بلومبرغ
قفز اليوان بعد أن كثّفَت الصين دعمها للعملة المدارة، عبر فرض سعر مرجعي أقوى من المتوقع وتعديل قيود رأس المال لجذب التدفقات الداخلة.
حدّد بنك الشعب الصيني سعر اليوان دون 7.15 للدولار الأميركي، أي أقوى بمقدار 680 نقطة من متوسط تقديرات استطلاع رأي أجرته "بلومبرغ"، وأكبر انحراف منذ نوفمبر الماضي. كما عدلت بكين بعض القواعد لتمكّن الشركات من الاقتراض أكثر من الخارج، ما يمهّد لتدفقات رأس مال أجنبي أكبر.
صعد اليوان في المعاملات الخارجية 0.8% إلى أقلَّ قليلاً من 7.18، كما قفز السعر بالمعاملات المحلية بنفس المقدار. يحدّ السعر المرجعي لبنك الشعب الصيني تحركات العملة داخلياً 2% صعوداً وهبوطاً.
دعم سعر الصرف
تأتي إجراءات دعم سعر صرف العملة في ظلّ تكثيف بكين للتصريحات حول تعزيز ثقة الأعمال مع تراجع النمو الاقتصادي. أصدر الحزب الشيوعي الصيني والحكومة تعهداً مشتركاً بتحسين بيئة عمل شركات القطاع الخاص، وذلك عبر بيان أمس الأربعاء.
"بنك أوف أميركا": اليوان قد يتراجع إلى 7.4 مقابل الدولار
يتعرض اليوان، الذي هبط بأكثر من 5% أمام الدولار الربع الماضي، لضغوط جراء مخاوف النمو وكذلك التباين المتزايد في السياسة النقدية بين الصين والولايات المتحدة. يبرز انزعاج بنك الشعب الصيني إزاء تراجع الاقتصاد عبر تحديد سعر مرجعي أقوى من المتوقع منذ أواخر يونيو الماضي.
أوضح ألفين تان، رئيس وحدة استراتيجية العملات الأجنبية الآسيوية في مصرف "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets): "أثار ارتفاع الدولار أمام اليوان أمس قلق بنك الشعب الصيني، ما دفعه إلى التحرك بقوة أكبر اليوم، ولا يُرجَّح حدوث تدخُّل مباشر من المسؤولين حتى الآن، ولكن يمكن بالتأكيد اتخاذ تدابير أخرى، على غرار تقليص نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك. يمكننا توقع تغيرات كبيرة في سعر الصرف عبر سياسية التحكم بالسعر في المستقبل القريب".
الاقتراض الخارجي
عدّل بنك الشعب الصيني أيضاً من قواعده ليسمح للشركات باقتراض خارجي أكثر. وزاد ما يُطلَق عليه "المُعامِل الاحترازي الكلي" للتمويل العابر للحدود للشركات والمؤسسات المالية إلى 1.5 بدلاً من 1.25، حسب بيان صادر عن البنك المركزي.
اتخذت الصين تدابير مشابهة لدعم اليوان خلال أكتوبر الماضي عندما بدأت العملة تتراجع أمام الدولار نحو أدنى مستوياتها منذ 2008.
تحسنت المعنويات في سوق الأسهم لفترة وجيزة بفضل إظهار الحكومة للدعم. توقف مؤشر الأسهم الصينية المدرجة في بورصة هونغ كونغ عن تراجع استمر يومين، قبل أن يقلّص مكاسبه.
توقعات بلجوء الصين لأداة قديمة لدعم اليوان
تبقي معرفة هل ستدعم التدابير اليوان على المدى الطويل أم لا، مسألة محل نقاش، لا بوادر حتى الآن أي بوادر لإعلان بكين عن حزمة تحفيز لتعزيز الاقتصاد الضعيف ومن المتوقع أن يزيد بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة ثانية الأسبوع المقبل، ما قد يدعم الدولار.
مقاومة تراجع اليوان
أوضح كريستوفر وونغ، محلل العملات الأجنبية في شركة "أو سي بي سي" (OCBC) في سنغافورة: "يؤكد السعر المرجعيّ اليوم تصميم صناع القرار على مقاومة ضعف اليوان، لا سيما بعد التحرك الحادّ نوعاً ما الأيام الأخيرة، لكن يبدو جليّاً أن هذا التحرك لا يمثّل سوى مقاومة قصيرة الأجل لتعود الأسواق لتطارد سعراً أعلى للدولار مقابل اليوان مرة ثانية إذا تفاقم الإحباط جراء غياب إجراءت تحفيز الاقتصاد".
يملك بنك الشعب الصيني أدوات أخرى كثيرة ضمن مجموعة خيارات إذا استمرّ التدهور. علاوة على السعر المرجعي، يستطيع البنك المركزي أن يشجّع المقرضين الكبار على بيع الدولار الأميركي، ويعزّز سيولة العملات الأجنبية بالسوق المحلية ويرفع تكلفة بيع اليوان على المكشوف عبر العقود الآجلة.
بنك الشعب الصيني يتعهد باستخدام سياسته النقدية لدعم النمو
قال إيدي تشيونغ، كبير محلّلي الأسواق الناشئة في فرع "كريدي أغريكول سي آي بي" في هونغ كونغ: "بالنهاية، ما زالت توجد عوامل مؤثرة على اليوان، مثل فجوة أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والصين، وعوامل الاقتصاد الأساسية الضعيفة، وغيرها. يعمل الدولار الأضعف لصالحهم (صناع السياسة النقدية) في الوقت الراهن، وننتظر أخباراً أكثر حول حزمة سياسات الدعم الممكن أن تساعد على تحسين الثقة باليوان بمجرد إصدارها".