أنور إبراهيم يصطدم بعقبة أخيرة قبل الفوز برئاسة وزراء ماليزيا

أصبح زعيم المعارضة المخضرم أنور إبراهيم، الذي اقترب بشكل مثير من قيادة ماليزيا خلال مسيرته السياسية المضطربة، فجأة على وشك حسم الفوز بأعلى منصب، لكن عقبة أخيرة تقف في طريقه.

فاز الائتلاف الإصلاحي بزعامة أنور إبراهيم بـ82 مقعداً بالبرلمان في انتخابات السبت الماضي، وهو أكبر مكسب بين الكتل المتنافسة. وبينما ما يزال بحاجة إلى الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة، فإن الفوز بالمقاعد تلك يضعه في موقع مميز لتشكيل تحالف يقوم بذلك.

فما المنغص الوحيد في ذلك؟ قد يُضطر السياسي البالغ من العمر 75 عاماً إلى إبرام صفقة مثيرة للجدل مع خصمه منذ فترة طويلة.

يخوض أنور ومنافسه الرئيسي سباقاً من أجل الحصول على دعم كافٍ من الأحزاب الأخرى بعد أن أسفرت الانتخابات في نهاية الأسبوع عن برلمان مُعلّق لأول مرة في تاريخ ماليزيا. وفي وقت متأخر من أمس الأحد، زعم كل من أنور ورئيس الوزراء السابق محي الدين ياسين أنهما استمعا لعدد كافٍ من المشرعين لتشكيل حكومة. لكن أمام قادة الحزب مُهلة حتى بعد ظهر يوم الاثنين لإبلاغ ملك البلاد باختيارهما لرئيس الوزراء والتحالفات التي شكّلوها.

ائتلاف "الجبهة الوطنية" (Barisan Nasional)، الموالي للملايو الذي حكم ماليزيا دون أي فترة انقطاع تقريباً منذ الاستقلال في عام 1957، يجد نفسه في وضع غير متوقع كصانع زعماء محتمل بعد أن تسبب الأداء الباهت في إبعاده عن تشكيل حكومة، ولكن مع مقاعد كافية تقلب التوازن لتقرير من يقوم بهذا الدور.

التقى قادة "الجبهة الوطنية" مع ائتلاف أنور إبراهيم يوم الاثنين قبل الساعة الثانية بعد الظهر، وهي المهلة الأخيرة قبل إبلاغ العاهل الماليزي.

انتخابات ماليزيا.. رئيس وزراء سابق وزعيم المعارضة يعلنان الفوز ومهاتير يتلقى هزيمة تاريخية

هل يبعد إبراهيم أعضاء حزبه لإبرام صفقة؟

قد يكون إبرام صفقة مع "الجبهة الوطنية"، التي ينتسب إليها حزب "المنظمة الوطنية الملاوية المتحدة" كمحور رئيسي لها، أمراً صعباً بالنسبة لأنور الذي نصّب نفسه كشخصية إصلاحية للانسجام مع معسكره. في حملة فوضوية طغى عليها الطابع العرقي والديني، كجزء من تقليد طويل لسياسات الهوية في ماليزيا، وجد تحالف أنور إبراهيم متعدد الأعراق "باكاتان هارابان" (Pakatan Harapan) القليل من القواسم المشتركة مع نظرائه الموالين بشدة للملايو.

قال أسرول هادي عبد الله، نائب العضو المنتدب لشركة "بوير غروب آسيا" (BowerGroupAsia) الاستشارية: سيكون الأمر صعباً لأن أنور قد يُبعد أعضاء حزبه. أنور وتحالف "باكاتان هارابان" سيحتاجان إلى اتخاذ قرارات صعبة.

في ثقافة سياسية تهيمن عليها الشخصيات وتحالفات مبنية بشكل غير مُحكم، لا يمكن استبعاد أي احتمال حيث تتجه الأحزاب إلى المقايضة للحصول على الأغلبية. السؤال الآن هو ما إذا كان أنور يستطيع تشكيل تحالف مع حزب "المنظمة الوطنية الملاوية المتحدة" وقادته بالنظر إلى صلاتهم بفضيحة "وان إم دي بي" (1MDB) دون إثارة غضب شركائه في التحالف والناخبين في المناطق الحضرية.

قد يؤدي عدم إبرام صفقة إلى فقدان السياسي المخضرم حلمه الذي طال انتظاره مرة أخرى.

استبعد رئيس الوزراء السابق محي الدين، الذي فاز ائتلافه "بيريكاتان ناسيونال" (Perikatan Nasional) بـ73 مقعداً، بالفعل العمل مع أنور.

