بلومبرغ
يتوقع "مشروع الكربون العالمي" (Global Carbon Project)، وهي منظمة تعاون دولية تجمع العلماء، أن حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناتجة عن استهلاك الوقود الأحفوري سيرتفع عن مستواها في 2022 بنسبة 1.1%، ليبلغ 36.8 مليار طن متري. ما يمثل ذروة جديدة للانبعاثات، وزيادة قدرها 1.4% عن حجمها في 2019، قبل جائحة كورونا.
يتجه الكوكب لتجاوز ميزانية الكربون المخصصة لإبقاء الاحترار العالمي أقل من 1.5 درجة مئوية بحلول 2030، والميزانية المخصصة لإبقائه أدنى من 1.7 درجة مئوية في 15 عاماً، بحسب التقرير السنوي عن ميزانية الكربون العالمية (Global Carbon Budget)، الذي تصدره المنظمة، والذي نُشر فيما تستمر محادثات قمة المناخ "كوب 28" في دبي.
يشير تقدير عام 2023 إلى تباطؤ زيادة الانبعاثات، لكن ما يجب فعله هو خفضها باستمرار، بنحو 9% سنوياً بحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة، لينال العالم فرصة في الإبقاء على الاحترار العالمي أقل من 1.5 درجة مئوية، وهو المستوى المستهدف في اتفاقية باريس.
يُذكر أن الانبعاثات انخفضت 5.4% إبان الجائحة في 2020، قبل أن تبدأ الارتفاع مجدداً.
هل تغير حجم الانبعاثات؟
انخفضت انبعاثات الوقود الأحفوري في أكثر من 20 دولة، مسؤولة معاً عن أكثر من ربع الانبعاثات العالمية الإجمالية. لكن التقدم الذي أحرزته لم يكفِ لمنع الزيادة الكلية في 2023.
مركز أوروبي يستعين بالذكاء الاصطناعي للتنبؤ بتغيرات المناخ
انخفضت انبعاثات الاتحاد الأوروبي 7.4% هذا العام، نتيجة تراجع استخدام الوقود الأحفوري، إلا أن الهند تجاوزت التكتل لتصبح ثالث أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، بعد زيادة كمية الكربون الناتجة عن الفحم بنسبة 9.5%، والنفط 5.6%، والأسمنت بنسبة 8.8%.
ما تزال الصين أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، فهي مسؤولة عن 31% من انبعاثات الكربون، تحل بعدها الولايات المتحدة، أكبر مصدر للانبعاثات من الناحية التاريخية، بنسبة 14%.
تحدث الزيادة في استخدام الوقود الأحفوري، رغم أن الطاقة المتجددة أصبحت قطاعاً ناضجاً.
عن ذلك قال غلين بيترز، كبير الباحثين في "مركز بحوث المناخ الدولي في النرويج" (CICERO)، وأحد معدي التقرير: "حتى ذلك النمو السريع في الطاقة المتجددة لم يكفِ للتخلي عن الوقود الأحفوري. أرى أن ذلك يوضح أنه إذا كانت هناك رغبة في التخلي عن الوقود الأحفوري، فيجب وجود سياسات تساعد على ذلك".
هل هناك مصادر أخرى للانبعاثات؟
أدى إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وإحلال الوقود، والطاقة المتجددة في الولايات المتحدة إلى تراجع استهلاك الفحم بنسبة 18.3%، ليعود إلى مستواه في 1903. وسجل الاتحاد الأوروبي انخفاضاً مشابهاً.
"موديز": ديون بـ4 تريليونات دولار مهددة من المخاطر البيئية
عند إضافة التغيير في استغلال الأراضي، سيرتفع حجم الانبعاثات المتوقع في 2023 إلى 40.9 مليار طن. فإزالة الغابات مسؤولة عن 4.2 مليارات طن من الانبعاثات سنوياً خلال العقد الماضي، ما يمثل ضعف ثاني أكسيد الكربون التي تمتصه الغابات الجديدة أو الأكثر حيوية وتنوعاً بيولوجياً بمقدار 2.2 مرة.
