بلومبرغ
ارتفعت أسعار الأسهم الأميركية لتقود السوق لمستوى قياسي جديد بعد أن فشلت أرقام التضخم الأخيرة في تغيير الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة خلال العام الحالي، حتى لو احتفظ بموقف أكثر حذراً في الوقت الحالي.
انخفضت أسعار الأسهم لبضع دقائق فقط قبل أن تفسح المجال للانتعاش الذي دفع مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) إلى الارتفاع بأكثر من 1%. وعلى الرغم من حقيقة أن مؤشر أسعار المستهلك استمر في إظهار بعض علامات "الترسخ"، فإن تقرير التضخم جاء أعلى قليلاً من التقديرات بشكل عام. في حين أن هذا ليس مثالياً بالنسبة لبنك مركزي يحاول الاقتراب من هدفه البالغ 2%، إلا أن مؤشر أسعار المستهلكين في فبراير لم يكن صادماً للمتداولين الذين كانوا يخشون عمليات بيع أخرى بعد تقرير التضخم.
قال جوش جامنر من "كلير بريدج إنفستمنتس" (ClearBridge Investments): "قبل صدور التقرير انتشرت المخاوف من ارتفاع الأرقام عن التوقعات بحدة، ولكن يبدو أنها دعمت الأسواق لفشل تحقق هذه التقديرات..بشكل عام، يُتوقع أن يكون هناك تأثير ضئيل نسبياً على السوق من تقرير اليوم نظراً لأنه يتوافق إلى حد كبير مع الفهم المسبق لعملية انكماش التضخم".
مستويات قياسية
أغلق مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) عند مستوى 5,175 نقطة تقريباً. قادت أسهم شركات التكنولوجيا مكاسب السوق يوم الثلاثاء، مع ارتفاع سهم "أوراكل كورب" 12% وسط صعود كبير في الحجوزات المتعلقة بالحوسبة السحابية. وارتفع سعر سهم "إنفيديا" بأكثر من 7%. وعمّق سعر سهم "بوينغ" خسائره لعام 2024 إلى حوالي 30%. وظلت سندات الخزانة منخفضة بعد بيع سندات مدتها 10 سنوات بقيمة 39 مليار دولار، وقائمة متزايدة من سندات الشركات الجديدة.
ولإبراز مدى حذر المتداولين قبل صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك يوم الثلاثاء، قدمت سوق الخيارات بعض القرائن.
كان المتداولون أكثر قلقاً بشأن حدوث تحرك كبير لمؤشر "إس آند 500" بعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين مقارنة بقرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن سعر الفائدة الأسبوع المقبل، وفقاً لمحللي "سيتي غروب".
بعد إغلاقه عند أعلى مستوياته منذ أكتوبر، انخفض مؤشر التقلب ليوم واحد -وهو مقياس للتكلفة في خيارات مؤشر "إس آند بي 500" لآجال لا تزيد عن 24 ساعة- بشكل حاد يوم الثلاثاء. كما تراجع مؤشر التقلب الأكثر شهرة لمدة 30 يوماً والمعروف باسم مؤشر الخوف "VIX" بعد بيانات التضخم.
انفصال
والآن أصبح الشعور النسبي بالهدوء في مواجهة أرقام التضخم القوية أمراً غير معتاد. في الواقع، يمثل ارتفاع أسعار الأسهم يوم الثلاثاء بعد أرقام التضخم القوية انفصالاً عن كيفية ردة فعل الأسهم في أيام الإعلان عن بيانات مؤشر أسعار المستهلك منذ أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة.
لم يرتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1% أو أكثر إلا في عدد قليل من المناسبات في يوم صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك منذ مارس 2022. ومع ذلك، في معظم الأوقات، كان صعود أسعار الأسهم يحدث على خلفية انخفاض التضخم الأساسي، وليس ارتفاعه.
قال سكايلر ويناند من "ريغان كابيتال": "من الصعب معرفة ما قد يوقف زخم السوق، خاصة أن الأرباح والتضخم وأسعار الفائدة تتحرك في الاتجاه الصحيح".
يتوقع أن تحقق شركات مؤشر "إس آند بي 500" أرباحاً أقوى من المتوقع في 2024، مدعومة بالنمو الاقتصادي القوي وإنجازات الذكاء الاصطناعي، وفقاً لاستراتيجيي "بنك أوف أميركا كورب"، الذين أصبحوا الآن من بين أكثر المتفائلين بنتائج الأعمال في وول ستريت.
