بلومبرغ
تراجعت سندات الخزانة الأميركية اليوم الجمعة، ما أدى إلى ارتفاع عائدات معظم السندات القياسية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2007، حيث أشار مسؤولو السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي إلى عزمهم على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة إلى أن يصبح التضخم تحت السيطرة.
تجاوز العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 5 سنوات، مستوى 4.5% للمرة الأولى منذ عام 2007، فيما قفز عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.34%. وقد انسحب هذا الأمر على الأسواق العالمية الأخرى، حيث تراجعت السندات الألمانية ليتجاوز عائد السندات لأجل 10 سنوات مستوى 2.5%، للمرة الأولى من عام 2011.
مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي يتطلعون لرفع الفائدة إلى مستويات أعلى مما هو متوقع
قال محللون استراتيجيون في مصرف "سوسيتيه جنرال"، من بينهم نينون باتشيت: "لا يزال هاجس التضخم العالمي يثير المخاوف في أسواق السندات.. هناك تحركات إضافية كبيرة على البنوك المركزية القيام بها في عملية تشديد سياساتها النقدية، ولذلك لا يزال هناك تركيز على المدى القصير".
رفع الفائدة في 2023 ينذر بتمديد أسوأ خسائر للسندات منذ عقود
خلال الفترة الصباحية من يوم الجمعة في الولايات المتحدة، تخلت عائدات سندات الخزانة الأميركية لآجال تتراوح من سنتين إلى خمس سنوات، عن أعلى مستوياتها خلال الجلسة، بعد أن ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي من المرجح أن يناقشوا في اجتماعهم الشهر المقبل، ما إذا كانوا سيشيرون إلى احتمال زيادة أقل في أسعار الفائدة خلال ديسمبر. وقد تراجع العائد على السندات لأجل 5 سنوات إلى مستوى 4.38%.
ضغوط مستمرة
يضع التحول الجماعي لدى البنوك المركزية من التحفيز إلى التشديد، ضغوطاً على الحكومات والاقتصادات في كل أنحاء العالم. وقد ساعدت عوائد سندات الخزانة المرتفعة أيضاً في تعزيز قوة الدولار، ما دفع بالعملات الأخرى مثل الين، إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار، هي الأدنى في أكثر من 30 عاماً.
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، باتريك هاركر، يوم الخميس، إن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من المرجح أن يرفعوا أسعار الفائدة إلى "أعلى بكثير" من 4% هذا العام، ويبقونها عند مستويات تقييدية لمكافحة التضخم.
تضع عمليات البيع سندات الخزانة في مسارها نحو تسجيل خسائر على مدى 12 أسبوعاً متتالية، وهي أطول فترة منذ عام 1984، عندما كان رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك، بول فولكر، ينفذ سلسلة من الارتفاعات السريعة لأسعار الفائدة. وهذه صورة مماثلة للسندات الألمانية، التي تتجه لتسجيل سلسلة خسائر قياسية على مدى 12 أسبوعاً أيضاً.
سعّر المتعاملون هذا الأسبوع المقايضات في أعلى ذروة حتى الآن بالنسبة إلى معدل فائدة التمويل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهم يتوقعون أن يصل إلى 5% في النصف الأول من عام 2023.
عقود المقايضة
تجاوز مؤشر عقود المقايضة لليلة واحدة في مارس ومايو 2023 أمس الخميس، 5% في جلسة نيويورك، واستمر التذبذب حول هذا المستوى اليوم الجمعة، قبل أن يتراجع إلى حوالي 4.85% بعد تقرير "وول ستريت جورنال". كان كلاهما أقل من 4.70% حتى 13 أكتوبر، قبل أن يتجاوز تضخم المستهلك الأميركي التقديرات.
قال وزير الخزانة الأميركي الأسبق، لورانس سامرز، على موقع "تويتر" الخميس، معلقاً على معدل 5%: "هذا حدث هام". ومن المرجح أن يرتفع سعر الفائدة النهائي الضمني في السوق "أكثر من غيره".
أدت التوقعات بتشديد السياسة النقدية أيضاً إلى ارتفاع العائد على سندات الخزانة المحمية من التضخم لأجل 10 سنوات بمقدار 9 نقاط أساس إلى 1.82%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2009. يرتفع العائد على سندات الخزانة المحمية من التضخم بفضل تقييمات الأسهم المنخفضة، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض أرباح الشركات.
منطقة اليورو
كما قام المتداولون بزيادة مراهناتهم على رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة، حيث رأوا أن هناك احتمالاً يزيد على 90٪ لأن يرفع البنك الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في قراره بشأن السياسة النقدية الأسبوع المقبل. وتتوقع أسواق المال أن يرتفع سعر الفائدة الأساسي إلى 3.25% بحلول الصيف المقبل، ما يؤدي إلى ارتفاع عائدات السندات في منطقة اليورو.
ارتفعت عائدات السندات الألمانية مرة أخرى، بعد أن وافق المجلس الأدنى في البرلمان على خطة لاقتراض ما يصل إلى 200 مليار يورو (195 مليار دولار) لمعالجة أزمة الطاقة، بالإضافة إلى طلب تعليق العمل هذا العام بالحد الدستوري للديون الصافية. يستعد المتداولون لموجة من إصدارات الديون في أنحاء أوروبا، حيث تتهيأ السوق لاستيعاب المزيد مع انتهاء عمليات الشراء المباشرة للسندات من قبل البنك المركزي الأوروبي.
أستراليا واليابان
هذه التحركات شهدتها أسواق السندات في أنحاء العالم. فقد ارتفع العائد على سندات الدين الأسترالية لأجل ثلاث سنوات اليوم الجمعة، 15 نقطة أساس إلى 3.78%، مسجلاً أعلى مستوى له في 10 سنوات. أما في اليابان، فقد اضطر البنك المركزي إلى التدخل لليوم الثاني، في محاولة لإبقاء عائد السندات لأجل 10 سنوات عند سقف 0.25%.
يُذكر أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة خمس مرات منذ مارس، فيما تتوقع السوق الزيادة الرابعة على التوالي بمقدار ثلاثة أرباع النقطة، في اجتماعه المقبل في نوفمبر.