لأول مرة في تقرير هذا العام، ذكر مشروع الكربون العالمي بالتفصيل الانبعاثات المرتبطة بالطيران والشحن البحري، التي ارتفعت 28% و1% على أساس سنوي بالترتيب. لا سيما بعد انتعاش قطاع النقل الجوي بعد الجائحة.
بعد موسم حرائق الغابات غير المسبوق في كندا، قدّم العلماء أيضاً تحليلاً للانبعاثات الناتجة عن ذلك، التي بلغت 8 غيغاطن، أي أنها ارتفعت في أول 10 شهور من العام بمقدار الثلث عن متوسطها خلال الفترة ما بين عامي 2013 و2022. تعادل تلك الكمية نحو 70% من الانبعاثات الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري في الصين.
هل توجد علاقة بين انبعاث الكربون واحتجازه؟
تعاون 4 من معدي التقرير مع باحثين آخرين في دراسة منفصلة، نشرتها دورية "ناتشر كلايمت تشينج" (Nature Climate Change) الإثنين الماضي، تطعن في فرضية مهمة منتشرة في النقاشات حول الدور المحتمل لتقنيات احتجاز قدر من ثاني أكسيد الكربون من الهواء.
ما تزال تكنولوجيا احتجاز الكربون موضوعاً أساسياً في محادثات "كوب 28"، حيث يقول بعض العلماء إنها ستكون ضرورية للحد من الاحترار العالمي، حيث لن يحقق خفض انبعاثات الغازات الدفيئة النتائج نفسها.
تحالف يدعمه آل غور يطلق أداة لإزالة الكربون من سلاسل التوريد
أشارت الدراسة إلى أن العلاقة بين انبعاث الكربون واحتجازه ليست فردية، ويُعزى ذلك إلى 4 أسباب.
السبب الأول هو مشكلة الاستمرارية، أو القلق من احتمال عودة الكربون الذي احتجزته النباتات أو المحيطات إلى الهواء. والسبب الثاني هو أن إعادة التشجير، رغم أن عديداً من الدول والمدافعين البيئة يعدونها هدفاً رئيسياً، قد تجعل لون التربة أكثر قتامة، وبذلك، ما سيجذب قدراً أكبر من الضوء والحرارة إلى التربة. السبب الثالث هو أن انخفاض كمية ثاني أكسيد الكربون قد يكون لها أثر عكسي يتمثل في زيادة انبعاثات أكسيد النيتروز والميثان، وهما من أقوى الغازات الدفيئة.
السبب الرابع والأخير هو وجود عدم تناظر بين تدفقات الكربون واستجابة درجات الحرارة، بصيغة أخرى، انخفاض درجات الحرارة نتيجة احتجار الكربون قد يكون أقل من الحرارة المحتجزة عندما كان الغاز ما يزال طليقاً في الهواء.
موعد عودة الكربون إلى الهواء
أصاب معدو الدراسة عندما أشاروا في البداية إلى الفرق بين احتجاز ثاني أكسيد الكربون وعدم انبعاثه، بحسب كيت مارفل، كبيرة علماء المناخ في مشروع خفض الانبعاثات (Project Drawdown)، التي لم تشارك في البحث. كما قالت: "إذا زرعنا مجموعة من الأشجار، أو دخلنا المحيط لاحتجاز مزيد من الكربون، سيجب علينا أن نقلق بشأن الموعد الذي سيتحرر فيه الكربون ويعود إلى الهواء مرة أخرى. هذه مسألة ما كنا لنفكر فيها إذا لم نتسبب في انبعاث الكربون على الإطلاق".
قال بيترز، الذي ساعد في إعداد البحث الذي نشرته دورية "نيتشر": "ليس ضرورياً أن تحدث الزيادة والانخفاض بمعدل متساوٍ. فالوصول إلى صفر انبعاثات أصعب مما تتوقع. أظن أن تلك طريقة لصياغة الوضع".