بلومبرغ
أثارت اتفاقيات التمويل في شركات مجموعة "أداني غروب" (Adani Group) موجة جديدة من المخاوف في الأسواق المتوافقة مع معايير البيئة والمجتمع والحوكمة، حيث انتبه المستثمرون لوجود خطر جديد.
تخلص أكبر صناديق التقاعد في النرويج –"كيه إل بي" (KLP)- مؤخراً من كل أسهمه في شركة "أداني غرين إينرجي" (Adani Green Energy)، التي تمثل القسم المختص بالطاقة المتجددة في إمبراطورية الملياردير الهندي.
تأتي عملية البيع وسط مخاوف من أن يكون الصندوق قد ساعد –دون قصد- بمساهمته في الشركة في تمويل بعض أشد الأنشطة تسبّباً للتلوث في العالم، وأوضح بيان عام في 10 فبراير أنَّ "أداني" يستخدم أسهم شركات الطاقة المتجددة باعتبارها تمثل ضماناً لتسهيل ائتماني يساعد على تمويل منجم "كارمايكل" للفحم في أستراليا عبر شركة "أداني إنتربرايزس" (Adani Enterprises).
أدرج "كيه إل بي" الفحم على القائمة السوداء لمحفظته الاستثمارية، لذلك؛ فإنَّ أي تمويل غير مباشر لمشروع "كارمايكل" يمثل "مخالفة لتعهداتنا"، وفقاً لتصريحات كيران أزيز، رئيسة قسم الاستثمار المسؤول في "كيه إل بي"، في مقابلة معها.
تأثير تقرير "هيندنبرغ"
منذ نشرت شركة البيع على المكشوف "هيندنبرغ ريسيرش" (Hindenburg Research) تقريرها الخطير في 24 يناير؛ رد المستثمرون على ادّعاءات الاحتيال والتلاعب بالسوق ببيع أسهم "أداني"، لكنَّ الألم كان أشد بالنسبة للمستثمرين الملتزمين بمعايير البيئة والمجتمع والحوكمة، فقد أدركوا أنَّ أموالهم التي ينفقونها في سبيل الطاقة الخضراء كانت تدعم- بشكل غير مباشر- أشد أنواع الوقود الأحفوري تسبّباً للتلوث.
اقرأ أيضاً: هبوط تاريخي.. كيف تبخرت 58 مليار دولار من ثروة "أداني" في 6 أيام؟
أولف إيرلاندسون، الرئيس التنفيذي، "إيه إف آي آي" (Anthropocene Fixed Income Institute)، والذي ما زال يتابع "أداني غروب" منذ منتصف 2020، قال: "الاستثمارات بقطاعات أخرى في (أداني غروب) تتسرب لتمويل (كارمايكل)،" وأضاف: "على المستثمرين الذين يضعون قيوداً على تمويل المشروعات الناشئة للتنقيب عن الفحم الحراري إعادة التفكير في استثماراتهم المحتملة في كل شركات (أداني غروب)".
وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"؛ يملك أكثر من 500 صندوق مقيّد في الاتحاد الأوروبي، باعتباره "يشجع" أهداف معايير البيئة والمجتمع والحوكمة، أسهماً في شركات أداني سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
علاقات متداخلة
لم يرد أي أحد من المتحدثين الرسميين باسم "أداني" على طلب التعليق، وكرر تكتل الشركات رفضه للمزاعم الواردة في تقرير "هيندنبرغ"، وهدد باتخاذ إجراءات قانونية.
وقال "إيرلاندسون" إنَّ المستثمر في الأسهم الذي يرهن أسهمه باعتبارها تمثل ضماناً لا يقع في إساءة للمساهمين الآخرين، لكنَّ "التركيز الكبير على ملكية الأسهم والعلاقات المتداخلة الأخرى" في مجموعة أداني يمثل طبقة إضافية من المخاطر، كما أنَّ السعر المرتفع لأسهم "أداني غرين" سيرفع قيمة الضمان، مما يخفّض الخطر الائتماني من تمويل "ستيت بنك أوف إنديا" (SBI) لمشروع الفحم، وهو ما سيتجسد حينئذ في قدرة البنك على عرض سعر فائدة أقل لمشروع "كارمايكل".
