بلومبرغ
سيعتمد احتمال انزلاق الاقتصاد الأميركي إلى الركود أو متى قد يحدث ذلك على كيفية تأثير الاضطرابات الأخيرة التي أصابت القطاع المصرفي على الشركات والأشخاص وأسلوب معيشتهم.
فمن شأن تقليص الإقراض وتشديد معايير القروض أن يجعلا من الصعب على الناس شراء السيارات والمنازل، وعلى الشركات التوسع والاستثمار. كما أن المخاوف المتصاعدة بشأن النظام المصرفي والاحتمالات المتزايدة للوقوع في براثن الركود ربما تجعل الأسر أكثر حذراً بشأن الإنفاق وكذلك الشركات إزاء زيادة الرواتب أو مواصلة الاستثمارات الرأسمالية.
بدأت تظهر بالفعل بعض الآثار السلبية على الاقتصاد الأميركي جراء الزيادات الحادة لأسعار الفائدة التي نفذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي لكبح جماح التضخم.
أثار فشل ثلاثة بنوك أميركية وما تبعه من أزمة ثقة في بنك "كريدي سويس"، مخاوف المستثمرين بشأن استقرار القطاع المالي.
ومع تغير الظروف كل ساعة، فإن البيانات الاقتصادية التقليدية- التي تصدر عادةً شهرياً أو فصلياً للشهر أو الربع السابق، تثبت أنها أقل فائدة.
فيما يلي بعض المواضع التي يجب البحث عنها لقياس التداعيات الاقتصادية الناجمة عن اضطرابات القطاع المصرفي. غير أنه تجدر الإشارة إلى أن بعض هذه المؤشرات قد تراجعت بالفعل في الأشهر القليلة الماضية مما سيجعل فك شفرة التأثير أكثر صعوبة:
الإقراض المصرفي
كل يوم جمعة في نحو الساعة 4:15 مساءً في واشنطن، ينشر الاحتياطي الفيدرالي مجموعة كبيرة من المعلومات عن أصول والتزامات البنوك التجارية الأميركية. تشمل هذه المعلومات جميع الإحصاءات المتعلقة بالقروض الاستهلاكية والعقارية والتجارية، بالإضافة إلى تقسيمها إلى فئات أوسع بناءً على حجم البنك.
يراقب الاقتصاديون والمستثمرون التقرير، المعروف باسم" إتش8" ، عن كثب للتعرف على أنماط الإقراض والودائع في كل من البنوك الإقليمية وأكبر البنوك في الولايات المتحدة.
هناك أيضاً "مسح كبار مسؤولي القروض إزاء ممارسات الإقراض المصرفي" وهو مسح ربع سنوي يشمل ما يصل إلى 80 بنكاً أميركياً كبيراً و24 فرعاً من البنوك الأجنبية في الولايات المتحدة، ويقدم أيضاً نظرةً ثاقبةً عن معايير الإقراض والطلب عليه والقروض للشركات والأسر.
وفي حين أنه ليس تقريراً شهرياً، ويصدر التقرير التالي في أبريل، إلا أنه يتيح نظرة مثالية للقطاع عقب الاضطرابات التي شهدها في مارس. وربما تثير المؤشرات التي تدل على تشديد معايير الإقراض المصرفي مخاوف بشأن آفاق الاقتصاد.
ثقة المستهلك
تتسم ثقة المستهلك بالتقلب والهشاشة، وعلى الرغم من أنها ليست مثالية بالتأكيد، فإنها يمكن أن تساعد في بعض الأحيان في الإشارة إلى تغييرات في الإنفاق الشخصي.
تشير الدلائل الأولية إلى أن الاضطرابات في القطاع المصرفي لها تأثير. أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "بنتا-سيفيك ساينس" أن الثقة في الاقتصاد الأميركي انخفضت بأكبر قدر منذ يونيو في الأسبوعين المنتهيين في 14 مارس.