أطلق تحالف "باكاتان هارابان" الذي ينتمي إليه أنور حملة لمعالجة ارتفاع تكاليف المعيشة، مستغلاً القلق المتزايد بشأن اقتصاد البلاد الهش بالفعل.

كما التزم التحالف بإجراء إصلاحات رئيسية، بدءاً من إدخال مزيد من الفصل بين السلطات إلى سن تشريعات للتمويل السياسي. واتخذ التحالف موقفاً متشدداً بشأن الفساد، ومارس ضغوطاً من أجل الشفافية المالية بين موظفي الخدمة المدنية.

تعهد محي الدين، الذي قاد ماليزيا خلال جائحة "كوفيد-19"، وائتلافه "بيريكاتان ناسيونال" بإنشاء وحدة لمكافحة الفساد، ولكنهما ركّزا أيضاً على قضايا أخرى، بما في ذلك تمثيل الشباب في الحكومة والوصول الرقمي في المدارس وحوافز أكبر للعاملين.

ماليزيا.. مشاركة قياسية في الانتخابات العامة

تولي أنور إبراهيم رئاسة الوزراء سيشكّل لحظة حاسمة في مسيرته السياسية التي استمرت لعقود. فقد كان على وشك تولي منصب رئيس الوزراء من مهاتير محمد بعد أن تحالف الاثنان معاً للفوز في انتخابات 2018، والإطاحة بـ"الجبهة الوطنية" بعد ستة عقود في السلطة. ومع ذلك، أرجأ مهاتير مراراً تسليم السلطة، ما تسبب في انقسامات داخل الكتلة الحاكمة وأدى في النهاية إلى انهيارها.

كان أنور إبراهيم يعتبر أيضاً على وشك خلافة مهاتير في التسعينيات من القرن الماضي قبل أن تتم الإطاحة به في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية، وبعد ذلك أمضى ست سنوات في السجن بتهمة إساءة استخدام السلطة والمثلية، حيث تعد التهمة الثانية مُجرّمة في الإسلام إلى حد كبير.

دعا أنور إبراهيم، مساء الأحد، أنصاره إلى التحلي بالصبر، قائلاً إن لديه العدد الكافي لتشكيل الحكومة، لكنه رفض الكشف عن الأحزاب التي ستكون جزءاً من التحالف.

وصرح لمحطة تلفزيون محلية، قائلاً: "أنا سعيد لأننا توصلنا إلى تسوية فعلية".

فرص الاتفاق مع الخصوم

دعا حزب "المنظمة الوطنية الملاوية المتحدة" الشهر الماضي إلى إجراء انتخابات مبكرة، في محاولة لترسيخ السلطة والارتقاء فوق عدد كبير من تهم الكسب غير المشروع. يواجه زعيم المنظمة أحمد زاهد حميدي عدة تهم بالفساد أمام المحكمة بينما يقبع رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق في السجن لمدة 12 عاماً هذا العام لدوره في فضيحة "وان إم دي بي".

ماليزيا.. أنور إبراهيم يعلن بدء محادثات لتشكيل الحكومة

أبدى أنور ورئيس الوزراء المنتهية ولايته إسماعيل صبري يعقوب استعدادهما لتنحية خلافاتهما جانباً في الماضي، حيث كانا قد وقّعا اتفاق ثقة وتوريد غير مسبوق في العام الماضي استهدف تحقيق قدر من الاستقرار في سياسات البلاد. كما تم تمرير إصلاحات تشريعية لوقف التنقل الحزبي بين المشرعين بدعم من الحزبين.

السؤال الآن هو ما إذا كان أنور يستطيع أن يخطو خطوة أخرى إلى الأمام ويوافق على تشكيل حكومة مع خصومه القُدامى. كما أنه من غير الواضح ما إذا كان حزب "الجبهة الوطنية" سيقبل عقد صفقة معه.

قال أوانغ أزمان أوانغ باوي، الأستاذ المشارك بأكاديمية دراسات المالايو في جامعة "مالايا": "هناك مجموعات تعارض التعاون مع أنور. الأمر معقد للغاية".

من جانبها، قالت بريدجيت ويلش، الباحثة الفخرية المشاركة في معهد أبحاث نوتنغهام آسيا في ماليزيا، إنه في حين أن التحالف بين المجموعتين المؤيدتين للملايو قد يبدو أكثر ملاءمة، فإن الانقسامات بينهما قد يكون من الصعب التغلب عليها، مضيفة: "تضررت هذه العلاقات بشدة". وأنور يسلك "طريقه الخاص".