الشرق
لجأ بنكا "مصر" و"الأهلي المصري"، أكبر مصرفين حكوميين، إلى طرح شهادات استثمار دولارية جديدة بفائدة مرتفعة تتجاوز 5% في محاولةٍ لجذب العملة الصعبة التي تعاني السوق المصرية من شحّها، بعد أن هجر المستثمرون الأجانب أدوات الدين الحكومية عقب الأزمة الروسية-الأوكرانية.
البنكان اللذان يُعدّان ذراعي البنك المركزي المصري لتحريك القطاع المصرفي في البلاد، أصدر كلٌّ منهما شهادة لمدة 3 سنوات بعائد سنوي 5.3% من عائد سابق 2.25%، وأخرى لمدة 5 سنوات بعائد سنوي 5.15%. في حين انفرد البنك الأهلي المصري بإصدار شهادة لمدة 7 سنوات بعائد 5.05%. وتؤشر نسب العوائد إلى أنَّ البنوك المصرية ترجّح تحسن الوضع الدولاري على المدى الطويل وليس القريب.
بدوره، قال مسؤول في بنك القاهرة، ثالث أكبر بنك حكومي في مصر، بـ"الشرق"، رافضاً الإفصاح عن اسمه كون الموضوع قيد المناقشات الداخلية، إن "بنك القاهرة يدرس حالياً رفع العائد على الشهادات الدولارية، لكن القرار ليس نهائياً بعد".
آلن سانديب، رئيس البحوث في "نعيم" المصرية، يرى أنَّ الهدف من الشهادات الجديدة هو "جذب المزيد من الدولارات إلى البنوك من أجل تحسين صافي الأصول الأجنبية لديها".
تفاقم عجز صافي الأصول الأجنبية المصرية بنحو 5% في أغسطس، على أساسٍ شهري، ليبلغ سالب 385.8 مليار جنيه (19.6 مليار دولار على أساس سعر صرف 19.69 جنيه)، بحسب أحدث بيانات للبنك المركزي المصري.
كان صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي بدأ في التراجع منذ أكتوبر 2021، ثم تحوّل إلى قيمة سالبة، أي إنَّ التزاماته أكبر من أصوله بالعملة الأجنبية، بدايةً من شهر فبراير الماضي، بالتزامن مع الحرب الروسية- الأوكرانية.
يشهد اقتصاد مصر منذ بداية العام جملة تحدّيات، وهي ممتدّة من تداعيات جائحة كورونا، وفاقمتها الأزمة الروسية الأوكرانية، وتتجلى بقفزة التضخم لمستويات قياسية، وتراجع احتياطي النقد الأجنبي، وتخارج معظم أموال الصناديق الدولية من سوق الأوراق المالية المحلية، وهو ما رفع منسوب الحاجة لوجود مخزون قوي من العملة الأجنبية.
الأصول الأجنبية
منصف مرسي، الرئيس المشارك لقسم البحوث في "سي آي كابيتال"، يقول إنَّ "رفع الفائدة على الشهادات الدولارية بهذا الشكل مرتبط بتدبير احتياجات كل بنك من العملة الاجنبية، علماً أنَّ هذه الأموال يجب أن توظف فى قروض للعملاء بالعملة الاجنبية، بحيث لا يحدث عدم تطابق بشكل كبير ما بين الأصول والخصوم المقوّمة بالعملة الاجنبية".
وسط نقص المعروض من الدولار الأميركي، ضاعف عدد من البنوك المصرية رسوم استخدام بطاقات الدفع والائتمان في الخارج من 3% إلى 6%، فيما لجأت بنوك أخرى إلى تقييد سقف السحب في الخارج بقيم محددة، تزامناً مع نقص واضح في العملة الصعبة.
سجل متوسط سعر العملة المصرية أدنى مستوياته على الإطلاق ليصل إلى 19.69 جنيه مقابل الدولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري اليوم الأحد، وسط زيادة الطلب على العملة الصعبة، وتأخر الحكومة في إبرام اتفاقية تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولي.
الجنيه المصري
قبل اليوم، كان أدنى متوسط لسعر الجنيه المصري مقابل الدولار تمّ تسجيله في ديسمبر 2016 عندما بلغ 19.52 جنيه. وهبطت قيمة العملة المحلية بنحو 25% منذ مارس، بعدما سمح المركزي بتحريك سعر الصرف لأول مرة منذ 2016، في الوقت الذي رفع فيه أسعار الفائدة بنحو 300 نقطة أساس، في محاولةٍ منه لامتصاص الموجات التضخمية الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية واضطرابات سلاسل الإمداد العالمي بشكلٍ أساسي.
يخطط البنك المركزي المصري للسماح بإطلاق مشتقات جديدة للعملة، من أجل إطلاق العنان للسيولة في السوق المحلية، وإتاحة الأدوات للتحوط ضد المخاطر التي يتعرض لها الجنيه بعد أن هبط إلى مستوى قياسي.
بموجب الخطة؛ ستوفر البنوك المحلية عقوداً محلية (للجنيه) تتم تسويتها نقداً، تسمى "NDF"، فضلاً عن خيارات تسمح للشركات والمستثمرين لأول مرة بالمراهنة أو التحوط ضد التقلبات في العملة المصرية، وفقاً لأشخاص على دراية مباشرة بالموضوع.