الشرق
قررت مجموعة "بريكس" زيادة عدد أعضائها عبر دعوة كل من السعودية ومصر والإمارات والأرجنتين وإيران وإثيوبيا إلى الانضمام، مما يحوّل المجموعة إلى تكتل يسيطر على نحو ثلث الاقتصاد العالمي.
ومع هذا التوسع الذي يعد الأول منذ 2010 وهو تاريخ انضمام جنوب أفريقيا للمجموعة؛ سيزيد عدد الدول المنضوية إلى 11 عضواً، بعدما كانت تضم روسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل والهند والصين.
وقال رئيس جنوب أفريقيا في القمة إن المجموعة توصلت بعد مناقشات طويلة إلى اتفاق للمبادئ والمعايير والإجراءات لعملية التوسيع، ووصلت إلى "إجماع على المرحلة الأولى من عملية التوسيع، التي ستتبعها مراحل لاحقة".
وأضاف: "اتخذنا قراراً بدعوة الأرجنتين، ومصر، وإثيوبيا، وإيران، والسعودية، والإمارات، ليصبحوا أعضاء كاملي العضوية في المجموعة"، منبهاً إلى أن "عضويتهم ستبدأ من 1 يناير 2024".
ثلث اقتصاد العالم
ووفقاً لحسابات البنك الدولي؛ فإنَّ الناتج المحلي الإجمالي للسعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا مجتمعة وصل في العام 2022 إلى نحو 3.2 تريليون دولار، تضاف إلى نحو 26 تريليون دولار للدول الخمس الموجودة أصلاً في المجموعة، في حين أن تقديرات البنك للناتج الإجمالي العالمي بلغت نحو 100 تريليون دولار.
اتخاذ قرار التوسيع
اتُّخذ قرار زيادة الأعضاء خلال اليوم الثاني من قمة "بريكس" في جنوب أفريقيا أمس الأربعاء، بعدما أبدت الهند تأييدها لعملية التوسيع "على أساس التوافق". الصين كانت المحرك الرئيسي وراء إضافة المزيد من الأعضاء، لكنَّ الهند، التي تشعر بالقلق من أن جارتها القوية يمكن أن تسيطر على المجموعة، دعت سابقاً إلى اتباع نهج حذر.
أما الرئيس الصيني شي جين بينغ؛ فطالب في كلمته خلال اليوم الثاني من القمة بالإسراع بخطة التوسيع، قائلاً: "يسعدني رؤية الحماس المتزايد من الدول النامية بشأن المشاركة في (بريكس)"، مشدداً على ضرورة تسريع عملية التوسيع لضم المزيد من الدول، معتبراً أن "عملية التسريع ستجلب الكثير من الدول إلى عائلة (بريكس)".
وأشار إلى أنه يتوجب على دول مجموعة "بريكس" العمل كدول وتعزيز التعاون الدولي، مطالباً بتعزيز التعاون بين دول المجموعة في المجالين السياسي والأمني، معتبراً أن "عقلية الحرب الباردة تشكل مصدر قلق في عالمنا"، وأنه من الضروري "الالتزام بالقوانين الدولية، وليس الخضوع لإملاءات الدول القوية".
السعودية: سنتخذ الإجراء المناسب
وثمّن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في تصريح لـ"الشرق"، الدعوة التي صدرت من مجموعة "بريكس"، مشيراً إلى أنها أتت بناء على المكانة الاقتصادية والسياسية الكبيرة للمملكة، وثقلها الدولي، منبهاً إلى أن مشاركة السعودية في أي تكتل يعزز من تنافسية هذه التكتلات، بحكم الحجم الاقتصادي للمملكة، وموقعها التنافسي المهم والاستراتيجي.
وبشأن الانضمام إلى "بريكس" بعدما وُجهت الدعوة للرياض، أكد وزير الخارجية أن المملكة تنتظر التفاصيل من المجموعة بشأن الدعوة وطبيعة العضوية ومقوماتها، و"بناء على ذلك، وإجراءاتنا الداخلية، سنتخذ الإجراء المناسب".
وشدد وزير الخارجية على أن المملكة تركّز في سياستها الخارجية، وكل سياساتها، على "بناء شراكات اقتصادية قوية لدعم مسيرة التنمية في المملكة، والترابط الاقتصادي والتنمية حول العالم". وأضاف أن "بريكس" أثبتت أنها "من القنوات المفيدة والمهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي، بالذات بين الدول النامية، وخصوصاً ما يسمى دول الجنوب، التي تحتاج إلى تعزيز التعاون والتنسيق في ظل الاستقطاب الحاصل بين الدول". وأكد أن نظرتنا لـ"بريكس وكل شراكاتنا، في المقام الأول هي لتعزيز الجانب الاقتصادي والتنموي".
وزير الخارجية بيّن أن السعودية حريصة على تعزيز الترابط مع كافة التجمعات الكبرى حول العالم، ودعم ترابط العالم العربي والشرق الأوسط مع هذه التكتلات، ولذلك "كنّا حريصين على استضافة عدد من التكتلات، وتفعيل بعض قنوات التعاون التي كانت موجودة في وقت سابق، ولكنها غير مفعلة، سواء بين مجلس التعاون الخليجي، أو بين جامعة الدول العربية".
وفي سياق متصل بتعزيز العلاقة مع التكتلات الاقتصادية، قال وزير الخارجية السعودي إن اجتماعاً بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا المعروف باسم "آسيان" سيعقد في أكتوبر، مشيراً إلى أن هذا التجمع يعتبر من أهم التجمعات الاقتصادية في العالم، وسيتبعه في نهاية السنة القمة السعودية الأفريقية، والقمة العربية الأفريقية، مشيراً إلى أنها اجتماعات مهمة تعزز تواصل السعودية مع هذه الدول والتجمعات، وتواصل منطقة الخليج والعالم العربي معها، "كما تعزز تنافسيتنا ومسارنا إلى التنمية".
وفي تعليقه على الدعوة، قال رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تعليق على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، إن بلاده تقدّر "موافقة قادة مجموعة (بريكس) على ضم دولة الإمارات إلى هذه المجموعة المهمة"، معرباً عن تطلعه لـ"العمل معاً من أجل رخاء ومنفعة جميع دول وشعوب العالم".
منذ تأسيسه، أخفق التكتل في تحويل قوته الاقتصادية المتنامية إلى نفوذ سياسي ضخم منذ أن بدأ بعقد قمم الزعماء قبل 15 سنة. لكن حالة التشرذم الراهنة في النظام العالمي، مع تفاقم الخلافات بين الولايات المتحدة والصين، والانقسامات حول الغزو الروسي لأوكرانيا، تعطيه فرصة جديدة ليصبح صوتاً أعلى لمنطقة جنوب الكرة الأرضية، وربما ينافس الولايات المتحدة وحلفاءها.