الشرق
يُرجَّح أن تؤدي مبادرة إعفاء سيارات المغتربين من الجمارك والضرائب لاستيراد أكثر من 500 ألف سيارة إلى مصر، وأن تفوق حصيلتها من العملة الصعبة ما يعادل 50 مليار جنيه (حوالي 2.5 مليار دولار)، بحسب تقديرات أوّلية أفصح عنها وزير المالية لـ"الشرق".
في مقابلة على هامش اجتماع البنك الدولي وصندوق النقد في واشنطن، كشف الوزير محمد معيط للإعلامي محمد فتحي أن الخزانة المصرية ضحّت بإيرادات ضريبية تبلغ 20 إلى 25 مليار جنيه على الأقل لتحقيق هذه المبادرة، التي تهدف لتعظيم موارد العملة الأجنبية للبلاد.
أصدرت الحكومة المصرية، الأربعاء، قراراً طال انتظاره من قِبل ملايين المغتربين، يتمثل بإعفاء سيارات المقيمين في الخارج من كافة الضرائب والجمارك، مقابل تحويل مبلغ نقدي بالعملة الأجنبية يوازي قيمة هذه الرسوم لصالح وزارة المالية. على أن يسترد صاحب السيارة المبلغ بعد 5 سنوات من تاريخ السداد بالعملة المحلية بسعر الصرف المُعلن وقت الاسترداد.
معيط برّر تحديد مدّة المبادرة بأربعة شهور فقط، بأن "مصر لديها خطة لتعزيز صناعة السيارات المحلية، ونحن كخزانة عامة نرصد حوالي 3 مليارات جنيه سنوياً لهذا الهدف، وبالتالي لا نريد لهذا الإجراء الاستثنائي أن يؤثر على سير خطتنا. كما أن مدّة 4 شهور أكثر من كافية لمن يرغب بالاستفادة من المبادرة".
وزير المالية لفت إلى أنه منذ إطلاق عملية إعفاء سيارة المغترب من الجمارك والضرائب؛ "ونحن نلحظ تجاوباً واهتماماً كبيرين، لاسيما من قِبل المصريين المقيمين في دول الخليج العربي البالغ عددهم أكثر من 3.5 مليون". منوّهاً بأن "بعض السيارات من الشريحة العليا تصل قيمة الرسوم عليها لأكثر من 3 ملايين جنيه، وبالتالي فإن الكثير يتطلّعون للاستفادة من هذه المبادرة".
معيط أكّد أن لا قيود إطلاقاً على سحب الوديعة المرتبطة بهذه المبادرة عند استحقاقها بعد 5 سنوات؛ "فهي بمثابة سند من الخزانة المصرية ونحن ضامنون لها بالكامل".
قرض صندوق النقد
فيما يتعلّق بسير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل، أشار وزير المالية المصري إلى أن "كافة النقاط والعناصر تمّ حلّها، وسيُنجز الاتفاق سريعاً جداً". ولاحقاً أفصح معيط في تصريحات صحفية أن مصر أنهت الاتفاق مع صندوق النقد على مستوى الخبراء على مكوّنات برنامجها.
كان صندوق النقد الدولي أوضح في بيان، صادر فجر اليوم، أنه جرى الاتفاق مع المسؤولين المصريين "على إتمام العمل للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء قريباً جداً".
البيان لم يتطرق إلى قيمة التمويل الذي طلبته مصر، أو الموعد النهائي لإتاحة القرض الجديد، واكتفى المتحدث الرسمي باسم الصندوق جيري رايس بالقول إن خبراء "النقد الدولي" أجروا مناقشات "مثمرة للغاية" مع المسؤولين على هامش الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد "وأحرزوا تقدّماً كبيراً" فيما يتعلق بكافة السياسات.
وزير المالية المصري أفصح لـ"الشرق" أن وكالات التصنيف الائتماني التي التقى بها في واشنطن تَعتبر أن "مصر أكلت الصدمة وخلاص.. فالفترة الماضية كانت عنق الزجاجة".
بدأت مصر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي في مارس للحصول على دعم مالي. وفي حين تشير تقديرات المسؤولين المحليين إلى أن حجم برنامج التمويل قد يتراوح ما بين 3 إلى 5 مليارات دولار، أشارت بنوك عالمية، منها "مورغان ستانلي"، إلى أنَّ هذا المبلغ أقل بكثير من تقديراتها بوجود فجوة تمويلية محتملة في مصر تفوق 15 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
في وقتٍ لاحقٍ، اليوم الأحد، أعلنت وزراة المالية والبنك المركزي، في بيانٍ مشترك مع نهاية زيارة الوفد المصري إلى واشنطن، عن نجاح الاجتماعات الفنية مع خبراء صندوق النقد الدولي، ما أسفر عن اتفاق كامل حول السياسات والإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الجديد، الذي سيكون مدعوماً من الصندوق، ويتضمن ثلاثة محاور رئيسية، تتمثل فى الإصلاحات والتدابير الخاصة بالسياسة المالية، والسياسة النقدية، والإصلاحات الهيكلية لاقتصاد البلاد.
البيان أكّد أن الجانبان يستهدفان الإعلان عن الاتفاق النهائى الخاص بالبرنامج الجديد في القاهرة بالقريب العاجل.
أبرز ما جاء في مقابلة وزير المالية المصري محمد معيط مع "الشرق":
- خروج 22 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية شكّل ضغطاً كبيراً.
- فاتورة واردات البترول والغذاء ارتفعت من 6 إلى 9 مليارات دولار.
- لدينا خطة للفترة المقبلة لتنمية مواردنا من النقد الأجنبي تتضمن مبادرات مماثلة لإعفاء سيارة المغترب من الضرائب.
- كلامنا كان واضحاً مع صندوق النقد الدولي بأننا لن نقبل أي اتفاق يمس المواطن المصري.
- الصندوق حريص على مرونة سعر الجنيه لما له من تأثير على ثقة المستثمرين.
- نتوقّع أن ينمو اقتصاد مصر 5% في 2023.
- بما يتعلّق بتخفيض صندوق النقد الدولي لتوقعاته بشأن نمو اقتصاد البلاد العام المقبل، فالتجارب خلال السنوات الأخيرة تثبت أننا نحقق دائماً نمواً يفوق تقديرات الصندوق.
- المستثمرون الأجانب يطالبون بحوافز أكثر، وبيروقراطية أقل، وبوضوح الرؤية حول الأنشطة التي ستبقى فيها الدولة وتلك التي ستتخارج منها.
- نضع اللمسات الأخيرة على وثيقة سياسة ملكية الدولة قبل إعلانها.