أجرت جامعة ميشيغان مسحها لآراء المستهلكين لشهر مارس، والذي صدر يوم الجمعة، في الفترة من 22 فبراير إلى 15 مارس. وكانت قد انتهت من نحو 85% من المقابلات قبل انهيار "سيليكون فالي بنك"، وفقاً للتقرير. أشارت البيانات إلى تأثير ضئيل على الثقة، ولكن المؤشر النهائي، الصادر في 31 مارس، ربما يقدم صورة أشمل لرد فعل المستهلكين الأولي على إخفاقات البنوك. تصدر البيانات مرتين في الشهر.
ولدى مؤسسة "ذا كونفرانس بورد" (The Conference Board) مقياس مماثل، والذي من المقرر أن يصدر في 28 مارس الجاري.
الإنفاق ببطاقة الائتمان
تُعتبر مراقبة بيانات بطاقة الائتمان من الطرق الأساسية لتقييم ما إذا كان الأميركيون يتراجعون عن الإنفاق.
يقدّر مكتب التحليل الاقتصادي الإنفاق على مجموعة متنوعة من الخدمات والبضائع باستخدام بيانات بطاقات الدفع اليومية. وعلى عكس بيانات الإنفاق الشخصي التي تصدر شهرياً وبتأخر كبير، يُحدِث المكتب هذه البيانات أسبوعياً.
كما يقدم العديد من المصادر الخاصة بانتظام رؤى عن أنماط الإنفاق الاستهلاكي، ومنها "بنك أوف أميركا" و"فيزا".
معنويات الأعمال
يقدم استطلاع اتجاهات الأعمال والتوقعات الصادر عن مكتب الإحصاء أحد السبل للحصول على نظرة ثاقبة في الوقت المناسب عن الشركات في جميع قطاعات الاقتصاد. يُرسل الاستطلاع إلى ما يقرب من 200 ألف شركة كل أسبوعين ويتضمن أرقاماً عن الأداء والإيرادات والموظفين وساعات العمل. يشمل الإصدار التالي الأسبوعين المنتهيين في 26 مارس.
كما يستطلع الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة، وهو اتحاد للأعمال الصغيرة، آراء أعضائه بانتظام عن أمور مثل خطط التوظيف والنفقات الرأسمالية وسهولة الحصول على قرض. أصدر الاتحاد أحدث نتائجه الأسبوع الماضي، لذلك لن تأتي القراءة التالية قبل شهر آخر تقريباً. وتصدر تقاريره يوم الثلاثاء الثاني من كل شهر.
سلوك الأسر
مسح "نبض الأسر"، وهو بحث تجريبي لمكتب الإحصاء بدأ في خضم جائحة كورونا، أصبح مصدراً رئيسياً للمعلومات عن موضوعات تتراوح من حالة التوظيف إلى كفاية الغذاء والأساليب المستخدمة لتلبية احتياجات الإنفاق. وتُجمع البيانات كل أسبوعين.
فعلى سبيل المثال، توفر منصة الحجز في المطاعم "أوبن تيبل"، بيانات يومية عن الحجوزات على مستوى الولايات المتحدة وكذلك عبر مجموعة متنوعة من المدن الأميركية. وفي حين أن هذه البيانات يمكن أن تكون متقلبة، فإن التراجع المستمر في الحجوزات ربما يشير إلى تراجع الأميركيين عن الإنفاق غير الضروري.
توفر الوظائف
تميل الشركات إلى إبطاء التوظيف وتجميده في نهاية المطاف عندما يتضاءل الطلب من أجل الحد من تقليص الوظائف. وبينما تنشر الحكومة بياناتها عن الوظائف الشاغرة عن فترات سابقة، يقدم العديد من مواقع البحث عن الوظائف أرقاماً أحدث عن حالة الطلب على العمالة.
يقدم موقع "إنديد" نظرة آنية تقريباً على الوظائف الشاغرة على موقعه حسب البلد والولاية والمدينة والقطاع. وكانت الوظائف الشاغرة في العديد من القطاعات متراجعة بالفعل قبل أحداث الأسبوع الماضي.
كما أن انخفاض التوظيف المؤقت يمكن أن يكون مؤشراً على مخاوف الشركات والأعمال بشأن المستقبل. الخطوة الأخيرة هي زيادة تسريح العمال، وهو أمر يمكن رؤيته غالباً في الإخطارات المسبقة بإغلاق المصانع والتسريح الجماعي للعمال، قبل المقاييس الحكومية.