الشرق
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الأربعاء أنَّ سعر الصرف في بلاده أصبح "أمناً قومياً"، وأنَّه لا يمكن لحكومته الاقتراب منه إذا كان سيؤثر على حياة المصريين.
تقبع مصر مؤخراً بين مطرقة صندوق النقد الدولي، الذي لم يقم بمراجعته الأولى لبرنامج الدعم المقدّم للبلد الأكبر عربياً من حيث عدد السكان نظراً للتباطؤ الذي يكتنف تنفيذ متطلباته الخاصة بمرونة سعر الصرف وبيع أصول حكومية، وسندان تقرير البنوك العالمية التي تركز على التفاوت بين السعر الرسمي لصرف الجنيه وسعره بالسوق الموازية، والفروقات مع العقود المستقبلة، مطالبةً بتحريك سعر صرف العملة للمرة الرابعة خلال 17 شهراً.
هذه هي المرة الأولى التي يرد فيها السيسي بشكل مباشر على الضغوط التي تتعرض لها بلاده من صندوق النقد الدولي من أجل "مرونة أكبر لسعر الصرف" دون أن يذكر اسم "صندوق النقد الدولي" في كلامه، لكنَّ الإشارة كانت واضحة اليوم خلال "المؤتمر الوطني للشباب" المنعقد بمحافظة الإسكندرية.
في ديسمبر الماضي، وافق صندوق النقد على برنامج مدّته 46 شهراً لمصر الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، على أن يخضع البرنامج لمراجعتين سنوياً حتى منتصف سبتمبر 2026، بإجمالي 8 مراجعات. المراجعة الأولى؛ التي سيصرف على أساسها الشريحة الثانية من القرض، كان يُفترض أن تتم منتصف مارس الماضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، نظراً لتأخر الحكومة بتنفيذ برنامج الطروحات، وعدم اتسام سعر صرف الجنيه بالمرونة اللازمة.
خلال الشهرين الأخيرين صدرت تقارير عدة من بنوك عالمية ووكالات تصنيف تنتقد بطء الحكومة في تنفيذ برنامج الطروحات، وعدم تحرير سعر صرف الجنيه لمجاراة سعره بالسوق الموازية. كان آخرها بنك "كريدي سويس" الذي بدأ تقريره عن مصر بـ"ما زلنا نشعر بالقلق وخيبة الأمل" إزاء عدم التقدم في تنفيذ الإصلاحات المرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي، وتحديداً بيع حصص بالشركات المملوكة للدولة، ومرونة سعر صرف العملة المحلية، متوقِّعاً أن يتراوح الدولار ما بين 45 إلى 50 جنيهاً خلال 3 أشهر.
المرونة
السيسي الذي يتوقع أن يخوض الإنتخابات الرئاسية بعد أشهر قليلة، أكد في حديثه أنَّ بلاده "تتحلى بالمرونة في سعر الصرف، وعندما يؤثر سعر الصرف على حياة المصريين؛ لا يمكن للحكومة تجاهله.. لا نستطيع، حتى لو كان هذا يتعارض مع... انتبهوا، وإلا سيقودكم ذلك إلى أزمة لا يمكن تصورها".
السوق الموازية
جرى تداول العملة المصرية خلال آخر أسبوعين بين 38-39 جنيهاً للدولار بالسوق الموازية، مقارنة مع 30.9 جنيه للدولار في السوق الرسمية.
وقال عمرو الألفي من "برايم المالية" إنَّ مصر "لن تستفيد في الوقت الحالي من أي تخفيض لعملتها المحلية، بل ستزيد التضخم أكثر. تصريحات الرئيسي اليوم سيكون لها تأثير نسبي بالإيجاب على معاملات السوق الموازية للعملة، ويبقى الأهم لمصر حالياً هو نجاحها في جذب الدولار من خلال بيع بعض الأصول".
أكد السيسي أنَّ ارتفاع أسعار السلع والخدمات في البلاد يرجع إلى خفض قيمة الجنيه في ظل اعتماد الطلب الاستهلاكي على الخامات والسلع المستوردة.
لا يطالب صندوق النقد الدولي وحده بمرونة أكثر في سعر الصرف، بل هناك أيضاً بعض المستثمرين الخليجيين في مفاوضاتهم الحالية مع الحكومة لشراء أصول حكومية بالعملة الأجنبية.
قال السيسي اليوم: "في الأعوام الماضية كنا نشتري من السوق -سندات دولارية- 3 أو 4 مليارات دولار، ونضعهم في البنك المركزي كي نحافظ على الاحتياطي لتوفير طلبات 3 أو 4 شهور، لكنَّ ذلك تسبب في زيادة الديون، ولن نعيد الشراء مرة أخرى".