أغنى عائلة ملكية في أوروبا تبني إمبراطورية مالية بأكثر من 300 مليار دولار

تعود أصول ثروة أمير ليختنشتاين هانس- آدم إلى ما قبل ألف عام

time reading iconدقائق القراءة - 14
الأمير هانس-آدم الثاني - المصدر: بلومبرغ
الأمير هانس-آدم الثاني - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يترأس حاكم إحدى أصغر الدول في العالم، عائلة ملكية تملك مليارات الدولارات، ويعود تاريخها إلى نحو ألف عام بعدما تمكنت من الصمود أمام الحروب والفيضانات والفضائح.

تزدهر الإمبراطورية المالية التي تقف خلف حاكم ليختنشتاين، الأمير هانس- آدم الثاني، من مجال خبرتها الرئيسي الرئيسي: إدارة أموال بالغي الثراء في العالم.

شركة الخدمات الاستثمارية الخاصة وإدارة الأصول التي تملكها العائلة الملكية، "إل جي تي غروب" (LGT Group)، أعلنت الشهر الماضي أن حجم الأصول التي تديرها بلغ في نهاية يونيو مستوى قياسياً يقارب 306 مليارات فرنك سويسري (334 مليار دولار)، بزيادة 6% عن المستوى المسجل بنهاية العام الماضي.

الشركة، ومقرها في فادوز (عاصمة ليختنشتاين)، أغلقت في سبتمبر صفقة الاستحواذ على ذراع إدارة المحافظ التقديرية (وهي المحافظ التي تُتخذ فيها القرارات وفقاً لتقديرات مديريها) التابعة لشركة "أبردن" (Abrdn Plc) في المملكة المتحدة وجيرزي، فضلاً عن ثلاثة استثمارات خارجية أخرى على الأقل منذ 2021.

قال أوليفييه دو بيرغو، الرئيس التنفيذي لشركة "إل جي تي برايفت بانكينغ" (LGT Private Banking)، البالغ 58 عاماً في مقابلة مؤخراً: "ما زلنا نبحث (عن استثمارات أخرى). مع ذلك؛ فإن تركيزنا الرئيسي ينصب على النمو العضوي" (النمو العضوي هو الذي تحققه الشركة باستخدام مواردها الخاصة).

مضاعفة الأصول الخاضعة للإدارة

يعكس النمو السريع لشركة "إل جي تي" عودة ليختنشتاين، الدولة الواقعة في جبال الألب التي يبلغ عدد سكانها 39 ألف نسمة، إلى مكانتها بدرجة ما، بعدما صُنفت في يوم من الأيام ضمن أشهر الملاذات الضريبية في العالم.

الشركة التي يقارب عمرها قرناً من الزمان، ضاعفت الأصول المدارة والإيرادات التشغيلية بأكثر من مرتين خلال العقد الماضي، لتتعافى من تباطؤ أعمالها بعدما استهدفت الولايات المتحدة ودول أخرى المراكز المالية الخارجية في أعقاب الأزمة المالية عام 2008.

تعتبر "إل جي تي" واحدة من الشركات التي تسعى إلى استقطاب موظفي "كريدي سويس"، منذ انهيار هذا المصرف، ومقره في زيورخ، واستحواذ "يو بي إس غروب" عليه. هذا الأمر ساعد على زيادة عدد موظفي الشركة إلى ما يقارب 5 آلاف موظف. في أغسطس الماضي، انضم المدير التنفيذي السابق لدى "كريدي سويس"، أجاي بنجابي، إلى وحدة "إل جي تي" لإدارة الثروات في الهند، ليكون واحداً من 6 موظفين سابقين -على الأقل- في المصرف السويسري ينضمون إلى الشركة خلال العام الجاري.

قال دو بيرغو: "نجري عمليات توظيف مكثفة. الصفقة بين (كريدي سويس) و(يو بي إس) ليست هي المصدر الوحيد لنمونا".

الزخم الذي تتمتع به "إل جي تي" يساعد الأمير هانس-آدم أيضاً على تقدمه في ترتيبه ضمن قائمة بالغي الثراء، مما يعزز مكانة الحاكم البالغ 78 عاماً بصفته أثرى حاكم ملكي في أوروبا.

الأمير هانس-آدم، هو المستفيد الوحيد من الشركة، ويحل الآن في المرتبة 215 بين الشخصيات الأكثر ثراءً في العالم، بثروة تقارب 9.2 مليار دولار، متقدماً في التصنيف 71 درجة منذ مطلع العام الجاري، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.

