الشرق
لم يمر سوى عامين على دخول مصر لمؤشر "جيه. بى. مورغان" للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة، حتى أعلنت الشركة الأميركية عن استبعادها من المؤشر وسط مشكلات تتعلق بقابلية تحويل النقد الأجنبي للمستثمرين خارج البلاد، وأزمة شح عملة قد تكون هي الأشد.
ستقوم "جيه بي مورغان" باستبعاد مصر، التي يقل وزنها عن 1% من المؤشر، من سلسلة مؤشراتها للسندات الحكومية للأسواق الناشئة اعتباراً من 31 يناير المقبل. ولدى مصر 13 إصداراً من السندات المقومة بالجنيه في مؤشرات المصرف الأميركي، بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030.
محللون تحدثت معهم "الشرق" قللوا من تأثير تلك الخطوة على المدى القريب لضعف حجم الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية حالياً.
هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في "كايرو كابيتال"، يرى أن "الخروج من المؤشر لن يؤثر كثيراً الآن لضعف التدفقات الأجنبية في أدوات الدين من الأساس، الأموال التي كانت تأتي من المؤشر بسيطة جداً لضعف وزن مصر بالمؤشر، القرار يعطي انطباعاً بوجود مشكلات كبيرة في تحويلات الأجانب للخارج".
آلن سانديب، رئيس البحوث في نعيم المالية، كرر حديث جنينة، مؤكداً على أن "المستثمرين الأجانب نادراً ما يستثمرون في أذون الخزانة أو سندات الخزانة المصرية حالياً".
تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، بنزوح استثمارات أجنبية غير مباشرة من مصر، وبشكلٍ خاص من سوق الأوراق المالية وأدوات الدين الحكومية، بنحو 22 مليار دولار، وفقاً لتقديرات وزارة المالية. كما أدت زيادة أسعار الفائدة الأميركية والأوروبية، إلى هجرة المستثمرين من أغلب أسواق دين الاقتصادات الناشئة.
وكان هذا أحد أسباب ضعف الجنيه المصري، واتساع الفارق بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء حالياً بما يتراوح بين 53 و54 جنيهاً مقابل الدولار.
توقيت مقلق
ما يثير القلق من هذا القرار أنه يأتي في وقت لا تزال فيه مناقشات صندوق النقد الدولي مع مصر مستمرة، وفق متعامل بأدوات الدين الحكومية في أحد البنوك الخاصة في مصر. وقال لـ"الشرق": "آمل ألا يعني هذا أن الأمور لا تسير كما هو مخطط لها في واشنطن".
اجتمعت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في وقت سابق من هذا الأسبوع مع كبار مسؤولي المالية المصريين في واشنطن، وصندوق النقد الدولي بشأن مساعدة تمويلية إضافية.
تعثر برنامج قرض قيمته ثلاثة مليارات دولار كانت مصر اتفقت عليه مع صندوق النقد في ديسمبر 2022 بعد عدم سماحها بتعويم عملتها بحرية أو إحراز تقدم في بيع أصول الدولة، وأرجأ الصندوق صرف نحو 700 مليون دولار كانت متوقعة في 2023، لكنه قال في ديسمبر إنه يجري محادثات لتوسيع البرنامج نظراً للمخاطر الاقتصادية الناجمة عن الحرب بين إسرائيل وغزة.
لم يرد مسؤولون في وزارة المالية المصرية والبنك المركزي على طلبات من "الشرق" للتعليق بشأن نتائج وأهداف تلك الاجتماعات.
اقرأ أيضاً: مصر تستهل 2024 برفع أسعار خدمات أساسية وعيونها على صندوق النقد
تكلفة التأمين
قال اثنان من مديري إدارة المعاملات الدولية والخزانة في بنكين خاص وحكومي، لـ"الشرق" إن استبعاد مصر من المؤشر سيؤثر نظرياً في ارتفاع تكلفة التأمين على مخاطر إصدار سندات مصرية في الأسواق الدولية، وبالتالي زيادة نسبة عبء الفائدة على الإصدارات الجديدة.
لكن عملياً، تعاني مصر بالفعل من ارتفاع المخاطر وتراجع إقبال المستثمرين الأجانب على أدوات الدين المصرية بسبب تفاقم أزمة النقد الأجنبي التي تمر بها مصر حالياً من قبل استبعادها من مؤشر سندات الأسواق الناشئة، وفق المسؤولين.
ليس الأول
لم يكن قرار "جيه بي. مورغان" هو الأول من نوعه، إذ حذرت مؤسسة "إم إس سي أي" للأسواق الناشئة في يونيو الماضي من أنها قد تعيد تصنيف السوق المصرية من سوق ناشئة إلى مبتدئة أو مستقلة في حالة زيادة تدهور إمكانية الوصول إلى السوق في مصر، مشيرة إلى أن نقص العملة الأجنبية يؤثر على قدرة المستثمرين الأجانب على تحويل أموالهم في الوقت المناسب.
يأتي ذلك بعد نحو شهر من قرار "إم إس سي أي" (MSCI) بعدم إجراء أي تغييرات على أسهم الشركات المصنفة في مصر ضمن المراجعة الفصلية، مع معاملة الأسهم المصرية معاملة خاصة بسبب مخاوف المستثمرين بشأن نقص السيولة من النقد الأجنبي.
جنينة أكد على أن قرار "جيه.بي. مورغان" يستدعي وجود إصلاحات فورية بأقصى سرعة ممكنة لأن القرار قد يحد من قدرة مصر على طرح سندات دولية هذا العام.