الشرق
تأثر النمو في القطاع المصرفي السعودي بأسعار الفائدة المرتفعة ونقص السيولة، رغم استقراره عند 10% في 2023. كما تباطأت القروض العقارية الجديدة بقدر ما، وتراجع معدل نمو الودائع مقارنة بنمو الإقراض في الوقت نفسه، وفق وكالة "إس آند بي غلوبال" للتصنيف الائتماني.
نمو قوي رغم التراجع
يُرجح أن يشهد الائتمان في بنوك السعودية نمواً قوياً يتراوح بين 8% و9% خلال العام الجاري، متراجعاً عن نسبة 10% التي حققها في العام الماضي بالتماشي مع توقعات "إس آند بي"، نتيجة انخفاض نمو القروض العقارية ونقص السيولة.
وتوقعت الوكالة زيادة نمو قروض الشركات نتيجة مشروعات رؤية 2030، وتزايد النشاط الاقتصادي المترتب عليها، وتباطؤ أكبر في نمو الإقراض العقاري هذا العام، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة ونضج السوق.
بلغ معدل نمو القروض العقارية في الشهور التسعة الأولى من العام الماضي 8%، مقارنة بمعدل 19% خلال الفترة نفسها في 2022.
السيولة تؤثر على تمويل رؤية 2030
يُتوقع استمرار الحكومة والكيانات المرتبطة بها في دعم نمو الائتمان بالبنوك عبر ضخ الودائع في النظام المصرفي، وقد ارتفعت مساهمتهما في إجمالي الودائع من نحو 20% في 2020 إلى 30% في 2023.
اقرأ أيضاً: "فيتش" تتوقع زيادة اعتماد البنوك والشركات السعودية على أدوات الدين
لكن التقرير توقع أن تتزايد الحاجة للجوء إلى التمويل الخارجي، فرغم امتلاك البنوك السعودية صافي أصول أجنبية، إلا أن التراجع الذي سجله في العامين الماضيين مرشح للاستمرار. كما أن التراكم السريع للدين الخارجي قد يزيد من تأثر البنوك السعودية بأوضاع السيولة العالمية.
بالنظر إلى ضخامة حجم استثمارات "رؤية 2030" وطول أجلها، تتوقع "إس آند بي" ألا يتمكن القطاع المصرفي وحده من تلبية الاحتياجات التمويلية، وأن تكون أسواق رأس المال المحلية والدولية مصدراً لجزء كبير من هذا التمويل.
بنهاية 2023، عادت مستويات السيولة المحلية إلى طبيعتها، ووصلت نسبة القروض مقارنة بالودائع بالبنوك في 2023 نحو 100%، مقارنة بنسبة 86% في 2019.
تراجع طفيف في جودة الأصول
استقرت مؤشرات جودة الأصول بدرجة كبيرة، رغم ارتفاع أسعار الفائدة خلال العامين الماضيين. كما ساهم الانكشاف الكبير على القروض العقارية، لا سيما لموظفي الحكومة أو الكيانات المرتبطة بها، والشطب المنهجي لانكشافات التجزئة منخفضة القيمة، في خفض نسبة القروض المتعثرة لدى البنوك في 2023.
اقرأ أيضاً: 3 مخاطر تواجه البنوك الخليجية في 2024
يُتوقع أن يبدأ تأثر الجدارة الائتمانية للشركات بأسعار الفائدة المرتفعة في 2024، ورغم الارتفاع الطفيف في المديونية خلال سبتمبر 2023، استناداً على عينة مكونة من 150 شركة من قطاعات مختلفة، إلا أنها ظلت تحت السيطرة. كما ارتفعت نسبة قروض الدرجة الثانية إلى 5.4% من إجمالي القروض في سبتمبر الماضي، مقارنة بنسبة 5.2% في 2022.
الائتمان يدعم نمو الأرباح
سيدعم نمو الائتمان ربحية البنوك، ويُرجح استقرار العائد على الأصول بالبنوك عند 2.2%، بالتماشي مع تقديرات "إس آند بي" لعام 2023. أما في النصف الثاني من العام الجاري، فيُتوقع وجود ضغوط ضئيلة على هامش الربح نتيجة انخفاض أسعار الفائدة.
وبينما تمثل قروض الشركات نحو نصف القروض بأسعار فائدة متباينة بالبنوك السعودية، كان 50% من تمويل البنوك من دون فائدة، كما في ديسمبر الماضي. ومن المتوقع أن يتراجع صافي هامش الفائدة بالبنوك مع انخفاض أسعار الفائدة على قروض الشركات، لكن تأثير رفع أسعار الفائدة بوتيرة سريعة خلال 18 شهراً الماضية، قد ينعكس على الجدارة الائتمانية للشركات، لترتفع نسبة القروض المتعثرة. إلا أن التأثير قد يكون طفيفاً نظراً لاعتدال نسب مديونية الشركات السعودية.
اقرأ أيضاً: أرباح "الراجحي" السعودي تنخفض 3% في 2023 مع تراجع دخل العمليات
تملك البنوك السعودية رأس مال كاف، إذ بلغ معدل كفاية رأس المال 19.5% في نهاية سبتمبر الماضي. ويُتوقع أن تستمر الرسملة لدى البنوك المصنفة، بمثابة عامل إيجابي في التصنيف. وفي ظل تحقيق البنوك أرباحاً تكفي لتلبية نمو الأصول، يُتوقع أن يصل متوسط توزيعات الأرباح إلى 50%، وفق "إس آند بي".
مخاطر تحول الطاقة
يُعتبر تعرض البنوك السعودية المباشر لتحول الطاقة محدوداً. ولتقدير المخاطر على البنوك استخدم التقرير انكشافاتها على قطاعات التصنيع والنفط والغاز والمحاجر والتعدين وتوليد الطاقة وما بين 30% و40% من الإقراض الحكومي لدى البنوك.
وصل إجمالي انكشاف البنوك على هذه القطاعات 11% من إجمالي القروض، إلا أن نسبة الانكشاف غير المباشر مرتفعة، نظراً لميل القطاعات الأخرى إلى الارتباط بأداء قطاع النفط، إما مباشرة عبر سلاسل التوريد، أو بشكل غير مباشر من خلال الإنفاق الحكومي والاستهلاكي.
بشكل أعم، يتزايد عدد المستثمرين الذين يتبنون الاستدامة في أنشطتهم الاستثمارية، ومع اعتماد البنوك السعودية المحدود على التمويل الخارجي في الفترة الحالية، فإنها ستحتاج إلى فرص أكبر للوصول إلى رأس المال العالمي للحفاظ على النمو ومواصلة تمويل مشروعات رؤية 2030، وفقاً للتقرير الذي توقع أن يتراكم الدين الخارجي تدريجياً، وأن تركز البنوك السعودية في استراتيجيتها بشكل أكبر على الاستدامة لتظل محط اهتمام المستثمرين.
اتجاه التصنيف الائتماني للبنوك
تظل النظرة المستقبلية للتصنيفات الائتمانية للبنوك السعودية مستقرة، باستثناء "البنك السعودي للاستثمار". كما يُتوقع استقرار توجهات المخاطر الاقتصادية والقطاعية ضمن تقييم مخاطر القطاع المصرفي في المملكة.
إلا أن هناك مخاطر رئيسية قد تؤثر على هذه التوجهات، يتمثل أحدها في التصعيد المفاجئ في المخاطر الجيوسياسية، وآخر في تقلبات أسعار النفط المحتملة، إذا اتضح أن آفاق الاقتصاد العالمي أكثر قتامة مما توقعته "إس آند بي".