بلومبرغ
قررت "بينانس" أكبر بورصة للعملات المشفرة عدم المضي قدماً في عرضها للاستحواذ على منافستها "إف تي إكس"، ما يترك مصير الأخيرة للمجهول.
قالت "بينانس" في بيان إن قرارها جاء بعد تفحّص للشركة، بالإضافة إلى أحدث التقارير الإخبارية المتعلقة بأموال العملاء التي أسيء التعامل معها وتحقيقات السلطات الأميركية حول ممارسات الشركة، ولذلك "قررنا أننا لن نمضي قدماً في الاستحواذ المحتمل على FTX.com".
أضافت "بينانس": "في البداية، كان أملنا أن نكون قادرين على دعم عملاء FTX لتوفير السيولة، لكن المشكلات خارجة عن إرادتنا أو قدرتنا على المساعدة".
تفاقمت موجة الهبوط في سوق العملات المشفرة، مع انهيار بتكوين إلى أدنى مستوياتها في عامين، بعد أنباء انسحاب منصة "بينانس" من خطة الاستحواذ على "إف تي إكس دوت كوم.
انخفضت قيمة "بتكوين"، أكبر العملات الرقمية من حيث القيمة السوقية، بنسبة بلغت 14% إلى 16109 دولارات يوم الأربعاء، أو أدنى مستوى لها منذ نوفمبر 2020، ما أدى إلى زيادة نسبة هبوطها على مدى الأسبوع الحالي إلى ما يزيد على 20%. وقد بلغت العملة المشفرة رقماً قياسياً مرتفعاً عندما سجلت 69000 دولار تقريباً منذ عام مضى. وكذلك شملت موجة الهبوط جميع العملات الرقمية الأخرى تقريباً وعلى رأسها إيثر وسولانا وبولكادوت وأفالانش.
انهيار منصة "إف تي إكس"
انهارت عملة "إف تي تي"، وهي العملة الرئيسية في بورصة "إفي تي إكس" بما يتجاوز 40%، بعد هبوطها بما يتجاوز 70% يوم الثلاثاء الماضي.
قال إيلان سولوت، الرئيس المشارك للأصول الرقمية في شركة "ماريكس سولوشنز": "وصلت السوق حاليا إلى حالة من الرعب الكامل. ويترقب الجميع إذا كانت هناك انهيارات أخرى بتأثير الدومينو، وما يجب تصفيته من رموز أخرى".
وكان الرئيس التنفيذي لمنصة "بينانس" تشانغبنغ جاو (CZ) قد فاجأ سوق الرموز المشفرة يوم الثلاثاء بإعلان أن شركته تتجه إلى الاستحواذ على "إف تي إكس دوت كوم"، التي تعاني من أزمة سيولة بعد إعلان جاو عن بيع ما قيمته 530 مليون دولار من حيازته من عملة "إف تي إكس" الرئيسية.
يشعر المستثمرون بقلق بالغ من انتشار العدوى في ضوء الدور المحوري الذي لعبته منصة "إف تي إكس" ومؤسسها المشارك سام بانكمان-فريد في قطاع التشفير.
قال دان ليباو، مدير صندوق التحوط بالعملات المشفرة لدى شركة "موديولار أسيت مانجمنت" (Modular Asset Management) لإدارة الأصول: "منذ أن دخلت قطاع الرموز المشفرة في عام 2016، لم تتعرض البنية الأساسية لهذه السوق والمشاركين فيها لفترات تختبرها مثلما فعلت الساعات الأربع والعشرون الماضية".
بتكوين تتدهور أسرع
نويل أشيسون، مؤلفة النشرة الإخبارية "كريبتو إز ماكرو ناو" (Crypto is Macro Now)، أوضحت أن بتكوين، التي تتماسك عادة ويكون أداؤها أفضل من الرموز الأخرى في فترات الأزمة، تشهد حالياً تدهوراً بمعدلات أكبر من بعض العملات البديلة الأخرى. وربما أن ذلك يشير إلى تدخل مؤسسات الاستثمار للإنقاذ "نتيجة لهذه الدراما".
وقالت أشيسون في مقابلة: "إنها علامة على أن ما يحدث هو ضربة للثقة في هذا القطاع في مجمله، من وجهة نظر المستثمر. أما من وجهة نظر الصناعة، فما يحدث هو أيضاً ضربة سريعة وخاطفة، أسرع كثيراً مما شهدنا في صندوق (ثري أروز كابيتال) وانفجار عملة (تيرا). فهذه الضربة أعنف".
شعور الرعب الذي انتشر بين مختلف عملاء بورصة الرموز المشفرة "إف تي إكس دوت كوم" بلغ من الكثافة والتركيز أنهم سحبوا ما قيمته 430 مليون دولار من بتكوين في غضون أربعة أيام فقط. وكشفت بيانات منصة "كريبتو كوانت" أن "إف تي إكس" شهدت تدفق ما يزيد على 20 ألف وحدة من بتكوين إليها يوم الأحد. وقد انخفض هذا الرقم إلى ما يقرب من صفر بحلول يوم الأربعاء بعد أن أدت المخاوف المتعلقة بسلامة المركز المالي لمنصة "إف تي إكس دوت كوم" إلى هروب العملاء.
معركة مريرة
وتكشف أرقام "كوين جيكو" أن عملة "إف تي تي"، العملة الرئيسية التي تقوم عليها بورصة "إف تي إكس"، انهارت بنسبة تجاوزت 75% في الساعات الأربع والعشرين الماضية وجرى تداولها على نحو 4.20 دولار للوحدة.
عرض شركة "بينانس هولدينغز" التابع لجاو جاء بعد معركة مريرة مع بانكمان-فريد تسربت إلى العلن. فقد عمل جاو بنشاط على تقويض الثقة في المركز المالي لمنصة "إف تي إكس"، ما ساهم في إطلاق موجة تخارج للعملاء من البورصة التي يمتد عمرها ثلاثة أعوام.
قبل يوم واحد من الوصول إلى اتفاق، أعلن بانكمان-فريد على "تويتر" أن أصول شركة "إف تي إكس" في وضع "جيد".
أسعار عملة "سولانا" الرقمية، وهي العملة الأساسية لسلسلة الكتل "سولانا" –التي ترتبط مع كل من بورصة "إف تي إكس" ومنصة تداول الرموز المشفرة التابعة لبانكمان-فريد "ألاميدا رسيرش"– سجلت هبوطاً درامياً إلى جانب رموز أخرى تستند على مشروعات "سولانا". وهبطت عملة "سولانا" بنسبة وصلت إلى 46% يوم الأربعاء، لترتفع خسائرها هذا العام إلى 90%.
محنة "إف تي إكس" –"بينانس" استدعت عند بعض المتعاملين بعض المشاكل التي عانت منها منصة التمويل غير المركزي "سيلزيوس" –منصة الإقراض للعملات المشفرة التي أفلست في وقت سابق من العام الحالي– وكذلك بعض المشكلات التي شهدتها شركات أخرى التي اجتاحتها الأزمة في قطاع الأصول الرقمية خلال السنة الحالية.