رفع الفريق الذي يضم سافيتا سوبرامانيان وأوهسونغ كوون تقديراته لربحية أسهم (إجمالي الشركات المدرجة في مؤشر إس آند بي 500) إلى 250 دولاراً من 235 دولاراً، لينضموا بذلك إلى "بي إم أو كابيتال ماركتس" و"دويتشه بنك" في التوقعات الأكثر تفاؤلاً بين الاستراتيجيين الذين تتبعتهم بلومبرغ.
ورفعت سوبرامانيان الأسبوع الماضي مستهدف مؤشر "إس آند بي 500" إلى 5400 نقطة.
عكس التيار
في وقت يتزايد عدد المحللين المتفائلين في البنوك الأميركية الكبرى تجاه الأسهم الأميركية، لن يتزحزح مايك ويلسون من "مورغان ستانلي"، بحجة أنه لا يرى أي مبرر لرفع مستوى توقعاته نظراً لغياب عنصر نمو الأرباح على نطاق واسع.
وتمسك الخبير الاستراتيجي بتوقعاته لمؤشر "إس آند بي 500" لنهاية العام عند 4500 نقطة في مقابلة يوم الثلاثاء مع "بلومبرغ سرفيلنس راديو" (Bloomberg Surveillance Radio)، حتى مع قيام عدد متزايد من أقرانه في البنوك بما في ذلك "بنك أوف أميركا"، و"غولدمان ساكس"، و"يو بي أس غروب" برفع توقعاتهم لأداء المؤشر.
أوضح ويلسون: "رفع الكثير من المحللين الأسعار المستهدفة بسبب ارتفاع المضاعفات.. نحن لسنا على استعداد للقيام بذلك".
ربما ترتفع سوق الأسهم، لكن منحنى العائد لا يزال مقلوباً، مما يشير إلى أن هناك الكثير من المستثمرين الذين ما زالوا قلقين بشأن الظروف الاقتصادية هذا العام، وفق ويناند من "ريغان كابيتال".
قال ويناند: "في حين أن الركود من شأنه بطبيعة الحال أن يؤدي إلى تحول منحنى العائد إلى المنطقة الإيجابية، إلا أننا نعتقد أن منحنى العائد يمكن أن ينحدر هذا العام دون حدوث ركود.. سوف يدرك المستثمرون في نهاية المطاف أننا نستطيع تحقيق هبوط سلس وأن التحول في المعنويات يمكن أن يدفع عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات لتجاوز عائدات سندات الخزانة لأجل عامين".
الإبقاء على الفائدة
ويتوقع على نطاق واسع أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير للاجتماع الخامس على التوالي عندما يجتمع صناع السياسة النقدية يومي 19 و20 مارس. وسينصب الكثير من تركيز المستثمرين على التوقعات الفصلية للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بشأن أسعار الفائدة، بما في ذلك ما إذا كانت أرقام التوظيف والتضخم الجديدة قد أحدثت أي تغيير.
في حين أن أرقام مؤشر أسعار المستهلك يوم الثلاثاء قد تبث حياة جديدة في رواية ترسخ التضخم، فإن ما إذا كانت ستؤخر بالفعل تخفيضات أسعار الفائدة هي قصة مختلفة، وفق كريس لاركين من "إي*تريد" (E*Trade) التابعة لـ"مورغان ستانلي".
وأشار لاركين إلى أن "الرسوخ لا يعني بالضرورة التسارع بقوة".
أما بريت كينويل من "إي تورو" (eToro)، فيرى أنه بغض النظر عما إذا كانت بيانات التضخم مثالية، فإن المستثمرين يريدون في الغالب معرفة ما إذا كان بإمكانهم الاعتماد على ما هو متوقع، وفي الوقت الحالي، يتعلق الأمر بخفض أسعار الفائدة في يونيو.
تراهن مقايضات أسعار الفائدة على احتمالات تقارب 70% بأن يبدأ البنك المركزي في التيسير النقدي في يونيو، على أن يخفض أسعار الفائدة ثلاث مرات على الأقل بمقدار ربع نقطة مئوية على مدار 2024.
أداء أبرز المؤشرات:
- ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1.1% حتى الساعة 4 مساء بتوقيت نيويورك
- صعد مؤشر ناسداك 100 بنسبة 1.5%
- مؤشر داو جونز الصناعي ارتفع 0.6%
- انخفض سعر "بتكوين" 1% إلى 71389.82 دولار
- تراجعت قيمة "إيثر" 1.3% إلى 3980.55 دولار
- هبط سعر الذهب في المعاملات الفورية 1.2% إلى 2156.94 دولار للأوقية