الاتحاد الأوروبي يخطط لتدخل طارئ لوقف تصاعد أسعار الكهرباء

يعتزم الاتحاد الأوروبي اتخاذ تدابير عاجلة للحد من ارتفاع أسعار الكهرباء المتسارع ووضع مقترحات لإصلاح سوق الكهرباء، بحسب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.

قالت فون دير لاين، التي تترأس الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، يوم الإثنين في خطاب ألقته أثناء قمة بليد الاستراتيجية في سلوفينيا: "إن صعود أسعار الكهرباء بسرعة الصاروخ يكشف حالياً، لأسباب متباينة، القيود المفروضة على مخططنا لسوق الكهرباء في الوقت الحاضر".

أضافت: "سبق تطوير السوق وسط ظروف مختلفة تماماً ولأغراض مغايرة للغاية، ولهذا السبب نعمل حالياً على التوصل لتدخل طارئ وإجراء إصلاح هيكلي لسوق الكهرباء".

سقف الأسعار

رفعت الزيادة غير المسبوقة في أسعار الكهرباء، التي صعدت لما يقارب 10 أضعاف السنة الماضية، معدل التضخم وفاقمت العبء الاقتصادي بصورة هائلة على الشركات والأسر التي بدأت تتعافى من وباء كورونا.

يطالب عددٌ متنامٍ من البلدان الأعضاء بوضع سقف للأسعار، وستعقد جمهورية التشيك، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، اجتماعاً استثنائياً لوزراء الطاقة في 9 سبتمبر المقبل.

ما زال الشكل المحدد لخطة تدخل الاتحاد الأوروبي تحت التطوير، وقال دبلوماسيون من التكتل الأوروبي إن المفوضية قد تعرض خطة مفصلة في أقرب وقت من الأسبوع الحالي.

بيّنت مسودة لوثيقة داخلية خاصة بالاتحاد الأوروبي اطلعت عليها بلومبرغ نيوز في وقت سابق من السنة الحالية أن المفوضية تفكر في خيار وضع حد أقصى لأسعار الغاز للابتعاد عن التكاليف "العالية بصورة غير محتملة" إذا كانت روسيا تقيّد التدفقات أو تخفّضها بطريقة هائلة. سيكون طرح حد أقصى تنظيمي للسعر في حالة الطوارئ لمدة محددة ويتعين استخدام سعر السوق لأطول فترة ممكنة.

يُعدّ أحد الاحتمالات هو تقييد عملية تشكيل الأسعار أثناء سيناريو حدوث اضطرابات عبر وضع السعر في بورصات الغاز الأوروبية، لكن الوثيقة كشفت أن مثل هذا السقف للسعر يمكن بصفة عامة توفيره بأساليب مختلفة ويمكن أن يتدخل على مستويات متباينة خاصة بسلسلة قيمة الغاز.

أسواق متقلبة

مع تقليص روسيا لإمدادات الغاز عمليات انقطاع الخدمة بمحطات توليد الكهرباء، ما يفاقم تراجع الإمدادات، يتصاعد الضغط على قادة الاتحاد الأوروبي للتحرك بسرعة أو يخاطرون بحدوث قلاقل اجتماعية واضطربات سياسية.

هبطت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا يوم الإثنين بأكبر قدر منذ مارس الماضي عقب إعلان ألمانيا أن مخازن الغاز لديها تمتلئ بصورة أسرع مما كان مخططاً له. انخفضت أسعار العقود الآجلة القياسية للشهر التالي في هولندا بما يصل إلى 21%، لتقلب جزئياً قفزة الأسبوع المنصرم بنسبة 40% تقريباً.

كما أن تنامي الأسعار والنقص في عمليات التسليم الروسية يمارسان ضغطاً لا مثيل له على بعض شركات الكهرباء. قالت شركة المرافق الألمانية "يونيبر" (Uniper SE) يوم الاثنين إنها طلبت 4 مليارات يورو إضافية (يعادل 4 مليارات دولار) من بنك "كيه أف دبليو" (KfW) الألماني المملوك للدولة بعد استهلاك حد الائتمان الحالي بالكامل والذي يبلغ 9 مليارات يورو. يقترب هذا التمويل الإضافي من ضعف قيمته السوقية الراهنة.

قالت شركة "يوروبين إنرجي إكستشينج" (European Energy Exchange) أيضاً إن المضاربين يحتاجون لدعم حكومي أكثر لضمان عمليات الشراء والبيع الخاصة بهم، خاصة مع الأخذ في الاعتبار الأسواق المتقلبة بصورة استثنائية. قفزت أسعار الكهرباء للسنة المقبلة لتتجاوز ألف يورو لكل ميغاواط/ ساعة في وقت سابق يوم الإثنين، قبل أن تتراج بما يزيد على 20% في "يوروبين إنرجي إكستشينج"، أكبر سوق في أوروبا لتداول عقود الكهرباء.

