بلومبرغ
يدرس صندوق الاستثمارات العامة السعودي خططاً لتعزيز طروحات السندات أو الحصول على قروض بنكية من أجل توفير مصادر جديدة للسيولة النقدية تساهم في تمويل مشروع التحول الاقتصادي الضخم الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتبلغ قيمته تريليون دولار.
قد يطرح السيادي السعودي حصصاً من شركات محفظته للاكتتاب كطريقة لتدبير التمويل، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وتأتي هذه التحركات في ظل تراجع الاحتياطيات النقدية للصندوق إلى 15 مليار دولار اعتباراً من سبتمبر الماضي، وهو أدنى مستوى منذ عام 2020، عندما بدأ تسجيل البيانات.
يضطلع الصندوق بدور محوري في تنفيذ برنامج "رؤية 2030" السعودية، وهي مبادرة تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على عوائد النفط. ومع توقع حكومة السعودية حدوث عجز في الميزانية كل عام من الآن وحتى سنة 2026، يشعر الصندوق بحاجة ملحة لجمع التمويل من روافد مختلفة لدعم التزامات الإنفاق التي تناهز قيمتها مليارات الدولارات، حسبما قال الأشخاص، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم أثناء مناقشة معلومات خاصة.
تعد تلك أحدث علامة على وجود ضغوط متزايدة تواجه جهود المملكة لتنفيذ هذه الرؤية الطموحة، التي تعرضت لمعوقات بالفعل جراء ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الكبيرة. وفي أواخر العام الماضي، أقرت الحكومة لأول مرة أن بعض المشاريع قد تتأخر إلى ما بعد عام 2030. ورفض ممثلو صندوق الاستثمارات العامة التعليق.
مخاوف استنزاف السيولة السعودية
يأتي تكثيف جهود جمع التمويل بينما يشعر الصندوق البالغ حجمه 940 مليار دولار بالقلق إزاء استنزاف سيولة كبيرة من القطاع المصرفي المحلي، حسب الأشخاص.
وتابعوا أنه بدلاً من الاتكاء بشدة على هذه السيولة، يطلب الصندوق من الشركات التابعة له الاعتماد على الاقتراض بالدولار كلما أمكن ذلك. وهو ما ما قد يسمح للبنوك المحلية -التي تعاني من ارتفاع أسعار الفائدة- بالتركيز على تمويل المشروعات العقارية في المملكة.
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يجمع ملياري دولار من طرح صكوك
وأضافوا أن الصندوق يخطط أيضاً لطرح سندات بانتظام للمساعدة في تحديد منحنى العائد لسندات الوحدات التابعة له، وبالتالي استخدامه كمعيار لتقدير مبيعات ديونها الخاصة. كما سيدرس طرح عدة سندات لجمع مليارات الدولارات من كل واحد منها على فترات مختلفة. وطرح الصندوق بالفعل سندات منفصلة هذا العام، والتي ساعدت على جمع 7 مليارات دولار بشكل إجمالي.
سندات وأسهم صندوق الاستثمارات
قال باسكال بودي، الخبير الاستراتيجي في بنك "مورغان ستانلي"، في مذكرة للعملاء: "لا نعتقد أن صندوق الاستثمارات العامة سيتوقف بعد جمع 7 مليارات دولار (من السندات)"، مشيراً إلى "تراجع أصول الصندوق واستمرار احتياجات الإنفاق".
اقرأ المزيد: مورغان ستانلي: السيادي السعودي قد يطرق باب سوق الدين مجدداً هذا العام
على الجانب الآخر، يسعى مسؤولو الصندوق لطرح مزيد من أسهم الشركات الموجودة في محفظته، عبر وحدة مسؤولة عما يسمى ببرنامج إعادة تدوير رأس المال، حسبما قال الأشخاص.
ويبلغ إجمالي قيمة الحيازات التابعة للصندوق في السعودية أكثر من 170 مليار دولار، بما فيها حصصه في شركات الاتصالات السعودية (STC)، وشركة التعدين العربية السعودية (معادن)، ومجموعة "تداول" المالكة لسوق الأوراق المالية المحلية.
نشاط الاكتتابات العامة في السعودية
لعب صندوق الاستثمارات العامة دوراً محورياً في قيادة نشاط الاكتتابات العامة في المملكة من خلال طرح حصص في شركتي التنقيب عن النفط "أديس القابضة" و"الحفر العربية". كما يستعد الآن لطرح حصص من شركتي "نوبكو"، المتخصصة في تلبية احتياجات مقدمي خدمات الرعاية الصحية في المملكة، والشركة السعودية العالمية للموانئ في أقرب وقت هذا العام.
اقرأ المزيد: إنفوغراف: سهما "أدنوك للحفر" و"أديس" ضمن الـ5 الأفضل أداءً عالمياً
تتزامن مساعي الصندوق للحصول على تمويلات مع توقعات بلوغ إجمالي إنفاقه إلى أكثر من 70 مليار دولار سنوياً بعد عام 2025، ارتفاعاً من المستويات الحالية التي تتراوح بين 40 إلى 50 مليار دولار سنوياً، حسبما قال محافظ الصندوق، ياسر الرميان، الشهر الماضي.
مشروعات سعودية طموحة
تساعد زيادة إنفاق الصندوق على توفير تكاليف المشاريع التي شرعت فيها المملكة خلال السنوات الأخيرة، بما فيها مدينة نيوم، التي تبلغ قيمتها 1.5 تريليون دولار، وتمتد على طول ساحل البحر الأحمر.
كما يدعم الصندوق مشروعاً بقيمة 63 مليار دولار يهدف إلى تحويل أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو في الرياض إلى وجهة سياحية، وخطة منفصلة لإنشاء منتجعات على طول ساحل البلاد، مع إنفاق عشرات المليارات من الدولارات للمساعدة في تحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي. ووجهة أساسية للتصنيع.
يعتمد تمويل صندوق الاستثمارات العامة -الذي يرأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان- على الاقتراض وعوائد الاستثمار والتحويلات الحكومية. وخلال وباء كوفيد، على سبيل المثال، تلقى الصندوق تحويلاً بقيمة 40 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية للمملكة التي يحتفظ بها البنك المركزي، واستخدمها في الرهان على انتعاش مجموعة من الأسهم العالمية.
وفي الآونة الأخيرة، نقلت المملكة حصة إضافية بقيمة 164 مليار دولار في شركة "أرامكو السعودية" للصندوق، مما يوفر له توزيعات أرباح سنوية لا تقل عن 20 مليار دولار من عملاقة النفط.
اقرأ المزيد: الصندوق السيادي السعودي مرشح لتلقي 19 مليار دولار من أرامكو عن 2024
لكن مع ذلك، يرى جون ميشيل صليبا، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "بنك أوف أميركا" أنه "رغم زيادة توزيعات الأرباح التي يتلقاها الصندوق من (أرامكو)، إلا أنه قد يعاني من فجوة تمويلية مستمرة”.