الثروة الأقدم

على خلاف العائلات الملكية الأوروبية الأخرى؛ مثل ملك بريطانيا تشارلز الثالث، يملك الأمير هانس-آدم معظم أثمن أصول عائلته بشكل شخصي، مما يجعلها الثروة الأقدم على مؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.

ثروة الأمير وعائلته مصدرها الأراضي التي تم الحصول عليها في القرن الثاني عشر، التي امتدت في مرحلة ما لتشمل مساحة كبيرة مما أصبح حالياً ألمانيا والنمسا والمجر والتشيك. بدأت "إل جي تي" عملها في 1921 بعشرة موظفين، واشترتها العائلة الملكية بعدها بعقد تقريباً، خلال فترة الكساد العظيم.

تولى الأمير هانس-آدم إدارة الشركة في السبعينيات، بعدما كلفه والده بإعادة تنظيم إمبراطورية العائلة التي كانت في حالة يرثى لها بسبب موجة نزع الملكيات خلال الحرب العالمية الثانية وسوء الإدارة. بعد استقرار الشركة، وسع الأمير -الذي تدرب سابقاً لدى مصرف في لندن- نشاطها خارج البلاد، وافتتح أول فرع دولي في هونغ كونغ عام 1986، قبل فترة وجيزة من اعتلائه العرش كأمير لليختنشتاين.

بخلاف "إل جي تي"، التي يعد الأمير وعائلته أكبر عملائها؛ ما تزال العائلة الحاكمة لليختنشتاين تمتلك الأراضي والعقارات، ومنها قلعة تطل على نهر الراين.

جمعت العائلة مجموعة كبيرة من القطع الفنية، تضم أعمالاً لأنطوني فان دايك، وبيتر بول روبينز، وبارتولومي إستيبان موريللو، لكن إمبراطوريتها المالية هي القوة الدافعة لثروتها. ارتفعت القيمة السوقية لشركة "إل جي تي" بنحو 25% منذ بداية العام الجاري، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات، لتتفوق على أداء مؤشر "إم إس سي آي" العالمي للبنوك.

كحال سويسرا؛ اشتهرت ليختنشتاين ذات يوم بقوانين سرية الحسابات المصرفية، لكن الإمارة عززت شفافيتها بعدما استخدمت ألمانيا بيانات سُرقت من "إل جي تي" لملاحقة المتهربين من الضرائب في 2008.

في ذلك الوقت، شهدت "إل جي تي"، وهي أكبر مؤسسة مصرفية في ليختنشتاين، سحب العملاء للأموال، قبل أن ينعكس ذلك الاتجاه عام 2010. فمن بداية ذلك العام حتى 2012، أضاف البنك صافي تدفقات داخلة بنحو 22 مليار فرنك سويسري، مما يتجاوز 3 أضعاف التدفقات في السنوات الثلاث السابقة، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".

ماكس، البالغ 54 عاماً، وهو ثاني أكبر أبناء الأمير هانس-آدم، فضلاً عن أنه مصرفي سابق لدى "جيه بي مورغان"، هو رئيس مجلس الإدارة الحالي لمجموعة "إل جي تي غروب"، التي تحقق معظم إيراداتها من إدارة الثروات ولديها ذراع للاستثمار المؤثر (أي الاستثمار الذي يهدف إلى إحداث تأثير اجتماعي وبيئي فضلاً عن تحقيق العوائد المالية).

شارك ماكس وعائلته في قرارات كبرى تخص إمبراطوريتهم المالية، ومنها الاستحواذ على شركة لإدارة الثروات في النمسا تابعة لمجموعة "يو بي إس" في 2021، وصفقات مشابهة تمت في العام الماضي لشراء شركتي "كريستون" (Crestone) الأسترالية و"فاليدوس ويلث" (Validus Wealth) الهندية.

عادت "إل جي تي" أيضاً إلى ألمانيا في 2022 مع افتتاح مكتب للخدمات الاستثمارية الخاصة في هامبورغ. كما يخطط البنك لمواصلة التوسع العالمي، على الرغم من أن دخوله أي أسواق جديدة في المستقبل القريب أمر مستبعد.

قال بيرغو: "حققنا أهدافنا فيما يخص المناطق، محور الأمر الآن هو التوسع من هذه المناطق".

تصنيفات

قصص قد تهمك