بلومبرغ
بعد شكوى إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، من الارتفاع الجنوني في أسعار الليثيوم، وهو معدن واسع الانتشار يُستخدم في صنع بطاريات السيارات الكهربائية، وبعدما دفعت السلطات في الصين الأطراف الرئيسية في الصناعة إلى التحرك خلال مارس الماضي، تراجعت أسعار المعدن لفترة وجيزة. في الوقت الحالي، تتصاعد الأسعار مجدداً لتضع ضغوطاً أكبر على عاتق مُصنعي السيارات.
قفزت أسعار كربونات الليثيوم إلى رقم قياسي جديد بلغ 500.500 يوان صيني (ما يعادل 71,315 دولار أميركي) للطن في الصين، وفقاً لبيانات شركة "إيشان ميتال" (Asian Metal). وارتفع سعر المادة الخام المستخدمة في صناعة البطاريات ثلاثة أضعاف تقريباً خلال العام الماضي، كما يعد السعر أعلى 1150% مقارنة بأدنى نقطة وصل لها خلال أزمة جائحة كورونا في يوليو 2020. بدأت أسعار هيدروكسيد الليثيوم أيضاً في الارتفاع، وتقترب من أعلى مستوى لها على الإطلاق، الذي سجلته في أبريل الماضي.
تُفاقم الزيادات المرتقبة في الأسعار الضغط الذي يتعرض له مُصنعو البطاريات ومُنتجو السيارات، ما يؤدي بالفعل إلى تضاؤل الأرباح، ودفع بعض الموردين إلى زيادة أسعارهم الخاصة.
تقييم جديد
في وقت سابق هذا الشهر، قالت وحدة تصنيع بطاريات تابعة لشركة "غانفنغ ليثيوم كو" (Ganfeng Lithium Co)، وهي أكبر شركة صينية لتوريد الليثيوم، إنها تعيد تقييم أسعارها. توفر الوحدة البطاريات الصغيرة المُستخدمة في المنتجات القابلة للارتداء وسماعات الأذن لشركات مثل "شاومي".
قال ستيفن فنغ، المدير المالي لشركة "نيو" (Nio) لإنتاج السيارات الكهربائية، ومقرها شنغهاي، مؤخراً للمستثمرين إن أسعار البطاريات الأعلى قلصت هوامش أرباح السيارات في الربع الثاني، وإنه من المتوقع استمرار الشكوك الخاصة بالأسعار.
مخالفة التوقعات
يخشى القطاع خلال الأشهر المقبلة مشاكل مثل إمدادات الكهرباء في الصين، التي لا تزال مركزاً رئيسياً لإنتاج خلايا الليثيوم-أيون (lithium-ion) والمواد الخام للبطاريات، خلال موسم التدفئة في الشتاء. تسببت انقطاعات الكهرباء في إقليم سيتشوان، الذي يحتضن أكثر من 20% من سعة تكرير الليثيوم بالصين، في تقلص الإنتاج، وزيادة محدودية العرض بالسوق.
اقرأ أيضا: "تويوتا" و"CATL" لصناعة البطاريات تغلقان مصانعهما في سيتشوان مع تفاقم أزمة الطاقة
يواصل العرض التخلف عن التوقعات المتزايدة للطلب على السيارات. وتتوقع جمعية سيارات الركاب في الصين ارتفاعاً قياسياً لمبيعات السيارات الكهربائية بأكبر سوق عالمية، لتصل بذلك إلى مستوى قياسي قدره 6 ملايين وحدة خلال العام الجاري، أي ضعف إجمالي 2021. في الوقت نفسه، يكافح منتجو السلع الرئيسية من أجل تشغيل مشروعات جديدة، وتأمين تمويل اعتماد التطوير المستقبلي.
قال غيلبرتو أنطونياتزي، المدير المالي لشركة "ليفنت" (Livent) للمواد الخام، في مؤتمر هذا الشهر، إن "الكثير من صنّاع الأدوات الأصلية ومنتجي البطاريات خاب ظنهم وشعروا بالخذلان من جانب المنتجين والموردين الجدد في قطاع الليثيوم" خلال الأشهر القليلة الماضية.
احتواء المخاوف
وفقاً لوزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية، دفعت مخاوف جديدة بشأن العرض، وتوقعات الأسعار، السلطات الصينية إلى عقد اجتماع جديد الأسبوع الماضي ضم شركات تعدين الليثيوم، ومصافي التكرير، ومجموعات أخرى تعمل في القطاع.
طلب مسؤولون من كبرى الشركات ضمان ألا ترتفع الأسعار كثيراً عن تكلفة الإنتاج، وحثوا المستهلكين على عقد اتفاقيات طويلة الأجل. ستساهم الصين أيضاً في تعدين الليثيوم، واستقرار الواردات، والتشجيع على إعادة تدوير المواد الخام، بحسب الوزارة.
اقرأ أيضاً: كم طناً من الليثيوم يحتاج العالم في المستقبل؟
كتبت شركة "دايوا كابيتال ماركتس" (Daiwa Capital Markets)، في مذكرة، يوم الجمعة، أنه على عكس تدخل سابق تسبب في وقف ارتفاع أسعار الليثيوم مارس الماضي، من المرجح ألا يكون للسلطات دور هذه المرة، "إلا إذا أُدخلت إجراءات ملموسة بشكل أوضح للتحكم في السعر".
تطلعات مستقبلية
يتوقع الموردون العالميون أن تستمر مسيرة صعود أسعار الليثيوم، مشيرين إلى أن المواد الخام ستظل عقبة لصناعة السيارات الكهربائية.
اقرأ أيضاً: "تسلا" تُؤمِّن معادن البطاريات بصفقات صينية طويلة الأجل
تتوقع شركة "سوك. كويميكا آند ماينرز دو تشيلي" (Soc. Quimica & Minera de Chile)، ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم، "سوقاً محدودة للغاية" لليثيوم في الأعوام المقبلة، بحسب عرض للمستثمرين في نيويورك الأسبوع الماضي. ومن المرجح أن ترتفع الأسعار قليلاً في الربع الجاري مقارنة بالأشهر الثلاثة الماضية، وأن تظل مرتفعة حتى نهاية العام.
قال كريس إليسون، المدير الإداري لشركة "مينيرال ريسورسز" (Mineral Resources Ltd.)، التي تورد المواد الخام لليثيوم للمشروعات في أستراليا، إن إنتاج الليثيوم قد لا يتماشى مع الطلب عليه حتى نهاية العقد الجاري، واختتم: "نواجه حالياً عجزاً في العرض، ويبدو أنه سيستمر حتى 2030 على الأقل".