يجتمع منتجو النفط لتحالف "أوبك+" يوم الأربعاء لتحديد أهداف الإنتاج لشهر نوفمبر. وفي ظل تداول خام برنت عند 85 دولاراً للبرميل، يُتوقّع أن توافق المجموعة على خفض الإنتاج للمرة الثانية على التوالي. ولكن حتى التخفيض الكبير لأهداف الإنتاج قد يكون له تأثير ضئيل على الإمدادات الفعلية، ما لم يوافق التحالف على إعادة توزيع أهداف الإنتاج، أو أن تتدخل السعودية للتحرك بمفردها.
كان التحالف قد عقد اجتماعاً افتراضياً في أوائل سبتمبر، واتفقت الدول الأعضاء على خفض رمزي قدره 100 ألف برميل يومياً لأهداف الإنتاج لشهر أكتوبر. أما هذه المرة، فمن المرجح أن يكون التقليص أكبر بكثير، حيث يقدّر بعض المحللين أن الخفض قد يصل إلى مليون برميل يومياً، على الرغم من أن نصف هذا الحجم يُعدّ الأكثر توقعاً على نطاق واسع. وقد اتخذت المجموعة أيضاً قراراً في اللحظة الأخيرة بالاجتماع بالحضور الشخصي لأول مرة منذ مارس 2020. قد يشير ذلك إلى أن التحالف سيحاول القيام بشيء أكثر أهمية من تطبيق خفض تناسبي على الأهداف الحالية، ولابد عليه بالتأكيد القيام بذلك.
اقرأ أيضاً: بلومبرغ: "أوبك+" سينظر خفض إنتاج النفط بأكثر من مليون برميل
المصداقية
لا يمكن لـ"أوبك+" إبقاء الأمور كما هي والاحتفاظ بالمصداقية. فقد أصبحت الكمية التي تضخّها المجموعة وهدفها النظري منفصلين بشكل متزايد عن بعضهما البعض على مدار العام، مع تأخر الإنتاج عن الحجم المخطط له بأكثر من 3.5 مليون برميل يومياً في أغسطس، وفقاً للأرقام التي جمعتها "بلومبرغ".
هذه الفجوة الكبيرة ستضعف تأثيرات أي خفض يتم تحديده يوم الأربعاء، ما لم يتمكن أعضاء التحالف من الموافقة على إعادة توزيع الأهداف فيما بينهم ليعكس عدم قدرة معظم الأعضاء على الضخ بالقدر المسموح لهم به.
حتى خفض الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً، بشكل متناسب بين الأعضاء، سيتطلب قيام ست دول فقط بإجراء تخفيضات فعلية. تضخ بقية الدول حتى الآن أقل من أهدافها الفردية بحيث لن يكون للتخفيض أي تأثير. سيكون للخفض المتبقي 337 ألف برميل فقط في اليوم، وهذا بافتراض، ربما بشكل متفائل، أن الدول الست جميعها ملتزمة بالخطة.
وفي حال الخفض بمقدار 500 ألف برميل يومياً، سيعني ذلك أن تضخ خمسة دول فقط كميات أقل، وسيؤدي إلى انكماش في الإمداد الفعلي يبلغ 126 ألف برميل فقط يومياً.
عقوبات الاتحاد الأوروبي
سيحدث أي خفض يتم إقراره قبل شهر من دخول عقوبات الاتحاد الأوروبي على صادرات الخام الروسية حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر المقبل، مما يعقّد التوقعات. وتُعدّ روسيا عضواً قوياً وقيِّماً في "أوبك+"، لذلك على الرغم من الدور المُعلن للمجموعة في موازنة العرض والطلب على النفط، لا تتوقع من الأعضاء الآخرين التكاتف وتعويض أي نقص في توفر الإمدادات عالمياً بسبب الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي.
يبلغ حجم شحنات النفط الخام المنقولة بحراً إلى أوروبا من روسيا حالياً نحو 820 ألف برميل يومياً، لكن العقوبات قد تضرّ بتدفقات أوسع، حيث يستعد الاتحاد الأوروبي أيضاً لحظر توفير التأمين والخدمات الأخرى لناقلات النفط التي تحمل الخام الروسي، بغض النظر عن وجهتها.
أساس مقبول
كان تحديد خطوط الأساس المقبولة لتخفيضات الإنتاج في أبريل 2020، عندما اتُّفق على الترتيب الحالي، أمراً صعباً بدرجة كافية. وفي ذلك الوقت، كان النفط الخام يُتداول بأقل من 35 دولاراً للبرميل في مسار هبوطي، وهو ضمان لتركيز الاهتمام. ومع تداول خام برنت عند 85 دولاراً، لن يشعر العديد من المنتجين بالتهديد الوجودي نفسه الذي شعروا به عندما تفشت جائحة "كوفيد-19". كما أن التخلي عن حصة سوقية، حتى لو كانت حصة نظرية فقط، لن يكون أمراً شائعاً أبداً.
لكن هذا ليس مستحيلاً. فقد أظهر تحالف"أوبك+" تماسكاً ملحوظاً على مدار العامين ونصف العام الماضيين. ولن أقلّل من قدرة المملكة العربية السعودية على التأثير على بقية دول المجموعة لتصور الأمور من منظورها.
وإذا لم تتمكن من ذلك، يمكن للمملكة دائماً إجراء تخفيضات إضافية طوعية أخرى. وفي ظل وصول الإنتاج حالياً إلى نحو 11 مليون برميل يومياً، يمكن للمملكة بالتأكيد أن تتحمل خفض الإنتاج، وقد تستفيد بعض بنيتها التحتية النفطية.
من الواضح أن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان يستمتع بالمفاجآت غير المتوقعة، خاصة عندما يصممون على إرباك التجار الذين يبيعون النفط. وحقيقة أن الوزراء وافقوا على الاجتماع بالحضور الشخصي توحي بأن شيئاً أكثر أهمية من التخفيض التناسبي في أهداف الإنتاج سوف يكون محل نقاش.