هل يمكن لـ"ChatGPT" أن ينافسني في كتابة الروايات؟

روايات الخيال قد تصبح عملاً مشتركاً بين الإنسان والآلة لكن الطريق لا تزال طويلة أمام الذكاء الاصطناعي

time reading iconدقائق القراءة - 6
قليل من القراءة للتسلية - المصدر: بلومبرغ
قليل من القراءة للتسلية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لست عدواً للذكاء الاصطناعي، ولا غريباً على فكرة مشاركة الإنسان والحاسوب في الكتابة، وكتبت من قبل عن الجاذبية التافهة للأفلام التي كتبت نصوصها الشبكات العصبية الاصطناعية. أتذكر أيام الجامعة، حين قدمت مشروعاً دراسياً عبارة عن برنامج حاسوب يولّد ملخصات حلقات مسلسل "ستار تريك"، لكن بصفتي روائياً ناجحاً، فمن الطبيعي أن تشغلني وجهة النظر التي تتوقع أن يحل "تشات جي بي تي" (ChatGPT) وأخواته محل الكتاب البشر، وهذا موضوع الأحاديث المنمقة مؤخراً، بينما تعلن النماذج اللغوية الكبيرة بداية عهد جديد في الذكاء الاصطناعي.

تنبأ كثيرون باقتراب نهاية الرواية، لكن بعد سلسلة من المحادثات مع "تشات جي بي تي"، أظن في هذه المرة أن أصحاب الأصوات الكئيبة قد يكونون على صواب.

حسناً، هم على صواب إلى حد ما.

الروايات مهمة، فقراءة الروايات الجادة- التي تحتوي على قيم تستحق الدراسة- تزيد التعاطف مع تعقيدات النفس البشرية وفهمها، لذلك طالما جادلت بأن الروايات عامل في غاية الأهمية لإنجاح الديمقراطية.

نتائج متفاوتة

إذن، ما درجة مهارة "تشات جي بي تي" في روايات الخيال؟ أجريت عشرات الاختبارات، من بينها الطلب من الروبوت تقليد أسلوب كاتب معروف لابتكار أسلوبه الخاص، وكانت النتائج متفاوتة.

مايكروسوفت تطلق محرك "بينغ" مزوداً بتكنولوجيا "OpenAI"

كانت نتيجة الروبوت شنيعة في تقليد أسلوب أحد روائيي العصور الماضية وأصحاب أعلى المبيعات حالياً، فعلى سبيل المثال، كانت نسخته في تقليد ستيفن كينغ تبدو كغلاف كتاب رديء، حيث كتب: "في أحد الأيام، بدأ وقوع أحداث غريبة في ميلفيلد، بدأ الناس يختفون، وترددت أصداء همسات غريبة في شوارع المدينة ليلاً".

حسناً، لم يتمكن "تشات جي بي تي" من مضاهاة أسلوب كبار الكتاب (بعد)، والأمر نفسه يسري على بقيتنا، لكن عندما نسمح للروبوت باستعراض قوته في التخيل، ستصبح الأمور مثيرة.

قصة رعب

فمثلاً عندما طلبت من البرنامج أن يكتب قصص رعب، أذهلتني النتيجة، فالواضح أن "تشات جي بي تي" قد تعلم تركيبة أساسية مشوقة أو اثنتين، إليكم الفقرة الافتتاحية:

"لطالما كانت سارة عدَّاءة، كانت عضوة بفريق العدو في المرحلة الثانوية والجامعة، بل وحتى الآن، في أواخر عشرينياتها، ما زالت تستمتع بالخروج للركض حول الحي. لكن اليوم، كانت سارة تعدو هرباً من الموت".

ليس سيئاً! رغم أن الرواية لن تنال أي جوائز، أتحدى أي ناشر أو وكيل نشر أن يتجاهل عرضاً بهذه البداية.

"غوغل" تضخ 400 مليون دولار في مطور منافس لـ"تشات جي بي تي"

لكنني أفترض أن القصة التي تحرك الحبكة خيوط أحداثها هي ما نتوقع أن تجيده آلة تتعلم المنطق (Logic Learning Machine)، فالروبوت تدرب على النصوص الموجودة ليتوقع تسلسل خيوط القصة. وكما كتبت غيرترود ستاين كلماتها الشهيرة التي تقول: إننا في الرواية الحقيقية لا نقرأ لنعرف ماذا سيحدث بعد ذلك، لكن هذا بالتحديد هو دافع القراء للقراءة، وإشباع تلك الرغبة هو سبب نجاح روايات الخيال المعاصرة، و"تشات جي بي تي" بدأ فهم سير الأمور، رغم أن نتائجه ما زالت تشوبها العيوب.

