بلومبرغ
التقى ممثلون عن جهات تنظيمية صينية، مستثمرين عالميين يوم الجمعة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، في خطوة جديدة تضاف إلى الجهود التي تبذلها الحكومة لتعزيز ثقة السوق التي اهتزت مع تلاشي زخم الانتعاش الاقتصادي في البلاد.
اجتمع نائب رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية في الصين، فانغ شينغاي، مع عدد من مسؤولي شركات رأس المال الجريء العالمية وشركات الأسهم الخاصة، للاستماع إلى مخاوفهم بشأن الاستثمار في البلاد، حسبما قال أشخاص مطلعون طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لخصوصية الأمر. كان من بين الحاضرين نيل شين، وهو شريك مؤسس في شركة "هونغ شان" (HongShan) -المعروفة سابقاً باسم "سيكويا كابيتال تشاينا" (Sequoia Capital China)- وممثلون عن كلٍ من "جي آي سي" (GIC Pte) و"اربورغ بينكوس" (Warburg Pincus). كما انضم إلى الاجتماع وو يي بينغ، رئيس شركة "تيماسيك" (Temasek Holdings Ltd) في الصين.
قال الأشخاص المطلعون إن فانغ رافقه مسؤولون من لجنة تنظيم الأوراق المالية ورابطة إدارة الأصول الصينية. ولم ترد أي من المؤسستين على الأسئلة المتعلقة بالاجتماع خارج ساعات العمل، كما لم يردّ مسؤولون من شركتي "هونغ شان" أو "جي آي سي". ولم ترد "تيماسيك" على طلب للتعليق على الفور، بينما رفض ممثل "واربورغ بينكوس" التعليق عند محاولة التواصل معه برسالة نصية.
يأتي الاجتماع الاستثنائي مع الصناديق العالمية بعد أن أعربت إدارة الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل أيام، عن أقوى دعم تقدمه في السنوات الأخيرة لشركات التكنولوجيا الخاصة في البلاد. ومع ذلك، قوبلت جهود الحكومة بالتشكيك، حيث دعا المستثمرون إلى بذل مزيد من الإجراءات الملموسة وتقديم حوافز أقوى لإنعاش النمو.
أشار المطلعون إلى أن الموضوعات التي نوقشت في اجتماع يوم الجمعة، تضمنت الخطوات التي يمكن اتخاذها لضمان استمرار الصناديق العالمية في الاستثمار في الصين. قال أحد الأشخاص إنه كانت هناك مطالبات للجهات التنظيمية بضرورة تسريع إجراءات تسجيل الطرح العام الأولي في الخارج، وتسريع وتيرة الطروحات في البر الرئيسي للصين، وتخفيف قواعد الاندماج والاستحواذ.
تصاعد التوترات
يأتي ذلك وسط توترات متصاعدة بين الصين والولايات المتحدة، وبعد حملة شنتها بكين منذ سنوات عدة على قطاعها الخاص واقتصاد البلاد الضعيف، وكلها عوامل تؤدي إلى تراجع اهتمام المستثمرين. تواجه شركات الاستثمار بالأسهم الخاصة ورأس المال الجريء تحديات لجذب الأموال المؤسسية من الأوقاف والمعاشات التقاعدية الأميركية، بسبب هذه المخاوف طويلة الأجل.
قالت لجنة بالكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي، إنها تحقق مع 4 شركات استثمار في مجال رأس المال الجريء، بشأن استثماراتها في شركات التكنولوجيا الصينية، فيما يُعدّ أحدث علامة على تدقيق واشنطن المتزايد بالأموال الأميركية المشتبه في أنها تساعد على تطوير صناعات حساسة في الصين. وتشمل الشركات التي يجري التحقيق معها كلاً من "جي جي في كابيتال" (GGV Capital) و"جي إس آر فنشرز" (GSR Ventures) و"والدين إنترناشونال" (Walden International) و"كوالكوم فنشرز" (Qualcomm Ventures).
كذلك أوصت وزارة الخارجية الأميركية مواطنيها في يونيو الماضي بأن يعيدوا النظر في السفر إلى البر الرئيسي للصين، بسبب التعسف في تطبيق القوانين المحلية ومخاطر الاعتقالات غير القانونية، التي روّعت مجتمع الأعمال.
كما أثرت المخاوف بشأن الإجراءات التنظيمية الصارمة في الصين على مجتمع الاستثمار. فقد أصدر الحزب الشيوعي والحكومة في وقت سابق من الشهر الجاري، بياناً مشتركاً نادراً يتضمن 31 إجراءً لتحسين ظروف ممارسة الأعمال، بما في ذلك تعهدات بمعاملة الشركات الخاصة بطريقة متساوية مع الشركات الحكومية.
دعوة لإجراءات ملموسة إضافية
على الرغم من أن هذه الخطوة حظيت بدعم رواد الأعمال الصينيين، بمن فيهم الملياردير بوني ما، وهو مؤسس مشارك في شركة "تينسنت هولدينغز" (Tencent Holdings Ltd)، فإن الشركات الأجنبية تتطلع إلى أكثر من مجرد كلمات بعد عامين من الإجراءات الصارمة ومكافحة الجائحة. قالت غرفة التجارة التابعة للاتحاد الأوروبي في الصين إن شركاتها اعتادت على سماع "بيانات مدوية تبدي تأييدها لمجتمع الأعمال، لكن الإجراءات الملموسة المتخذة محدودة".
أظهرت الحكومة دعمها للأسهم الخاصة ورأس المال الجريء في وقت سابق من الشهر الجاري، وذلك عندما وافق رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ على القواعد النهائية لسوق الصناديق الخاصة البالغة قيمتها 20 تريليون يوان (2.8 تريليون دولار) بعد ما يقرب من 6 سنوات من إصدار المسودة. رغم أن القواعد الجديدة تضمنت تشديد العقوبات على المخالفات بشكل كبير، فإنها ترسي فصلاً خاصاً لرأس المال الجريء، من خلال متطلبات أكثر مرونة. كما أنها أعفت الصناديق الأم من بعض القيود، وهو الأمر الذي عزّز المميزات للسوق الثانوية للأسهم الخاصة.
تسبب الانتعاش الاقتصادي المتعثر في الصين بحالة من الاضطرابات في الأسواق العالمية. فقد اختارت بكين اتخاذ خطوات مستهدفة -بدلاً من توسيع الحافز- والتي شملت خفض أسعار الفائدة، وسهولة الوصول إلى الائتمان، وسلسلة من الإجراءات لإنعاش سوق الإسكان التي دخلت مرحلة حرجة.
لا تزال الشركات تنتظر إشارات من الفريق الاقتصادي الجديد للرئيس الصيني "شي" تفيد بأن بيئة السياسة الاقتصادية ستكون أكثر شفافية وقابلة للتنبؤ. أصرّ الرئيس مراراً وتكراراً على أن التنمية الاقتصادية هي الأولوية القصوى للحزب الشيوعي، حتى مع جعل حكومته حماية الأمن القومي محور تركيزها.