بلومبرغ
تقوم شركة "تويوتا موتور" و"كونتيمبوريري أمبيريكس تكنولوجي" (CATL) وهي أكبر صانعة للبطاريات في العالم، بإغلاق مصانعهما في مقاطعة سيتشوان الصينية في ظل تفاقم أزمة الطاقة الناجمة عن الجفاف.
فقد أغلقت شركة صناعة السيارات اليابانية مصنعاً في مدينة تشنغدو، وستبقى عملياتها معلّقة حتى 20 أغسطس، وفقاً لمتحدث باسم الشركة. فيما أوقفت "كونتيمبوريري أمبيريكس" الأعمال في قاعدتها الرئيسية لبطاريات الليثيوم في مدينة ييبين حتى التاريخ نفسه، بحسب
ما أفادت نشرة الأعمال التجارية المحلية.
سيتشوان والطاقة النظيفة
سيتشوان، وهي إحدى مقاطعات الصين الأكثر اكتظاظاً بالسكان، تعتمد بشكل كبير على الطاقة الكهرومائية، وهذا يجعلها أكثر تأثراً بشكل خاص لموجتي الحر والجفاف اللتين تزيدان الطلب على أجهزة تكييف الهواء، وتساهمان أيضاً بجفاف الخزانات الواقعة خلف السدود المائية. كما تعد سيتشوان مركز تصنيع رئيسي ومهم لإنتاج مواد مثل البولي سيليكون والليثيوم، التي تعد مهمة للتحوّل إلى الطاقة الخضراء.
أصبحت المقاطعة الجنوبية الغربية مركزاً رئيسياً للتنمية بالنسبة لصُنّاع البطاريات الذين يستهدفون الاستفادة من الطاقة الكهرومائية لخفض الانبعاثات الكربونية الصادرة عن عملياتهم الإنتاجية. وتستحوذ شركة "كونتيمبوريري أمبيريكس" على نحو 100 غيغاواط من القدرة الكهربائية الموجودة حالياً والمخطط لها في المقاطعة الصينية، وهي النسبة الأكبر للشركة بعد مقاطعة فوجيان، بحسب "بلومبرغ إن إي إف".
نقص الطاقة
تُضاف عمليات إغلاق مصانع الشركتين إلى العدد المتزايد من الإغلاقات في عدة صناعات بدءاً من الألواح الشمسية حتى صهر الألومنيوم. فقد قالت شركة "فولكس واجن" مؤخراً إنَّ مصنعها في تشنغدو يتأثر بنقص الطاقة، لكنَّها لا تتوقَّع سوى تأخيرات طفيفة في عمليات التسليم للعملاء. بينما قالت شركة "فوكسكون تكنولوجي" (Foxconn)، التي تصنّع أجهزة "أيباد" شركة "أبل" في المقاطعة، إنَّ الجفاف لم يؤثر عليها سوى بشكل محدود حتى الآن.
تعليقاً، قالت شيوري هاشيموتو، المتحدثة باسم شركة "تويوتا"، إنَّ الحكومة المحلية أصدرت تعليمات للمصانع بتعليق الأنشطة حتى 20 أغسطس. يذكر أنَّ مصنع "تويوتا" في تشنغدو ينتج حوالي 30 ألف سيارة سنوياً منها سيارات "لاندكروزر برادو"، وفقاً للموقع الإلكتروني للشركة. في حين لم ترد "كونتيمبوريري أمبيريكس" فوراً على طلب التعليق عبر البريد الإلكتروني.
من جهة أخرى، تواجه مناطق أخرى في الصين قيود الإنتاج على نطاق أصغر، إذ سيقتصر تأثير أزمة الطاقة الكبرى على الأرجح على سيتشوان بسبب اعتمادها الفريد على السدود في توليد الطاقة الكهربائية. ومع ذلك؛ فإنَّ هذا يترك منطقة تحتوي على عدد سكان يشبه ألمانيا وعلى اقتصاد أكبر من تركيا في مواجهة حالة تعليق الأعمال بمجموعة واسعة من المصانع لمدة أسبوع تقريباً.