العمل المشترك

لا أدعي أن الروبوت جاهز لكتابة رواية متكاملة، فهو يعرف عناصر الرواية الخيالية، لكنه ليس متأكداً من طريقة ترتيبها، فالنهايات التي يكتبها ضعيفة من حيث التجانس، إلا أن هدف باحثي الذكاء الاصطناعي في المدى القريب ليس التأليف، بل تحويل روايات الخيال إلى عمل مشترك بين الإنسان والآلة.

"مايكروسوفت" تتيح خدمات "ChatGPT" في كتابة البريد الإلكتروني

كشف الباحثون في "غوغل" في نوفمبر عن تجارب على "ووردكرافت" (Wordcraft)، وهو روبوت مصمم للمساعدة في الكتابة الإبداعية، شارك فيها مؤلفون معروفون في مجالي الشعر وروايات الخيال، وسُمح للمشاركين أن يطلبوا من "ووردكرافت" نصائح أو اقتراح نص، ورغم أن النصائح كانت مفيدة في أغلب الأوقات، أبلغ المشاركون عن مشكلات كان من بينها قدرة الروبوت على الحفاظ على أسلوب مميز.

ربما بمرور الوقت الكافي وتقديم التدريب المناسب، ستتمكن الآلات من حل هذه المشكلة، و"مايكروسوفت" متيقنة من هذا، فقرار الشركة باستثمار 10 مليارات دولار في "أوبن إيه أي"(OpenAI)- الشركة التي ابتكرت "تشات جي بي تي"- يشير إلى الثقة بأنه مع تعلم الآلة، سيأتي المستقبل المشترك، وبموجب هذه الصفقة، سيُدمج الروبوت لا في محرك بحث "بينغ" (Bing) وحده، بل وبرنامج "أوفيس" (Office) أيضاً، وبذلك سيتمكن الكاتب من أن يطلب من البرنامج استكمال القصة.

اختبار

لاختبار قدرة "تشات جي بي تي" الحالية على مساعدة روائي، أعطيته الأمر التالي:

"إنهِ هذه الفقرة: هلعت عند ما نظرت من النافذة. عثروا عليّ في النهاية، لا مفر".

إليكم الرد:

"رأيت مجموعة من الظلال تقترب من المنزل، وجوههم تخفيها أغطية الرأس والأقنعة. علمت أنهم أتوا ليأخذوني ولن أتمكن من منعهم، شعرت بقلبي ينتفض في صدري وأدركت أن مصيري محسوم، كانت النهاية وشيكة".

رائع، مرة أخرى، فالرد ليس قطعاً نصاً بلا مشاعر، وكذلك كان الأمر -الذي أعطيته للروبوت- وبالطبع كنت سأنجذب لمتابعة القراءة.

خبراء: الذكاء الاصطناعي سيغير شكل العالم في السنوات المقبلة

رغم زيادة العناصر الأدبية، ما زال البرنامج (حتى الآن) ضعيفاً، حين طبت منه وصفاً لـ"غروب جميل"، قدم لي فقرة طويلة معقدة تتضمن تلك الجملة: "منظر يخلب الألباب يتلون فيه المساء بمجموعة متنوعة من الألوان البراقة"، جملة يبدو كاتبها في المرحلة الإعدادية يبذل أقصى ما بوسعه. علاوة على ذلك، خلال تجاربي، أنتج "تشات جي بي تي" عدداً لا يحصى من القلوب المنتفضة والفراش الذي تجتذبه النار والجمل المبتذلة الأخرى التي ينتبه الكتاب الطموحون لتجنبها.

لا أعني أن قدرات "تشات جي بي تي" ومنافسيه لن تتطور وتتحسن، فبالفعل يستوعب الروبوت النصوص الأدبية بما يكفي لكتابة مقال ينجح في اختبار تحديد المستوى المتقدم في اللغة الإنجليزية، وإذا كان يمكنه تحليل الروايات، فلا يوجد ما يمنع فكرة أن يتعلم كتابتها.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

واشنطن

6 دقائق

4°C
مطر خفيف
العظمى / الصغرى /
24.1 كم/س
91%