بلومبرغ
ستضع مجموعة حديثة من قواعد الاتحاد الأوروبي، دخلت حيز النفاذ يوم الثلاثاء، ضغوطاً جديدة على مديري الأصول في سعيهم لتوجيه المستثمرين الأفراد العاديين بشأن تعقيدات الاستثمار المستدام.
تأتي التغييرات نتيجة لتعديل في مبدأ الأسواق التوجيهي للأدوات المالية (MiFID) عقب تنقيحه. ويتطلب ذلك من شركات إدارة الاستثمار والاستشارات المالية استيعاب "تفضيلات الاستدامة" للعملاء الأفراد والعمل بموجبها. بدورهم، يستطيع هؤلاء المستثمرون محاسبة شركات إدارة الأصول في حال كانت صناديق الاستثمار في مشروعات الحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية الخاصة بهم لا تلبي التوقعات، على سبيل المثال، بأنها ليست خضراء كما قد تظهر في بداية الأمر.
عملياً، لا يزال الكثيرون يساورهم القلق حيال غياب البيانات الدقيقة حول قضايا الحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية، وهو التحدي المتمثل في معرفة ما الذي يصنع استثمارات مستدامة، وحالة عدم اليقين تجاه طرق تطبيق القواعد الجديدة من قبل البلدان على نحو فردي. وحذر القطاع المالي في أوروبا، الذي ضغط لتأجيل تفعيل التعديل، من أنه سيتسبب في حدوث حالة "اضطراب هائلة" و"حالة عدم يقين من الناحية القانونية بصورة كبيرة".
مفهوم الاستدامة
قال بن ماكونيك، العضو المنتدب في شركة "لينكليترز" (Linklaters) للمحاماة: "سيكون تفسير ما يعنيه كل هذا عملياً للعملاء الذين لا يتمتعون بدراية بقواعد الاتحاد الأوروبي مسألة صعبة".
وفقاً للقواعد الحديثة، يُحدّد مفهوم الاستدامة عبر استعمال أجزاء أخرى من تشريعات الاتحاد الأوروبي على غرار التصنيف الأخضر ولائحة الإفصاح عن التمويل المستدام. وتواجه شركات الاستثمار بالفعل صعوبات في تطبيق مقاييس الاتحاد الأوروبي وتقييم استدامة بعض الاستثمارات.
قال ماتياس براير، مدير منتجات الحوكمة البيئية والمجتمعية لدى شركة "أف إي فاند إنفو" (FE Fundinfo)، إن الشركات المالية "في وضع صعب فعلاً لأنها ملتزمة بطرح هذه الأسئلة واقتراح الاستثمارات التي تتوافق مع متطلبات العميل فقط"، لكنهم لا يمتلكون البيانات المطلوبة حول الاستدامة في الوقت الراهن".
مهلة سنة
ينبع الاضطراب الناجم عن وجود أكثر من طريقة لتطبيق القواعد، من قبل الجهات التنظيمية الوطنية في التكتل الأوروبي. تُعتبر الرابطة الدولية لأسواق رأس المال، وهي مجموعة تجارية مالية، من بين أولئك الذين يدعون المسؤولين الأوروبيين إلى عدم منح أولوية للإجراءات الرقابية لمدة سنة على أقل تقدير.
قالت الجهة التنظيمية للسوق الفرنسية الممثلة في هيئة الأسواق المالية إن المتطلبات الجديدة لن تنطبق على شركات الاستشارات الاستثمارية الفرنسية حتى 2023. وذكرت الجهة الرقابية الهولندية، وهي الهيئة الهولندية للأسواق المالية، لـ"بلومبرغ"، إنه ربما يوجد "افتقار إلى الوضوح" فيما يتصل بالمنتجات المناسبة التي تتوافق مع تفضيلات العملاء الخاصة بالحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية.
صرّح متحدث باسم هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية لـ"بلومبرغ"، يوم الثلاثاء، قائلاً: "لم تصدر هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية أي تعليمات للمسؤولين الوطنيين المختصين فيما يتعلّق بمنح الأولوية لتفعيل اللائحة التنظيمية التفويضية لمبدأ الأسواق التوجيهي للأدوات المالية الثاني، والتي ستُطبّق اعتباراً من اليوم، وتشتغل حالياً هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية في تطوير الأدلة التوجيهية لتسهيل استيعاب المتطلبات الحديثة عبر كافة أنحاء الاتحاد الأوروبي".
العقبات
تتمثّل العقبة الأساسية في غياب بيانات قابلة للمقارنة. وأعلنت صناديق الاستثمار التي تحظي بأصول مماثلة عن تفاوت ضخم بالحدود الدنيا لمخصصات الاستثمارات المستدامة، وبرجع ذلك بالأساس إلى أن الدليل التوجيهي للجهات المنظمة يمكن تفسيره بأساليب مختلفة، بحسب تحليل حديث لشركة "مورنينغ ستار".
بالإضافة إلى ذلك، لم يقدم ما يصل إلى ثلث السوق أي بيانات تتعلق بالاستدامة، بحسب "أف إي فاند إنفو". وتملأ صناديق الاستثمار نماذج معايرة للقطاع تشتمل على ما يبلغ 600 خانة مختلفة.
قال هورتنس بيوي، مدير الوحدة العالمية للبحوث المستدامة في "مورنينغ ستار": "سيتعطل عمل شركة الاستشارات فقط لحقيقة أن صناديق عديدة لم تبلغ عن المعلومات المطلوبة حتى الآن أو أبلغت عن عدم حيازتها لأي استثمارات مستدامة".
يأتي مطلب مبدأ الأسواق التوجيهي للأدوات المالية الحديث في وقت يتعرض فيه تيار الاستثمار بمشروعات الحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية لانتقادات من قبل جهات كثيرة. ووصفها أعضاء بالحزب الجمهوري بأنها أداة من أدوات "صحوة" اليسار. وفي هذه الأثناء، أشار بعض كاشفي المخالفات إلى أن الحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية، وفقاً لممارسة التيار السائد، عبارة عن عملية ترويجية أكثر منها تبني تحرك.