشوي سانغ موك في واشنطن، وأصدروا بياناً ثلاثياً أعربوا فيه عن قلقهم إزاء الانخفاض الحاد في قيمة كل من الين الياباني والون الكوري.

يحضر كاندا ووزير المالية سوزوكي في جورجيا هذا الأسبوع مجموعة من المؤتمرات الدولية، من بينها الاجتماع السنوي لبنك التنمية الآسيوي.

يتوقع بعض المشاركين في الأسواق أن يتعرض الين لهزة أخرى إذا جاءت بيانات التوظيف في الولايات المتحدة التي ينتظر نشرها الجمعة أقوى من تقديرات المحللين.

تصنيفات

قصص قد تهمك