هبطت أسهم "أداني غرين" نحو 70% هذا العام، كما انخفضت مديونيتها، وصرّحت الشركة في 7 فبراير بأنَّها فازت بدعم من المستثمرين بعد الإعلان عن أنَّ صافي دخل الربع الثالث تجاوز ضعف المحقق العام الماضي، وقال فنيت إس جاين، الرئيس التنفيذي في "أداني غرين"، إنَّ النتائج أثبتت أنَّ الشركة فيها "برنامج متين لإدارة رأس المال مع توافق نسبة المديونية مع نموذج الأعمال".
منجم وتبعات
ظهر في 16 فبراير أنَّ تكتل الشركات يخوض محادثات مع مستثمرين محتملين لجمع 1.5 مليار دولار من بيع سندات "أداني غرين" و"أداني ترانسميشن" و"أداني بورتس" و"سبيشال إيكونوميك زون" (Special Economic Zone)، وفقاً لأشخاص مطّلعين على العملية.
اقرأ أيضاً: "أداني" تستخدم ورقة الاحتياطيات النقدية لتهدئة المستثمرين
كان تقرير "هيندنبرغ" قد كشف أنَّ "شركات (أداني غروب) كلها مرتبطة ومعتمدة على بعضها بشكل معقد وواضح، وكل الشركات المدرجة بالبورصة ليست بمعزل عن شركات المجموعة الأخرى في الأداء أو الفشل".
يقع منجم "كارمايكل" للفحم داخل الحيد المرجاني الأعظم الشهير في كوينزلاند بأستراليا، وأصبح المنجم موضع انتقاد ناشطي المناخ بسبب الدمار البيئي التي تمثله المنشأة، كما يأتي التراجع من البنوك وشركات التأمين والمستثمرين في وسط الانزعاج من الأثر الكربوني للمنجم.
جر الاستثمار "النظيف" إلى الفحم
صنّفت "إم إس سي آي إنك" (MSCI Inc.) "أداني غرين" في المرتبة (أ)، وأدرجت الكيان ضمن العديد من المؤشرات الخاضعة لمعايير البيئة والمجتمع والحوكمة والمناخ، وصرّحت "إس آند بي غلوبال" (S&P Global Inc.) هذا الشهر بأنَّها ستزيل "أداني إنتربرايزس" من مؤشرات "داو جونز" للاستدامة الخاصة بها، كما خفّضت "ساستيناليتيكس" (Sustainalytics) من تصنيف معايير البيئة والمجتمع والحوكمة للعديد من شركات أداني، وقالت "إم إس سي آي" إنَّها ستبدأ بمراجعة الأسهم المدرجة في مؤشرات معايير البيئة والمجتمع والحوكمة بشكل أكثر، في رد على سؤال عن نهجها.
تخلّص "كيه إل بي" النرويجي من مركزه في "أداني غرين" في 30 يناير، بالإضافة إلى شركات أخرى لـ"أداني" استبعدها من مجال استثمارها. جدير بالذكر أنَّ "كيه إل بي" تدير نحو 765 مليار كرونة نرويجي (75 مليار دولار أميركي).
قالت "أزيز" إنَّ "هيكل مؤسسة أداني تسبّب في خطر مرتفع غير مقبول قد يجر الاستثمار (النظيف) إلى التنقيب عن الفحم".
اقرأ أيضاً: كيف سيتمكّن "محتالو مانهاتن" من هدم إمبراطورية أداني؟
أكبر مالك خارجي للأسهم في "أداني غرين" هي "توتال إينرجيز إس إي" (TotalEnergies SE) التي اشترت أسهماً بنسبة 20% في 2021، وأكدت عملاقة الطاقة الفرنسية انسحابها من إنتاج الفحم والتسويق في 2015.
وقد صرّح رئيسها التنفيذي، باتريك بويانيه، في وقت سابق هذا الشهر بأنَّ "أداني غرين" و"أداني توتال غاز"، التي استثمرت "توتال إينرجيز" فيها أيضاً، هما شركتان "ذاتا موقف جيد".
وصرّح متحدث رسمي باسم الشركة أنَّ "أسهم (توتال إنرجيز) التي تملكها في (أداني غرين) لم تُرهن أو تُستخدم بصفتها تمثل ضماناً لأي تمويل أو أي مشروع آخر". وأضاف: "(توتال إنرجيز) لا علاقة لها باستخدام الأسهم التي يملكها مساهمون آخرون في (أداني غرين) باعتبارها ضماناً أو من أجل أغراض أخرى".