البحث عن الإجماع

على صعيد الاتحاد الأوروبي، يحاول رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا الحصول على دعم لخطته لوضع سقف للأسعار وناقشها مع المستشار الألماني أولاف شولتس أثناء محادثات ثنائية في براغ يوم الإثنين.

أعرب شولتس للصحفيين في مؤتمر صحفي مشترك عن امتنانه للاقتراح التشيكي الخاص بوضع سقف للسعر وأشار إلى ثقته في أن الاتحاد الأوروبي سيتوصل لاتفاق بسرعة.

أوضح شولتس: "سنفحص بعناية بالغة الأدوات التي نمتلكها والتي نستطيع استخدامها للحد من أسعار الكهرباء ولا يوجد شيء يمكن حدوثه بطريقة عشوائية، بل يتعين أن يعمل وفق منطق فني، لكن يبدو جلياً أن ما جرى وضعه حالياً كسعر سوق لا يُعدّ انعكاساً واقعياً للعرض والطلب".

قال فيالا إن الرئاسة التشيكية ستحاول الوصول إلى حل قبل اجتماع وزراء الطاقة المقرر عقده في 9 سبتمبر ببروكسل.

قال للصحفيين "عموماً، ربما أستطيع القول، كمثال، أن فصل أسعار الكهرباء عن تكلفة الغاز هو أحد المسارات التي يمكننا دراستها".

أسعار الغاز

قال وزير الصناعة والتجارة التشيكي جوزيف سيكيلا في وقت سابق يوم الإثنين إن المسؤولين التشيك يقترحون وضع سقف لأسعار الغاز الطبيعي المستعمل في توليد الكهرباء.

أضاف سيكيلا: "ربما نترك مسألة حقوق الانبعاثات مفتوحة، على غرار ما قامت به بعض الدول الأعضاء الأخرى في الماضي، والتي تشكّل أيضاً قدراً كبيراً من السعر الإجمالي".

استطرد: "ربما نترك مسألة التنظيم العام للسوق مفتوحة وكذلك الفصل التام للأسعار، بينما حذّر من أن التكتل الموحد لا يستطيع التدخل كثيراً في السوق أو في زيادة حدة المضاربة".

جاء في نص تغريدته:

عقب عطلة نهاية أسبوع مليئة بالمفاوضات، أستطيع أن أعلن أنني سأعقد اجتماعاً استثنائيًا لـ"مجلس الطاقة". سنجتمع في بروكسل في 9 سبتمبر المقبل.

يتعيّن علينا إصلاح سوق الطاقة. التوصل لحل على مستوى الاتحاد الأوروبي هو أفضل ما نمتلك إلى حد كبير.

تدابير حكومية

خصصت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالفعل نحو 280 مليار يورو (يعادل 279 مليار دولار) ضمن إجراءات مثل التخفيضات الضريبية والإعانات لتخفيف معاناة صعود أسعار الطاقة للشركات والمستهلكين، لكن المساعدات عرضة لخطر أن تكون ضئيلة بالنسبة لحجم الأزمة.

شرعت الحكومات أيضاً في تقليص استهلاك الطاقة، ليتم حظر الإضاءة الخارجية للمباني في ألمانيا وتخفيض درجات حرارة التدفئة الداخلية، من أجل تحقيق هدف الاتحاد الأوروبي الطوعي بالحد من الطلب على الغاز 15%.

قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو يوم الإثنين إن وقت تحرك الاتحاد الأوروبي قد حان.

قال دي كرو في مؤتمر للطاقة في ستافانغر بالنرويج: "أعتقد فعلاً أنه يتوجب علينا التدخل لأن تكلفة حالة عدم اليقين هذه تصبح غير معقولة بالفعل، وأعتقد أنه يتعين علينا أن نتدخل ومن خلال بلدي كنا ننادي بوضع سقف لأسعار سوق الغاز وأسعار سوق الجملة لمدة طويلة. يُعتبر هذا حلاً قصير المدى، وبمثابة تدخل مؤقت".

ردّت فرنسا الأسبوع الماضي بصورة مريبة على فكرة وضع حدود لأسعار الطاقة، قائلة إن موقفها مختلف عن الدول الأوروبية الأخرى بفضل التدابير الحكومية التي تقدم حماية ضد التضخم.