بلومبرغ
وضع سقف للأسعار على صادرات النفط الخام الروسي، من شأنه أن يضيّق على ميزانية الدخل بالنسبة إلى الرئيس فلاديمير بوتين، رغم أن ذلك لن يجبره على الأرجح على خفض الإنفاق لسنوات بفضل مخزون كبير من الاحتياطي باليوان يعادل نحو 45 مليار دولار.
تراجعت الإيرادات عندما بدأ سريان سقف الأسعار البالغ 60 دولاراً للبرميل من قبل مجموعة السبع الشهر الماضي. جاء ذلك بالتزامن مع زيادات الإنفاق التي أقرها بوتين منذ غزو أوكرانيا ما ساهم في حدوث عجز قياسي في ديسمبر، حيث تم تداول مزيج الأورال الروسي الرائد بنحو 50 دولاراً فقط، أو أقل من العام السابق بنحو الثلث.
مع ذلك، إذا كان متوسط السعر هو نفسه، فإن روسيا لديها ما يكفي لتغطية عجزها للسنوات الثلاث المقبلة، وفقاً لـ"بلومبرغ إيكونوميكس".
يرى "سيتي غروب" أن المخزون قد نفد في غضون عامين ونصف العام، في ظل وجود خام الأورال عند هذا المستوى.
إذا تم تداول خام الأورال في حدود 40 إلى 50 دولاراً، فإن الإيرادات ستنخفض بمقدار 2.5 تريليون روبل (36 مليار دولار) أقل مما حددته الحكومة، مما يعني أن مبيعات اليوان الشهرية يجب أن تكون أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ المتوقع في يناير، وفقاً لناتاليا لافروفا من "بي سي إس فاينانشال غروب" (BCS Financial Group).
الهزة التي مُنيت بها الميزانية سلطت الضوء على آلية مالية اعتُمدت مجدداً هذا الشهر وتشمل مبيعات اليوان من صندوق الثروة الروسي عندما تكون الإيرادات أقل من الهدف الذي حدّدته الحكومة.
سقف أسعار النفط يكلف روسيا 170 مليون دولار يومياً
مصادرة 300 مليار دولار
يُعدّ اليوان العملة الوحيدة المتبقية في الاحتياطيات الروسية التي يمكن استخدامها للتدخل في سوق الصرف الأجنبي بعد مصادرة حيازات بنحو 300 مليار دولار والتي تضمنت الدولارات واليورو بعد بدء الحرب قبل نحو عام.
احتساب المدة التي قد تستمر فيها الاحتياطيات البالغة 310 مليارات يوان (45 مليار دولار) ربما يعطي مؤشراً على الأزمة المالية التي تعاني منها روسيا ويتيح التعرف على مدى قدرتها على تحمل تبعات استمرار الحرب اقتصادياً. على الرغم الضغوط الهائلة، فإن روسيا لن تستهلك كافة احتياطياتها من الأصول باليوان في العام الجاري ما لم ينخفض سعر مزيج الأورال إلى النصف ويبلغ متوسطه 25 دولاراً، وفقاً لـ"بلومبرغ إيكونوميكس".
تشير تقديرات "سيتي غروب" إلى أن الأمر يتطلب أن يصل متوسط السعر عند 35 دولاراً لكي تنفد موارد اليوان المتاحة بالفعل في عام 2023.
تشير السيناريوهات الأخرى بالنسبة إلى خام الأورال إلى أن روسيا يجب أن تتجاوز الضغط على الميزانية لفترة أطول دون خفض الإنفاق. سيسمح سعر النفط فوق 60 دولاراً للحكومة بالبدء في زيادة احتياطياتها من اليوان.
الصين تعزز مشترياتها من درجات النفط الروسي الأقل شيوعاً
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"
"قد لا تريد روسيا خفض احتياطيات اليوان إلى الصفر، مما قد يعني أن مبيعات الصرف الأجنبي ستتباطأ مع تراجع الاحتياطيات. على أي حال، قد تعطي مبيعات الصرف الأجنبي الوقت الكافي للسلطات للتعامل مع مسألة انخفاض عائدات تصدير الطاقة بشكل دائم".
— ألكساندر إيزاكوف، خبير اقتصادي روسي.
قال بوتين إن روسيا لا تفرض حدوداً على الإنفاق العسكري للحرب في أوكرانيا، حيث ارتفعت نفقات الميزانية بنحو الثلث في عام 2022 عما كانت تخطط له قبل غزو أوكرانيا. هذه الاستثناءات ستستمر بالقرب من المستوى نفسه في العام المقبل حتى مع تعرض الإيرادات لضغوط.
ميزانية روسيا لم تعتمد على أسعار النفط المرتفعة منذ نحو عقد من الزمان. كانت بحاجة إلى أن يصل متوسط مزيج الأورال إلى 104 دولارات لضبط موازنتها العام الماضي، على أن تنخفض نقطة التعادل إلى 90 دولاراً في عام 2023 فقط إذا تجنّبت الحكومة زيادات الإنفاق، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس".
رغم أن روسيا تواجه خيارات ضيّقة فيما يتعلق بدعم المالية العامة، إلا أن أسعار النفط وتراجع صندوق الثروة وحدهما لن يحددا خيارات بوتين.
روسيا تضغط على الشركات لدفع أموال أكثر مع تزايد تكاليف الحرب
ضريبة الأرباح المفاجئة تدعم الميزانية
تشمل المقترحات الأخيرة توزيعات أرباح أعلى تقدمها الشركات الحكومية ودفعة لمرة واحدة من قبل منتجي الأسمدة والفحم، إلى جانب خطة لتقليص بعض الإنفاق في القطاعات غير الدفاعية.
ساعدت ضريبة الأرباح المفاجئة التي دفعتها شركة "غازبروم" بالفعل في الحفاظ على فائض في الميزانية أواخر العام الماضي.
بالنسبة إلى العام 2022 بأكمله، بلغ العجز المالي نحو 3.3 تريليون روبل، أو ما يعادل 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي. يتوقع أن يبلغ عجز العام الجاري 2%، استناداً إلى أن سعر النفط يصل إلى 70 دولاراً للبرميل.
تدرس روسيا أيضاً تغييرات في الطريقة التي تحسب بها الضرائب على النفط للحد من انخفاض إيرادات الميزانية.
تُعدّ سوق السندات المحلية وسيلة أخرى متاحة أمام وزارة المالية، التي قامت بمبيعات قياسية للديون أواخر العام الماضي للاعتماد بشكل أقل على صندوق ثروتها.
من العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في ذلك، دفع بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لوضع حد أقصى للسعر أقل حتى من 60 دولاراً حالياً. فقد دفعت الولايات المتحدة حتى الآن في اتجاه الإبقاء على هذا المستوى دون تغيير قبل فرض قيود إضافية على تجارة الوقود الروسي المكرر.
على الرغم من أن الحد الأقصى للسعر أدى إلى تخفيضات قياسية على مزيج تصدير النفط الروسي، مما دفعها إلى التداول عند ما يقرب من نصف سعر خام برنت القياسي الدولي، فقد يكون التأثير مؤقتاً، وفقاً لديمتري بوليفوي، الخبير الاستراتيجي في شركة "لوكو–إنفست" (Locko-Invest) في موسكو.
أضاف: "سيبقى الخصم، لكن من المحتمل أن ينخفض تدريجياً. أُعيد بالفعل توجيه السلاسل اللوجستية العام الماضي وستتغير أكثر هذا العام وسط القيود المفروضة".