بلومبرغ
نما الاقتصاد الياباني بمعدل أسرع بكثير مما كان متوقعاً، إذ عوضت الزيادة في الصادرات النتائج الأضعف من المتوقع لكل من الإنفاق الاستثماري للشركات والاستهلاك الخاص.
أظهرت بيانات مكتب مجلس الوزراء اليوم الثلاثاء أن الناتج المحلي الإجمالي حقق معدل نمو بلغ 6% على أساس سنوي في الربع الثاني، مسجلاً أقوى نمو منذ الربع الأخير من عام 2020.
وتجاوز معدل النمو توقعات الاقتصاديين البالغة 2.9%. ساهم صافي الصادرات بنسبة 1.8 نقطة مئوية في معدل النمو، مقابل تقديرات تحظى بالإجماع عند 0.9 نقطة.
تضاف بيانات الثلاثاء إلى الدلائل على أن ثالث أكبر اقتصاد في العالم يواصل التعافي من الوباء. نما حجم الاقتصاد إلى 560.7 تريليون ين (3.85 تريليون دولار)، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، متجاوزاً الذروة إبان ما قبل الوباء.
جاء معدل النمو متوافقاً مع وجهة نظر "صندوق النقد الدولي"، الذي رفع مؤخراً توقعات نمو اقتصاد اليابان إلى 1.4% في عام 2023.
مع ذلك، فإن النتيجة القوية كانت مصحوبة بالمحاذير، إذ جاء جزء كبير من النمو من الطلب الخارجي.
اقتصاد اليابان ينمو بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الأول
رئيس البحوث الاقتصادية في "إن إل آي ريسيرتش إنستيتيوت" (NLI Research Institute) تارو سايتو قال: "لا أستطيع أن أقول إن كل شيء على ما يرام عندما أنظر إلى المحتوى. صافي الصادرات فقط تجاوز التقديرات كثيراً، بينما ضعف الاستهلاك ظل أقل من المستوى الذي كان عليه قبل الوباء". و"أستطيع أن أقول إن هذا لن يكون عاملاً لدفع بنك اليابان نحو تطبيع السياسة النقدية".
[object Promise]رياح معاكسة تلوح في الأفق
أظهرت بيانات التجارة أن الصادرات ظلت قادرة على التكيّف خلال الربع الثاني، مدفوعة بشحنات السيارات إلى الولايات المتحدة وأوروبا. من غير الواضح ما إذا كانت هذه الزيادة ستستمر، إذ يرى الاقتصاديون رياحاً معاكسة تلوح بالأفق في الولايات المتحدة والصين وأوروبا.
شكلت الأعداد المتزايدة من السيّاح الوافدين، الذين تم حساب مساهمتهم أيضاً في عنصر صافي الصادرات بالناتج المحلي الإجمالي، دفعة اقتصادية كبيرة بعد أن رفعت السلطات القيود على الحدود في نهاية أبريل.
تعافى عدد الزوار الأجانب إلى أكثر من 70% من مستويات ما قبل الوباء كما في يونيو، حسب منظمة السياحة الوطنية اليابانية.
من المرتقب صدور بيانات السياحة في اليابان خلال يوليو، غداً الأربعاء. ومن المتوقع أن يوفر إنفاق السيّاح دفعة أكبر خلال أغسطس، بعد أن رفعت الصين الأسبوع الماضي الحظر على سفر المجموعات. وشكل السيّاح الصينيون ما يزيد عن الثلث من إجمالي تلك النفقات التي تجاوزت حاجز تريليون ين في عام 2019.
اليابان تحقق في يونيو فائضاً تجارياً لأول مرة منذ عامين
وقال هارومي تاجوتشي، الخبير الاقتصادي في "إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجينس" (S&P Global Market Intelligence): "لدى المقارنة بالفترة من يناير إلى مارس، فإن التحسن الملحوظ في الاستهلاك المدفوع بالنشاط المتزايد قد ضعف.. يدفع ارتفاع الأسعار بشكل متزايد المستهلكين إلى تأجيل شراء السلع".
كان الإنفاق الرأسمالي من جانب الشركات ثابتاً، مقابل التوقعات بزيادته 0.4%، في حين انخفض الاستهلاك الخاص (القطاع العائلي)، الذي يمثل أكثر من 50% من إجمالي الناتج المحلي، فجأة 0.5%.
تفاصيل الناتج المحلي الإجمالي:
- تراجع الاستهلاك الخاص 0.5% مقابل تقديرات 0%.
- استقر إنفاق الشركات (القطاع الاستثماري) عند 0% مقابل تقدير 0.4%.
- ساهم صافي الصادرات بنسبة 1.8 نقطة مئوية مقابل التقدير البالغ 0.9 نقطة مئوية.
- تراجع المخزون الخاص 0.2 نقطة مئوية مقابل توقعات بتسجيله -0.3 نقطة.
هذه الإشارات على الضعف المحلي قد تكبح تكهنات السوق بأن بنك اليابان (المركزي) سوف يستغل معدل النمو القوي بمثابة مبرر لمناقشة ما إذا كان يجب التفكير في الابتعاد عن التحفيز الهائل، في حين أشار المحافظ كازو أويدا إلى عدم اليقين في الأسواق الخارجية، في التعليقات التي أدلى بها مؤخراً.
ضغوط الخارج
في تقريره الأخير عن التوقعات، أشار بنك اليابان إلى أن الطلب الخارجي قد يتباطأ في الأشهر المقبلة، قائلاً: "من المتوقع أن تتأثر الصادرات والإنتاج بالتباطؤ في وتيرة التعافي لدى الاقتصادات بالخارج، نتيجة تأثير الضغوط التضخمية عالمياً ورفع البنوك المركزية أسعار الفائدة".
مع ذلك، قد تكون هذه النتيجة بمثابة أخبار سارة لرئيس الوزراء فوميو كيشيدا، الذي يبحث عن تطورات إيجابية لعكس مسار الانخفاض الأخير في نسبة التأييد التي يحظى بها في استطلاعات الرأي على مستوى البلاد. تأثرت شعبيته بعد وجود مشاكل إبان طرح بطاقة الهوية الجديدة للمواطنين.
يلقي ضعف الين بثقله على الطلب المحلي أيضاً، إذ يؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع المستوردة.
وقال شومبي جوتو الباحث في "معهد اليابان للأبحاث" إن "أسعار الواردات ترتفع أيضاً بسبب ضعف الين وعوامل أخرى، مما يشكل ضغطاً هبوطياً على الواردات".
قد يستمر هذا التأثير على الواردات، إذ هبط الين يوم الثلاثاء إلى أضعف مستوياته مقابل الدولار منذ نوفمبر 2022.