بلومبرغ
انخفض التضخم في المملكة المتحدة من أعلى مستوى له في 41 عاماً بشهر نوفمبر، مما يزيد احتمالية انتهاء أسوأ أزمة تكلفة معيشة تعيشها البلاد.
قال مكتب الإحصاءات الوطنية اليوم الأربعاء إنّ أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 10.7% عن العام السابق، منخفضة عن نسبة الارتفاع التي سجلتها في أكتوبر والبالغة 11.1%. وكان الاقتصاديون قد توقعوا تسجيله 10.9%.
ستُرحب الأُسَر اليائسة للإغاثة بهذا التراجع بعد تصاعد فواتير الطاقة والغذاء. ومع ذلك، ليس من المرجح أن يُحدِث ذلك فارقاً لمسار بنك إنجلترا تجاه أسعار الفائدة، إذ يتوقع المسؤولون أن يظل التضخم أعلى من هدف 2% حتى عام 2024 على الرغم من دخول الاقتصاد في حالة ركود.
قال سورين ثيرو، مدير الاقتصاد في معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز: "بينما تشير هذه الأرقام إلى أن التضخم قد بلغ ذروته، فإنه لا يزال بمعدل مرتفع بشكل غير مستقر، وهو ما يؤثر بشكل حقيقي في الأفراد والشركات.. ونظراً إلى أن الضغوط التضخمية تبدو أوسع نطاقاً، فمن المرجح أن تكون وتيرة التيسير بطيئة".
رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"
قال دان هانسون، من "بلومبيرغ إيكونوميكس": "يُعَدّ انخفاض التضخم في نوفمبر بمثابة ارتياح مرحب به لبنك إنجلترا، ومن المحتمل أن يرجح كفة زيادة الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه الأخير لهذا العام. ومع ذلك، مع وجود تضخم في خانة العشرات، فليس هناك مجال للتراجع. ستتواصل معدلات الفائدة في الصعود في 2023، إذ سيتبنى بنك إنجلترا استراتيجية التحركات الأصغر لفترة أطول".
الزيادة التاسعة لسعر الفائدة
قلصت أسواق المال الرهانات على رفع بنك إنجلترا لأسعار الفائدة بما يصل إلى 10 نقاط أساس، لتصل إلى ذروتها عند 4.68% بحلول أغسطس.
من المتوقع أن يقر صانعو السياسة النقدية يوم الخميس الزيادة التاسعة لسعر الفائدة خلال عام في محاولة لمنع ترسخ التضخم، مع الإشارة إلى مزيد من الزيادات في النصف الأول من العام المقبل. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة وبنك إنجلترا وضعا "منع دوامة أسعار الأجور" على رأس جدول الأعمال.
وزير الخزانة جيريمي هانت قال في بيان: "أعلم أن العائلات والشركات تكافح هنا في المملكة المتحدة.. أولويتي القصوى هي خفض التضخم حتى تذهب أجور الناس إلى أبعد من ذلك".
تضخم أكثر ثباتاً
ويعزى انخفاض التضخم إلى حد كبير إلى تكلفة البنزين والسيارات المستعملة، إلى جانب التبغ والملابس وألعاب الكمبيوتر والإقامة في الفنادق.
ارتفعت أسعار الوقود بشكل أبطأ مما كانت عليه قبل عام، وأدى هذا التأثير إلى انخفاض حادّ في وتيرة التضخم السنوي.
صعدت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 16.4%، وهي الأكبر منذ سبتمبر 1977، وتصدر الخبز والحبوب زيادات الفئات بتلك المجموعة.
من جهتها، قالت يائيل سيلفين، كبيرة الاقتصاديين في "كيه بي إم جي" (KPMG): "بينما نتوقع استمرار التضخم في مساره الهبوطي والعودة إلى هدف بنك إنجلترا البالغ 2% في النصف الأول من 2024، هناك مخاطر من أنه قد يثبت أنه أكثر ثباتاً في ظل تمرير التكاليف المرتفعة على نطاق أوسع.. ومع ذلك يمكن أن تشهد البيئة الاقتصادية الأضعف أيضاً عدم بلوغ التضخم هدفه".
وتراجع معدل التضخم الأساسي، الذي لا يشمل أسعار الطاقة والغذاء والكحول والتبغ، إلى 6.3% من 6.5% في أكتوبر.
استقر تضخم الخدمات عند أعلى مستوى له منذ 30 عاماً عند 6.3%. تثير المستويات المرتفعة المخاوف من استمرار التضخم فوق الهدف ما لم يواصل بنك إنجلترا التحرك بقوة لترويض نمو الأسعار.
قال غرانت فيتزنر، كبير الاقتصاديين في مكتب الإحصاء الوطني: "ارتفعت أسعار التبغ والملابس أيضاً، ولكن مرة أخرى أقل مما رأيناه هذا الوقت من العام الماضي.. جرى تعويض هذا جزئياً من خلال الأسعار في المطاعم والمقاهي والحانات التي ارتفعت هذا العام مقارنة بانخفاضها قبل عام".
مقارنة مع التضخم في الولايات المتحدة
تتزايد الأدلة على أن التضخم قد بلغ ذروته في الولايات المتحدة أيضاً، مما أثار الآمال في أن الاحتياطي الفيدرالي سيكون قادراً على وقف دورة رفع أسعار الفائدة قريباً. ارتفعت أسعار المستهلكين في أميركا 7.1% في نوفمبر، وانخفضت في كل من الأشهر الخمسة الماضية.
على النقيض من ذلك، ارتفع معدل التضخم في المملكة المتحدة بشكل أسرع مما كان متوقعاً في معظم العام ونصف العام الماضي، مما أدى إلى زيادة مطالب العمال بأجور أعلى. وتخطط النقابات التي تمثل سائقي القطارات والممرضات ووكلاء الحدود للإضراب من الآن حتى نهاية العام، مما يضغط على حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك لتخفيف القيود على الأجور.
على عكس الولايات المتحدة، إذ تراجعت أسعار البنزين وأصبحت أسواق الطاقة معزولة في الغالب عن الاتجاهات الخارجية، ارتفعت أسعار الطاقة في المملكة المتحدة أكثر من أي وقت مضى هذا العام، بعد أن وقفت روسيا إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
عادةً ما يجري إصدار أسعار المنتجين جنباً إلى جنب مع بيانات مؤشر أسعار المستهلكين. ومع ذلك قرر مكتب الإحصاء الوطني عدم نشرها هذا الشهر بعد اكتشاف مشكلات قيد التحقيق الآن.