وتعتمد مقاطعات صينية كثيرة أخرى بشكل أكثر على الفحم لتوليد الطاقة، كما أنَّ المولّدات في مناطق كثيرة باتت ممتلئة بالوقود فيما قبل فصل الصيف، حيث كان الإغلاق الوبائي قد خفّض الطلب. لكنَّ موجة الحر الأخيرة غيرّت الطلب، فقد ارتفع استهلاك الفحم في الأسبوعين الأولين من أغسطس بنسبة 15% عن العام السابق، بحسب ما أفادت وكالة التخطيط الحكومية العليا في البلاد يوم 17 أغسطس.
تأثير موجات الحر
كذلك، تؤدي الفيضانات في مقاطعة شانشي الشمالية، وهي أكبر منتج للفحم، إلى إغلاق المناجم، مما قد يؤثر على سوق الكهرباء الأوسع نطاقاً في حال استمرارها.
وصلت درجات الحرارة في تشنغدو إلى 38 درجة مئوية يوم 16 أغسطس بعد أن تجاوزت 40 درجة في بعض مناطق سيتشوان، مع ارتفاع نسبة الرطوبة أيضاً. وأفادت صحيفة "سيكيوريتيز تايمز" الصينية بأنَّ بعض المباني المكتبية في المدينة أوقفت تكييف الهواء مع تحول نقص الطاقة ليصبح أكثر حدة.
بالنسبة لداتشو، وهي مدينة رئيسية أخرى في سيتشوان، قد يكون استخدام السكان للطاقة محدوداً لساعتين ونصف الساعة إذا تعذر تخفيف الضغط على استخدام الكهرباء، بحسب ما أفادت شركة "داتشو إلكتريك باور" (Dazhou Electric Power) في بيان على حسابها على "وي شات".
إنتاج السلع
في الوقت نفسه، تعد سيتشوان منتجاً رئيسياً للأرز والذرة، وحذّر المركز الوطني للأرصاد في البلاد هذا الأسبوع من أنَّ الجفاف قد يلحق الضرر بالمحاصيل ويعيق النمو. واضطرت بعض شركات الأسمدة في المقاطعة أيضاً إلى وقف الإنتاج، مما زاد من اضطرابات الإمداد العالمية من المحاصيل الضرورية للحفاظ على الإمدادات الغذائية العالمية.
لا تقتصر موجة الحر على سيتشوان فقط؛ بل إنَّها تؤثر على حوض نهر اليانغتسي الأوسع نطاقاً. ويُتوقَّع هطول أمطار خفيفة إلى معتدلة فقط في الأسبوع المقبل، كما سيطلق سد الممرات الثلاثة، وهو الأكبر في العالم، في مقاطعة هوبي المجاورة، مياهاً أكثر في الأيام الخمسة المقبلة للمساعدة في تجديد الروافد الوسطى والدنيا لأكبر ممر مائي في الصين، بحسب وكالة أنباء "شينخوا" الحكومية.
تستحوذ سيتشوان على نحو 15% من إنتاج "البولي سيليكون" في الصين، وارتفع سعر المكوّن الرئيسي في الألواح الشمسية يوم 17 أغسطس، بحسب جمعية صناعة السيليكون الصينية.
تعليقاً على الأمر، قالت سوزان زو، المحللة في شركة "ريستاد إنرجي"، إنَّ سعر الليثيوم، المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية، سيرتفع على الأرجح أيضاً بسبب الجفاف.
وقال موقع "ميستيل" (Mysteel) في مذكرة صدرت هذا الأسبوع إنَّ انقطاع التيار الكهربائي أثر على أكثر من 70% من مصانع الصلب في سيتشوان، والتي إما أنَّها أوقفت إنتاجها أو بدأت في عملية التقنين. على سبيل المثال، فإنَّ شركة "هينان تشونغ فو إندستري" (Henan Zhongfu) التي تعمل في صهر الألمنيوم، أوقفت الإنتاج لمدة أسبوع لبعض وحدات الإنتاج في سيتشوان. وارتفع سعر الألمنيوم في الصين بنحو 3.5% منذ إغلاق الأسواق يوم 15 أغسطس.